مدينة الموصل من المدن التاريخية الحضارية تمثل مكانة كبيرة في موقعها وأهميتها السياسية والاقتصادية فهي ثاني مدن العراق وتتمتع بموقع جغرافي يصل بين سورية وتركيا وتحظى بأهمية اقتصادية ومارست عبر التاريخ دورا مهما ورئيسيا في عملية التطور والتقدم والنمو في كافة مجالات الحياة والبناء والاعمار وأتسمت بالشجاعة والاقدام والدفاع عن حياض البلاد أمام كافة حملات الغزو الاستعماري الذي طال المدينة وباقي مدن العراق .
هي تعبر عن تاريخ حضاري كبير يحتوي عبق الحضارات العراقية وعبق الحضارة الاسلامية والعربية فتراها تحتضن في أروقتها وأزقتها وملامحها صور البناء المعبر عن التاريخ الحيوي لهذه المدينة الكبيرة بتاريخها وعمقها في الحياة الانسانية ، وتتميز بأنها وعاء لجميع الأديان والطوائف والقوميات والأقليات وبنسيج اجتماعي متماسك أساسه رووح المحبة والتسامح والألفة والأخاء بين أبناءها ، ولهذه المعاني الانسانية العظيمة استهدفت المدينة في السنوات الماضية من قبل عصابات داعش الارهابية وضمن مشروع اقليمي سياسي أدى الى تحطيم البنى التحتية للمدينة وهدم معالمها الحضارية وشواهدها التاريخية ونزوح الألأف من أبناءها الى معسكرات النازحين تاركين دورهم المهدمة ومزارعهم وحقولهم المحترقة وأسواقهم ومتاجرهم المحطمة واستشهاد الألأف من المواطنين الابرياء المدنيين العزل الذين بقوا في دورهم واصبحوا جثثا تحت الأنقاض .
هذا التاريخ الحيوي الكبير والمكانة الرفيعة لمدينة الموصل وللروح الأبية التي يتحلى بها أبناءها وللفهم والإدراك الواعي من قبل السيد محمد الحلبوسي رئيس مجلس النواب العراقي جاءت زيارته الميدانية لمحافظة نينوى في 27 تموز 2021 والتي شكلت انعطافة واسعة في علاقة المسؤول الحريص على مشاركة ابناء بلده بمعاناتهم وتواجده بينهم وتحسس حقيقة الأوجاع التي يعانون منها بعد سبع سنوات من الاهمال والضياع والتعسف الاجتماعي وترك المدينة واهلها لقدرهم دون مراعاة لهم والعمل على رفع الحيف والظلم الذي وقع عليهم ، فعكست الزيارة الصورة الحية التي أعطت المفهوم الصائب للتواصل بين المسؤول وابناء الشعب والفهم المتبادل بينهما وصولا الى الالتصاق الوجداني الذي يحقق الغاية الأساسية من معرفة متطابات وغايات المواطن وسعيه لحياة كريمة تحفظ مكانته وتصون عزته وكرامته .
أعطت الزيارة مفهوما انسانيا في الحضور الميداني وتنفيذ ما قاله السيد الحلبوسي في عدة مناسبات في دعمه لأهالي المدينة الذين سئموا الوعود الحكومية والأحاديث الفارغة التي أطلقها العديد من المسؤولين في الحكومات المتعاقبة وأعادت هذه اللقاءات روح التفاؤل والأمل في نفوس المواطنين باستعادة عافية وسلامة مدينتهم والشروع بعمليات البناء والاعمار ومعالجة السلبيات والأزمات التي تعاني منها محافظة نينوى ومركزها مدينة الموصل في جميع النواحي الاقتصادية والاجتماعية ..
تجول رئيس مجلس النواب في العديد من الأماكن والمناطق والأحياء التي طالتها العمليات العسكرية والقصف الجوي والصواريخ الموجهة وقنابل الهاون في مواجهة عصابات داعش والتي أدت الى هدم البيوت وقصف المستشفيا والمدارس والجسور والمساجد والكنائس وأصبحت صور الخراب شاهدة على مأساة مدينة وحياة شعب ، فكانت الالتفاتة الواعية بالاجتماع الموسع مع لجنة اعمار المدينة وتذليل الصعاب واعطاء الأولوية في تحريك عمليات البناء واعادة الحياة لهذه المناطق والمشاريع الحيوية وتفعيل الأدوات الميدانية لتقديم أفضل الخدمات الصحية والتعليمية وتشجيع عمليات الاستثمار ودعم السياحة في محافظة نينوى والإرتقاء بالعمل بما يوازي تضحيات ابناءها واستحضار جميع الأمكانيات الحكومية في انشاء المشاريع التنموية والبدأ بعودة الحياة بجمالها ورونقها وبهاءها لمدينة أم الربيعين .
منحت الزيارة أفاق واسعة في طبيعة التواجد الميداني الذي لم تحظى به مدينة الموصل من أي مسؤول في الدولة وبالاهتمام الحقيقي بالوقوف على مجريات الأعمال واعادة الاعمار ومشاركة المواطنين في اعمالهم وتواجدهم في الساحات والمنتزهات والحدائق العامة ولأيام عديدة والذي تأتى من ادراك واسع وعمق تاريخي لمدينة الحضارة والانبياء والصالحين والعلم والمعرفة والشعراء والأدباء والقادة والمفكرين .
وحدة الدراسات العراقية