ضربت حركة انشقاقات عاصفة، حركة النهضة الإخوانية في تونس، على وقع خلافات وانقسامات حادة بين قياداتها بلغت ذروتها عقب قرارات الرئيس التونسي التصحيحية يوم 25 يوليو الماضي.
واضطر راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، مساء السبت لتأجيل اجتماع مجلس شورى النهضة، الذي يمثل أعلى سلطة في الحزب إلى أجل غير مسمى، بسبب الانقسامات الحادة التي يشهدها التنظيم والمطالبات الصريحة بإقالة الغنوشي.
وقالت مصادر من داخل الحركة إن “الغنوشي أرجأ الاجتماع الذي كان مقررا السبت قبل ساعة فقط من موعد الانعقاد بعد علمه أن العشرات من أعضاء الحزب الشبان وبعض زعمائه ومن بينهم برلمانيون طالبوا الغنوشي بالاستقالة.
وبالتزامن مع غليان داخلي وحصار سياسي لحركة النهضة قدم عدد من قياداتها استقالاتهم، أبرزهم محمد النوري القيادي بالحركة وعضو مجلس الشورى العام. وعلى إثر ذلك، قام رئيس مجلس شورى النهضة، عبدالكريم الهاروني، بتأجيل الدورة التي دعا إليها 80 عضوا من الشورى وتم إقرارها بالأغلبية في المكتب، وفق ما ذكره موقع موازييك الإخباري التونسي.
ويقول المحلل السياسي التونسي نزار جليدي إن الأحداث المتصاعدة في تونس على مدار الأيام القليلة الماضية أعادت إلى قيادات النهضة مواقف الخلاف القديم ووقائع الغدر التاريخية من جانب راشد الغنوشي الذي ترك رجاله وقت الأزمة في تونس وفر هاربا إلى بريطانيا تاركا الجميع في السجون في عام 1987.
وفي تصريح لـ” سكاي نيوز عربية” يؤكد جليدي أن الأحداث قد جددت الخلاف القائم بالفعل منذ عدة شهور بين إخوان الداخل والخارج، مشيرا إلى أن عناصر التنظيم الدولي يدعمون الغنوشي لأنه واحد من الحوافز المالية للتنظيم، ولكن عناصر حركة النهضة يرفضون تماما استمراره في رئاستها.
وأوضح جليدي أن قيادات الداخل قد عبروا عن غضبهم تجاه الغنوشي، عندما طالبه أكثر من 100 قيادي منهم برلمانيون لتقديم استقالته قبل 4 أشهر، فيما عرف باسم بيان المائة، ثم تبرأ لطفي زيتون وهو أحد أبرز القيادات داخل الحركة، من نشاطها وكان الغنوشي وأعلن عن ذلك.
وتشهد الحركة خلافات حادة بين قياداتها انعكست على تصريحات القيادي سمير ديلو الذي رفض دعوات الغنوشي للاحتشاد بالشارع، وطالب النهضة بضرورة الاعتراف بمسؤوليتها عن تردي الأوضاع في البلاد، والإقرار بالفشل أمام المواطنين، مهدداً باستقالته.
وقال ديلو “إنه من الضروري أن تعرف قيادات الحركة “حجمها بعدما حصل من متغيرات”، مضيفاً أنه ضد دعوة الغنوشي لأنصار الحركة للنزول إلى الشوارع. واعتبر أن اللجوء للعنف وتعريض حياة التونسيين للخطر ومواجهة قوات الأمن “خط أحمر”.
وأضاف ديلو: “فسرت موقفي أنا وقيادات أخرى في النهضة لرئيس الحركة راشد الغنوشي، لأن الأوضاع تغيرت، لكن هناك من اتهمني برغبتي في الحصول على منصب الغنوشي، وتمت شيطنتي، وهناك من قال إنني أرغب في القفز من سفينة غارقة”.
وطالب بيان صادر عن عدد من شباب حركة النهضة، بينهم نواب بالبرلمان، مساء الجمعة، بحل المكتب التنفيذي للحركة لاتهامه بالفشل والتسبب بتدهور الأوضاع في البلاد، وكذلك تحمل راشد الغنوشي مسؤوليته أمام الشعب والالتزام بالمسار التصحيحي والاعتراف بالأخطاء.
وقال 130 شابا ومن بينهم عدد من النواب، إن “تونس تمر بمنعطف تاريخي أفضى إلى اتخاذ رئيس الجمهورية إجراءات استثنائية، قوبلت بترحيب شعبي كما أثارت تحفظ جزء من النخبة السياسية والقانونية”.
وتابع البيان أن “هذه الوضعية الحرجة، والتي لا يخفى على أحد منا أن حزبنا كان عنصرا أساسيا فيها، تضعنا أمام حتمية المرور إلى خيارات موجعة لا مفر منها، سواء كان ذلك من منطلق تحمل المسؤولية وتجنب أخطاء الماضي، أو استجابة للضغط الشعبي”.
وطالب البيان مجلس الشورى الوطني بتحمل مسؤوليته وحل المكتب التنفيذي للحزب فورا وتكليف خلية أزمة قادرة على التعاطي مع الوضعية الحادة التي تعيشها تونس لتأمين العودة السريعة لنشاط المؤسسات الدستورية.
وجددت الخلافات حالة الصراع القديمة داخل الحزب على رئاسة الحركة، ومن قبل حذر القيادي في الحركة الإخوانية عبداللطيف المكي، من أن تعنت زعيم الحركة، راشد الغنوشي، بشأن تمديد ولايته، هو السيناريو الوحيد الذي سيؤدي إلى زيادة الانشقاق داخل الحركة.
الشرق الاوسط / سكاي نيوز