مقدمة
شهدت الآونة الأخيرة معطيات ومؤشرات عدَّة مقلقة بشأن السلوك المستقبلي لإيران تجاه دول مجلس التعاون الخليجي في مرحلة ما بعد توقيعها الاتفاق النووي مع القوى العالمية الست الكبرى.
وتشير بعض المعطيات إلى ارتفاع وتيرة الطابع التدخلي الإيراني تجاه بعض دول الخليج، ولعلَّ من أبرزها: توتر العلاقات بين دولة الكويت وإيران على خلفية سعي الأخيرة فرض سيطرتها -من جانب واحد- على حقل “الدرة” النفطي الذي تتشارك فيه الدولتان مع السعودية؛ إضافة إلى ما كشفته مملكة البحرين، مؤخرًا، من وجود صلات قوية بين طهران ومنفذي التفجير الإرهابي في قرية “كرانة” خلال شهر أغسطس/آب 2015.
في ضوء ذلك، تسعى هذه الورقة إلى استعراض أسباب السلوك التدخلي الإيراني تجاه بعض دول الخليج، ودوافعه، وبيان مدى الارتباط بين هذا النهج وتوقيع الاتفاق النووي.
كما تسعى الورقة إلى رصد أبعاد وملامح العلاقات بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي واتجاهاتها، وصولًا إلى استشراف المسار المستقبلي للعلاقات الخليجية-الإيرانية ومآلاتها. ويحاول الباحث الاجتهاد في رسم ملامح الاستراتيجية التي قد يجدر بدول الخليج اتباعها إزاء إيران خلال العقود المقبلة باعتبارها معطىً جيواستراتيجيًّا دائمًا في المنطقة.
محددات العلاقات الخليجية-الإيرانية
ثمة مجموعة من المحددات والمعطيات، الجيوسياسية والديمغرافية والاجتماعية والاقتصادية، والثقافية الحاكمة للعلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران، وفي مقدمتها:
-
الموقع الجغرافي: حيث تعد إيران دولة جوار مباشر لدول الخليج، إذ تمتلك سواحل مترامية على طول الضفة الشرقية للخليج العربي.
وقد أسهم هذا القرب الجغرافي في إثارة عدد من المشكلات بين الجانبين، خاصةً فيما يتعلق بالحدود البحرية وما تحتويه من ثروات طبيعية ولاسيما النفط والغاز.
وتعد النزاعات المرتبطة بحقل “الدرة” النفطي الواقع في المنطقة البحرية المشتركة بين كل من السعودية، والكويت، وإيران، مثالًا ذا دلالة في هذا السياق. -
الامتدادات السكانية والاجتماعية: فقد ساعد الجوار الجغرافي بين إيران ودول الخليج على سهولة التنقل والتواصل بين ضفتي الخليج، ومن ثَمَّ أصبحت هناك امتدادات ديمغرافية وروابط اجتماعية بين الجانبين؛ حيث يوجد العديد من العائلات والأسر الخليجية ذات أصول إيرانية، كما هي الحال في البحرين، والكويت، والإمارات، على سبيل المثال.
-
الروابط التجارية والاقتصادية: تُعد إيران شريكًا تجاريًّا مهمًّا -وفي بعض الأحيان الشريك التجاري الأول- لبعض دول الخليج، وفي مقدمتها دولة الإمارات العربية المتحدة.
فعلى سبيل المثال، تعد الإمارات شريكًا اقتصاديًّا لإيران من الدرجة الأولى، وتشير الاحصاءات الإيرانية إلى وجود نحو 8 آلاف شركة إيرانية تمارس أنشطة تجارية في دولة الإمارات العربية المتحدة(1).
وعلى صعيد العلاقات التجارية الثنائية، شكَّلت الصادرات الإماراتية نحو 31% من إجمالي الوارادات الإيرانية لعام 2011؛ حيث أصبحت إيران ثالث أكبر سوق تصديرية للإمارات مستحوذةً على ما يقارب 11% من إجمالي صادراتها(2). -
الروابط المعنوية “المذهبية”: والتي تتمثل في الارتباط المعنوي بين أبناء الطائفة الشيعية في عدد من الدول الخليجية وبين إيران باعتبارها أكبر دولة إسلامية شيعية في العالم.
