قبل اكثر من عام ونصف العام وعلى مرأى العالم قامت روسيا بضم شبه جزيرة القرم والتي تعتبر اراضي اوكرانية ،يومها قام العالم اجمع باستنكار عمل روسيا وتبع ذلك فرض عقوبات أوروبية وامريكية على موسكو ومازالت الى اليوم.
وجاء رد الولايات المتحدة على احتلال روسيا لشبه جزيرة القرم بأنها ستقف بحزم مع المجتمع الدولي للتأكيد على أن أي انتهاك لسيادة أوكرانيا سيكون له ثمن”، ومع ذلك نرى ان الرد الاميركي والغربي عموما كان فاترا وغير مسؤول فيما يتعلق بالهجمات الروسية في سوريا .
في يوم الأربعاء 30 أيلول / سبتمبر أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن طيرانها الحربي نفذ 20 غارة جوية في الاراضي السورية ضد مواقع لتنظيم الدولة “داعش” على حد زعمها .
لكن يرى الخبراء ان الامر قد يتحول الى شبه صفقة اميركية روسية تقضي بتخفيف العقوبات على الاخيرة عند حلول موعد تجديدها فى ديسمبر المقبل. مقابل إخراج حل سياسي في سوريا طبعا مع الاخذ بعين الاعتبار مصالح موسكو وإيجاد مجال حيوي لموسكو يمتد الى البحر الأبيض المتوسط .
جاء في البند السابع من ميثاق الامم المتحدة “إذا ما قرر مجلس الأمن وجود تهديد للسلام أو انتهاك له أو عمل من أعمال العدوان, فسوف يصدر توصيات أو يقرر اتخاذ التدابير للحفاظ على السلام والأمن الدوليين أو إعادتهما (1). وقد تكون هذه التدابير هي المنصوص عليها في المادة 41 ” التي لا تتضمن استخدام القوة المسلحة ” , مثل العقوبات الاقتصادية, أو التدابير الواردة في المادة 42 والتي تتضمن ” الأعمال العسكرية التي تمليها الضرورة للحفاظ على السلام والأمن الدوليين أو إعادتهما ” .
لكن اليوم روسيا انتهكت ميثاق الامم المتحدة بشكل صريح وواضح باستخدام طيرانها الحربي ضد موقع على الاراضي السورية بالرغم من ان ليس هناك رابط جغرافي او ديموغرافي يبرر لروسيا القيام بهذا العدوان .
قد يقول قائل بأن لروسيا مصالح اقتصادية او سياسية وهنا تتسع دائرة الخطر فالقول بأن المصالح الاقتصادية او السياسية لدولة ما في دولة اخرى يتيح لها استخدام القوة وانتهاك سيادة تلك الدولة هو ضرب من الفوضى وتحطيم لكل مفاهيم التنظيم الدولي ولا نقول انها سابقة بل سبقت الى ذلك الولايات المتحدة باحتلالها العراق عام 2003 تحت ذرائع تم كشف زيفها لاحقا.
ماهي التجاوزات التي قامت بها روسيا في سوريا؟ :.
في سعيها لتنفيذ اجندة قامت الهجمات الروسية في سوريا بتسجيل العديد من الاعمال المخالفة للقانون الدولي وهي جميعها تستوجب ايقاف هذا العدوان على السوريين ومنها :
• ارتكاب مجازر بحق المدنيين وتدمير البنية التحتية استمرارا لمجاز نظام الاسد .
• تنفيذ قصف عشوائي للأهداف، يتسبب بمقتل مدنيين أبرياء.
• تأجيج الحرب في سوريا وتعقيد الحل.
• تحويل المنطقة الى ساحة حرب قد تمتد اثارها الى دول اخرى .
• ايجاد مجال حيوي لموسكو يصل الى البحر الابيض المتوسط .
• تعزيز الوجود الإيراني في سوريا وايجاد غطاء للمجاز التي تقوم بها المليشيات التابعة لطهران .
• السعي للقضاء على المعارضة السورية من خلال الاعلان ان الهدف للهجمات هو القضاء على تنظيم داعش الارهابي .
اللجوء إلى العقوبات الآن, من الادوات الرئيسية المستخدمة في رد المجتمع الدولي على الأوضاع التي تنطوي على عنف أو خطر العنف. وهذا يعني أن نظم العقوبات ينبغي أن تصاغ بطريقة لا تمثل خطرا على حياة سكان الدولة المستهدفة ، فهل سنرى رد غربي على العدوان الروسي في سوريا على المواطنين الابرياء العزل؟ ام سنرى استمرار واشنطن والغرب في سياسة الكيل بمكيالين في التعامل مع الوضع في سوريا؟ ناهيك عن المصالح الجيوسياسية والتي سنفرد لها مقال في مقبل الايام .
ختاما ،لا يبدو الوضع في سوريا يتجه نحو الحل، بل على العكس تماما فوجود المقاتلات الروسية يعني بالضرورة ايجاد جبهة وجماعات معارضة لهذا الوجود بحيث تصبح سوريا وربما سنشهد في مقبل الايام تشكل جماعات جديدة مناهضة هذه المرة للاحتلال الروسي لسوريا على غرار ما حصل في افغانستان في ثمانينيات القرن الماضي .
عامر العمران
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية