لا أسرار بعد اليوم: إيران تلمّح إلى قدرتها على صناعة قنبلة نووية

لا أسرار بعد اليوم: إيران تلمّح إلى قدرتها على صناعة قنبلة نووية

طهران – يتحدث المسؤولون الإيرانيون الآن بصراحة عما كانت بلادهم قد أنكرته لسنوات وهو أنها قد خصبت اليورانيوم إلى مستويات تمكنها من صنع القنبلة النووية متى أرادت ذلك.

وفيما يرى البعض أن تصريحات هؤلاء المسؤولين قد يكون الهدف منها الحصول على المزيد من التنازلات الأميركية، فإن محللين يحذّرون من أن إيران يمكن أن تصل فعلا إلى نقطة اللاعودة مثلما فعلت كوريا الشمالية قبل حوالي 20 عاما حين قررت أن السلاح النهائي يفوق أيّ عقوبات دولية أخرى.

وباشر المفاوضون المكلفون بالملف النووي الإيراني لقاءات غير رسمية في فيينا الخميس بعد توقف استمر لأشهر في محاولة لإحياء الاتفاق النووي ووقف الإجراءات الإيرانية التصعيدية التي تلوح بالمزيد من التخصيب.

كمال خرازي: إيران لديها السبل لصنع قنبلة نووية ولم تتخذ القرار بعد

وللمرة الأولى منذ مارس الماضي تلتقي الأطراف التي لا تزال منضوية في هذا الاتفاق وهي إيران وروسيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا بمشاركة غير مباشرة للولايات المتحدة من أجل إحياء اتفاق 2015 الذي من شأنه الحؤول دون امتلاك طهران للسلاح النووي.

وترى إيللي جيرانمايه المحللة في المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية أنه من “غير المرجح” التوصل إلى حل سريع للنزاعات، لكنها تعتقد أن “اختراقا” قد يكون ممكنا. وبغض النظر عن المبالغة، فإن اللغة تمثل تصعيدا لفظيا واضحا من طهران.

وقال رئيس المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية الإيراني كمال خرازي لقناة الجزيرة في يوليو الماضي “خلال أيام قليلة تمكنا من تخصيب اليورانيوم لما يصل إلى 60 في المئة ويمكننا بسهولة إنتاج يورانيوم مخصب لنسبة 90 في المئة… إيران لديها السبل الفنية لصنع قنبلة نووية لكنها لم تتخذ بعد قرار صنعها”.

وكتب عطاء الله مهاجراني، الذي كان وزير الثقافة في عهد الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي، في صحيفة “اعتماد” الإيرانية اليومية أن إعلان خرازي أن إيران تستطيع صنع سلاح نووي قدّم “درسا أخلاقيا” لإسرائيل والرئيس جو بايدن.

كما أدلى رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي بتعليقه الخاص حول الجانب العسكري المحتمل لبرنامج إيران. ونقلت عنه وكالة فارس شبه الرسمية للأنباء تصريحه التالي “كما ذكر خرازي، تمتلك إيران القدرة التقنية على صنع قنبلة نووية، لكن هذه الخطة ليست على جدول الأعمال”.

وقالت منظمة الطاقة الذرية في وقت لاحق إن التصريح أسيء فهمه وتقديره. وكانت هذه إشارة إلى أن النظام الإيراني لا يريد أن يقدّم تفاصيل كثيرة عن برنامجه.

ويحمل تهديد محمد إسلامي وزنا أكبر من تصريحات الآخرين لأنه عمل بشكل مباشر مع وكالات الدفاع الإيرانية المرتبطة بالبرنامج النووي العسكري الإيراني، بما في ذلك تلك التي عملت سرا على بناء أجهزة طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم بمساعدة العالم النووي الباكستاني الراحل عبدالقدير خان.

واعتبارا من آخر إحصاء عام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، تمتلك إيران مخزونا من اليورانيوم المخصب يبلغ حوالي 3800 كيلوغرام.

والأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة إلى الخبراء هو أن إيران تعمل الآن على تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60 في المئة، وهو مستوى لم تصل إليه من قبل ويقرّبها إلى الـ90 في المئة.

ويحذر هؤلاء من أن لإيران ما يكفي من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة لإعادة معالجته وتحويله إلى وقود لصنع قنبلة نووية واحدة على الأقل.

كيلوغرام من اليورانيوم المخصب تملكه إيران وفق إحصاء عام للوكالة الدولية للطاقة الذرية

وأشار دبلوماسيون إيرانيون لسنوات إلى خطب المرشد الأعلى علي خامنئي على أنها فتاوى تلتزم إيران بمقتضاها بعدم صنع قنبلة نووية. لكن ذلك قد لا يكون سوى مناورة لتبديد الضغوط الأميركية.

وقال خامنئي في خطاب ألقاه في نوفمبر 2006 حسب نص من مكتبه “لسنا بحاجة إلى قنابل نووية. ليس لدينا نية لاستخدام قنبلة نووية”.

ما يهم في الوقت الحالي أن إيران يبدو أنها ستستمر في السير نحو التهديد النووي. كما يبدو أن الرأي العام الإيراني يتغير أيضا نحو التشدد.

ويشير استطلاع أجرته في يوليو شركة “إيران بول” ومقرها تورنتو إلى أن حوالي ثلث الجمهور الإيراني يدعم الآن التخلي عن معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية ومتابعة طريق صنع القنبلة. ووجد استطلاع للرأي أجري في سبتمبر 2021 أن أقل من واحد من كل 10 مشاركين يؤيد مثل هذه الخطوة.

وأكد مقطع فيديو نُشر مؤخرا على الإنترنت عبر حساب يُعتقد أنه مرتبط بالحرس الثوري الإيراني أن إيران “على بعد خطوة واحدة من اختراق نووي والانضمام إلى دول أخرى لديها أسلحة نووية”. وكان عنوان الفيديو “متى تستيقظ قنابل إيران النووية من سباتها؟“.

العرب