مسار العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران
مرَّت العلاقات الخليجية-الإيرانية بمنعطفات مختلفة، عبر مراحل زمنية ممتدة، تأرجحت فيها ما بين الصراع وما يشبه الانفراج. ومنذ قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، مرَّت العلاقات بين طهران والعواصم الخليجية بفترات متفاوتة ومتقلبة بين الصدام والتعاون. وبوجه عام، فقد دأبت دول الخليج على التعامل مع إيران وفق مبدأ حسن الجوار وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، كما أبدت دول مجلس التعاون الخليجي –ولا تزال- حرصًا بالغًا على الملفات العالقة بين الجانبين، وفقًا للقوانين والمعاهدات الدولية.
وقد بادرت دول الخليج إلى تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية في مايو/أيار من عام 1981، كإطار مؤسسي دفاعي يستهدف بالدرجة الأولى حماية أعضائه من طموحات إيران ما بعد الثورة في نشر مبادئها لاسيما ما يتعلق بفكرة “تصدير الثورة” إلى الجوار الجغرافي القريب ممثلًا في الخليج، إضافة إلى دفع التهديدات العراقية المحتملة آنذاك.
ومن ثم، فقد اتسمت العلاقات الخليجية-الإيرانية منذ عام 1979 وإبَّان الحرب الإيرانية-العراقية خلال الفترة 1980- 1988 بالتوتر الشديد ثم ما لبثت أن شهدت تلك العلاقات حالة من الهدوء الحذر عقب الغزو العراقي لدولة الكويت في 2 أغسطس/آب 1990، واستمر هذا الهدوء حتى منتصف تسعينات القرن الماضي، فيما ظلَّت قضية احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث (أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى) على رأس قضايا الخلاف بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران(3).
ومع وصول التيار الإصلاحي للسلطة في إيران إثر فوز محمد خاتمي بالانتخابات الرئاسية عام 1997، شهدت العلاقات التي تربط طهران بالعواصم الخليجية، وفي مقدمتها الرياض، تطورات إيجابية وانفتاحًا غير مسبوق، سواء على صعيد الخطاب السياسي أو السلوك العملي الإيراني.
غير أنه ومع عودة المحافظين إلى السلطة في انتخابات عام 2004 من خلال فوز محمود أحمدي نجاد، فقد عاد التوتر ليُخيم من جديد على مسار العلاقات بين ضفتي الخليج.
لقد استمرت حالة المد والجزر بين الجانبين منذ ذلك الحين وخلال السنوات اللاحقة، غير أن الطابع الاستفزازي في الخطاب والسلوك السياسي الإيراني اتخذ منحًى نوعيًّا بالتزامن مع المفاوضات التي أطلقها الغرب بشأن برنامج طهران النووي، والتي أسفرت عن توقيع اتفاق تاريخي بين الجانبين في هذا الشأن مطلع شهر يوليو/تموز 2015.
أبعاد وملامح العلاقات بين ضفتي الخليج بعد الاتفاق النووي
يُظهر إنعام النظر في مضمون الخطاب السياسي لكبار المسؤولين السياسيين والعسكريين الإيرانيين تجاه دول الخليج في الأشهر الأخيرة، تغيرًا لافتًا في إدراك صُنَّاع القرار في طهران للدور الذي يمكن أو ينبغي أن تقوم به إيران في المنطقة.
ولا يسع المراقب أن يفسِّر هذا النهج والسلوك التدخلي أحيانًا والاستفزازي أحيانًا أخرى لإيران تجاه بعض دول مجلس التعاون الخليجي، دون ربطه كمتغير تابع لدخول القوى العالمية الست الكبرى في مفاوضات مع إيران بشأن برنامجها النووي، وهو ما ولَّد شعورًا استعلائيًّا ارتكز إلى منطق امتلاك القوة لدى الجانب الإيراني.
ويكفي للدلالة على ذلك، الإشارة إلى بعض التصريحات الرسمية، والتي من أهمها تصريحات الجنرال يحيى رحيم صفوي، المستشار العسكري للمرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي والقائد السابق للحرس الثوري، من أن “حدودنا الغربية لا تقف عند شلمجة على الحدود العراقية غرب الأهواز، بل تصل إلى جنوب لبنان. وهذه هي المرة الثالثة التي يبلغ نفوذنا سواحل البحر المتوسط”(4).
ولقد اعتبر بعض المحللين السياسيين الخليجيين أن الدول العربية، لاسيما دول مجلس التعاون الخليجي هي التي ستدفع ثمن الاتفاق النووي بين إيران والقوى الست الكبرى(5).
وإذا كان من المعتاد أن تطلق طهران مثل هذه التصريحات بين الحين والآخر، فإن اللافت في هذه المرة أنها صعَّدت من لهجتها تجاه بعض دول مجلس التعاون الخليجي التي طالما حافظت على علاقات متوازنة معها لعقود طويلة، انتقلت من مجرد التجاوز اللفظي إلى ميدان الفعل التدخلي.
ويبدو المثال الأبرز والأحدث في هذا المقام، في إقدام السلطات الرسمية الإيرانية على اتخاذ إجراء أحادي الجانب، عبر السماح لشركات محلية بتوسيع أنشطة عمليات الاستكشاف في حقل “الدرة” النفطي الذي تتشارك فيه مع كل من دولة الكويت والمملكة العربية السعودية، وهو ما هدَّد بتجدد النزاع حول هذا الحقل واندلاع أزمة سياسية ودبلوماسية خاصة بين إيران والكويت، لولا تحلِّي الأخيرة بروح المسؤولية والحرص على علاقات حسن الجوار.
من جهة أخرى، فقد شهدت الآونة الاخيرة معطيات ومؤشرات للتدخل الإيراني في الشؤون الداخلية لبعض دول الخليج العربية، وبما يعكس الازدواجية بين خطابها السياسي المُعلن وتصرفاتها على الأرض.
ففي هذا السياق، صرَّح وزير خارجية البحرين، الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، بأن بلاده ضبطت كميات من المتفجرات المهرَّبة عبر زوارق بحرية قادمة من إيران في يوليو/تموز الماضي “كانت كافية لإزالة مدينة المنامة من الوجود”(6).
كما وجَّه القضاء الكويتي الاتهام لـ24 شخصًا، فيما عُرف إعلاميًّا بقضية “خلية العبدلي” الإرهابية، بـ”التخابر مع جمهورية إيران الإسلامية وجماعة حزب الله التي تعمل لمصلحتها للقيام بأعمال عدائية ضد دولة الكويت من خلال جلب وتجميع وحيازة وإحراز مفرقعات ومدافع رشاشة وأسلحة نارية وذخائر وأجهزة تنصت بغير ترخيص وبقصد ارتكاب الجرائم بواسطتها”(7).
مستقبل العلاقات بين دول الخليج وإيران
في ضوء التطورات الإقليمية والدولية المتسارعة، وأخذًا بعين الاعتبار تعدد وتشابك ملفات وقضايا التعاون والنزاع، بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران، فإنه من الصعوبة بمكان التنبؤ باتجاه مسار هذه العلاقات على نحو دقيق.
ومع ذلك، يمكن القول: إن ثمة ثلاثة سيناريوهات يمكن استشرافها لشكل العلاقات الخليجية-الإيرانية خلال المستقبل المنظور:
-
سيناريو التقارب والانفتاح: حيث يؤسَّس هذا السيناريو على إقامة حوار جاد بين الجانبين عبر قنوات اتصال دورية رسمية واضحة، بشأن قضايا الخلاف الرئيسية، وفي مقدمتها السلوك الإيراني التدخلي في شؤون بعض دول مجلس التعاون الخليجي.
ويعد هذا السيناريو الأفضل من المنظور الخليجي، لكن تحققه يظل رهنًا بمدى توافر الرغبة الصادقة والإرادة السياسية الحقيقية لدى إيران لتغليب مبادئ حسن الجوار والمصالح المتبادلة على مبدأ بسط الهيمنة والنفوذ الإقليمي المستند إلى منطق القوة وحده. -
سيناريو الصدام المباشر: يقوم هذا السيناريو على احتمال تصاعد وتيرة التوتر الحالية في العلاقات بين إيران وبعض دول الخليج العربية، وتجاوزها نقطة التوازن، لتصل إلى نوع من الصدام العسكري المباشر، وإن كان محدودًا.
ورغم احتمالية حدوثه، تبقى نسبة تحقق هذا السيناريو عند مستوياتها الدنيا؛ نظرًا لكون السياسات الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي لا تعتمد القوة منهجًا لإدارة علاقاتها الدولية وحل قضاياها الخلافية مع دول العالم، إضافة إلى وجود كوابح دولية رادعة لأي سلوك إيراني غير حكيم قد يرد في الأفق، وفي مقدمة هذه الكوابح: الالتزام الأميركي بأمن الخليج، والحفاظ على سلامة وسلاسة المرور في الممرات البحرية في المنطقة. -
سيناريو “المد والجزر”: ويمثل هذا السيناريو استمرارًا للحالة الاعتيادية التي تتسم بها العلاقات بين دول الخليج وإيران على امتداد العقود الأربعة الأخيرة، والتي تراوح فيها، فيما يشبه بندول الساعة، بين التقارب والتعاون تارة، والتباعد والنزاع تارة أخرى.
ويعد هذا السيناريو هو المرشح للتحقق عمليًّا، في ضوء معطيات البيئة الإقليمية الراهنة، والتي لا تزال تعج بالملفات الخلافية بين الجانبين، وخاصة في كل من اليمن وسوريا والعراق.
وعلى وجه العموم، فإن هناك ثمة ضوابط ينبغي أن تحكم المسار المستقبلي للعلاقات الإيرانية-الخليجية، بما يحقق مصالح كلا الطرفين من جهة، ويسهم في تعزيز أمن منطقة الخليج واستقرارها ويعزز رفاه شعوبها جميعًا من جهة أخرى.
ومن نافلة القول: إن الجانب الأكبر في هذا المسار سيقع على عاتق إيران؛ باعتبارها الطرف الساعي دومًا لبسط الهيمنة والنفوذ الإقليمي بما يتجاوز القواعد والأعراف المرعية في العلاقات بين الدول، وذلك على نحو ما أشرنا إليه آنفًا.
يأتي في مقدمة هذه الضوابط الحاكمة: ضرورة الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، واحترام السيادة الإقليمية والحدود القائمة المعترف بها، واحترام القواعد المنظِّمة للمرور في الممرات المائية وحرية المرور فيها وخاصة الخليج العربي ومضيق هرمز، والتوقف عن إطلاق التصريحات الاستفزازية من قِبل بعض المسؤولين الرسميين والتي تنطوي على التلويح -تلميحًا أو تصريحًا- بإمكانية استخدام القوة أيًّا كان نوعها.
كما يبقى المحدد الأهم لمستقبل هذه العلاقات رهنًا بمدى إدراك صانع القرار الإيراني أهمية تطوير علاقات طهران مع العواصم الخليجية، ومن ثَمَّ إبداء بوادر حُسن نية لجهة إقامة تعاون إيجابي معها، لاسيما وأنه من مصلحة إيران تعزيز نطاق علاقاتها في الجوار الخليجي المباشر، وهو ما يؤهلها لتوسيع شبكة علاقاتها على المستوى الإقليمي والدولي، لما لدول مجلس التعاون الخليجي من مكانة رفيعة ومصداقية في المنطقة العربية والعالم أجمع.
مقترح لاستراتيجية خليجية للتعامل مع إيران
نظرًا لكون العلاقات التي تربط دول الخليج بإيران ذات طابع استراتيجي دائم ومستمر وليس مؤقتًا أو طارئًا؛ وذلك بحكم المحددات الجيوسياسية والاقتصادية والديمغرافية والثقافية التي سبق الإشارة إليها؛ فإنه قد يكون من الناجع إعادة هيكلة استراتيجية إدارة علاقات دول مجلس التعاون الخليجي مع إيران في المجالات والقضايا كافة، وعلى المديين المتوسط وطويل الآجل.
عليه، فقد يكون من الأوفق أن ترتكز عملية إعادة هيكلة هذه الاستراتيجية المستقبلية على المحاور الرئيسة التالية:
-
تطوير عامل ردع خليجي في مواجهة إيران، من خلال عدة آليات ومقومات تمتلكها دول مجلس التعاون الخليجي، وتتسم بخصوصيتها الخليجية الدائمة ولا ترتهن بتقلبات المصالح وتغير أدوار القوى الدولية والإقليمية المؤثرة في المنطقة.
ويأتي في مقدمة هذه الآليات: الإسراع باستكمال مسيرة التكامل والاتحاد الخليجي، لاسيما في جوانبها الدفاعية، والعسكرية، والاقتصادية، وكذلك تعزيز التعاون والتنسيق على المستوى العربي.
وتبدو أهمية هذه الآلية فيما أثبتته تجربة التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية، من فاعلية وجود مظلة أمنية عربية، مؤقتة أو دائمة، في حماية وتعزيز الأمن العربي، على المستويين الوطني القُطري والقومي الجماعي. -
تأطير العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي وايران بصورة مؤسسية وبشكل جماعي يتجاوز الأساس الثنائي الذي يحكم هذه العلاقات في الوقت الراهن.
-
تعزيز علاقات الشراكة الخليجية-الأميركية؛ حيث ستبقى الولايات المتحدة الأميركية الموازِن الكفء لإيران في الخليج خلال السنوات المقبلة، وذلك بالرغم من توقيع الاتفاق النووي مع طهران، فثمة مصالح حيوية دائمة لواشنطن في المنطقة، وهي حريصة على عدم السماح بانفراد إيران بأمن الخليج.
وبالتالي، فإن الاتفاق النووي أسهم -بدرجة أو بأخرى- في تحول العلاقة بين واشنطن وطهران من الصدام إلى التقارب النسبي، دون التفريط في تحقيق أمن الحلفاء الاستراتيجيين للولايات المتحدة الأميركية في المنطقة.
وفي هذا الصدد، أكدت واشنطن أنها ستُبقي على وجودها العسكري في الخليج وما حوله، والمُقدَّر بحوالي 35 ألف جندي، حتى مع توقيع اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني(8).
خاتمة
تفرض معطيات الجغرافيا والديمغرافيا على دول مجلس التعاون الخليجي وكذلك على إيران أن يبلورا منهجًا تعاونيًّا تصالحيًّا لإدارة علاقاتهما، غير أن حقائق التاريخ وشواهد الحاضر تُنبئ بأن المستقبل قد يحمل منعطفات حرجة في المسار الراهن للعلاقات الخليجية-الإيرانية.
وبقدر التزام دول الخليج العربية في علاقاتها مع إيران -كما مع سائر بلدان العالم- بقواعد القانون الدولي وخاصة ما يتصل بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، بقدر ما تتطلب منها فنون إدارة السياسة الدولية امتلاك مصادر القوة -الخشنة والناعمة على السواء-؛ تحصينًا لأمنها وسيادتها وسلامة أراضيها، وردعًا لأي تهديد محتمل، أيًّا كان مصدره ونوعه وحجمه وتوقيته.
_________________________
محمد بدري عيد-مركز الجزيرة للدراسات
الهوامش
1.Central Intelligence Agency of U.S, The World Fact book (Iran & U.E.A), November 13, 2012.
الرابط: www.cia.gov/libraly/publications/goes/ir-ae.html ، تاريخ الدخول الى الرابط: 17 سبتمبر/أيلول 2015..
2. Ibid.
3. لمزيد من التفاصيل والتقييم لمحطات الخلاف بين إيران ودول الخليج خلال الفترة من 1979 وحتى 1997م، انظر: عيد، محمد، أثر أحداث 11 سبتمبر على الترتيبات الأمنية الوطنية والجماعية في منطقة الخليج العربي 1990-2007، (رسالة ماجستير غير منشورة)، جامعة القاهرة، 2011، ص ص 111- 134.
4. وكالة “فارس” للأنباء، 17 مايو/أيار 2015.
5. الخازن، جهاد، ” نحن سندفع ثمن الاتفاق مع إيران”، صحيفة “الحياة” اللندنية، العدد ( 19158)، 17 سبتمبر/أيلول 2015.
6. آل خليفة، الشيخ خالد بن أحمد، وزير الخارجية البحريني، صحيفة “لوفيجارو” الفرنسية، العدد (21439)، 9 سبتمبر/أيلول 2015.
7. وكالة الأنباء الكويتية الرسمية (كونا)، 1 سبتمبر/أيلول 2015.
8. هاغل، تشاك، وزير الدفاع الأميركي السابق أمام “منتدى أمن الخليج” في البحرين، وكالة الأنباء الفرنسية ( أ.ف.ب)، 7 ديسمبر/كانون الأول 2013.