الوباء يعيد رسم خارطة سوق البث التلفزيوني الرقمي

الوباء يعيد رسم خارطة سوق البث التلفزيوني الرقمي

رجح محللون أن تُضيّق مجموعة ديزني الأميركية للترفيه والإعلام الفجوة بين منافسيها وخاصة نتفليكس وأمازون بفضل خدمتها الجديدة “ديزني+” والنمو السريع لباقة برامجها وتزايد أعداد المشتركين في أنحاء العالم والتي أظهرته نتائج أعمالها التي فاقت التوقعات.

كاليفورنيا (الولايات المتحدة) – عززت نتائج أعمال مجموعة ديزني الأميركية الفصلية بفضل خدمة “ديزني+” من احتمال ظهور منافسة أقوى في سوق البث التلفزيوني ويمكن أن تجعلها تهيمن على القطاع.

وحقّقت ديزني نتائج فاقت التوقّعات بين شهري أبريل ويونيو الماضيين في مجال البثّ التدفّقي والمجمّعات الترفيهية. ويبدو أن المتحوّر دلتا لن يكون له تأثير كبير على نشاطاتها هذا الصيف.

وباتت “ديزني+” تضمّ 116 مليون مشترك، بما فاق بأشواط توقّعات محلّلي السوق، على ما جاء في بيان لنتائج المجموعة الأميركية نُشر الخميس.

وشهدت خدمة البثّ التدفّقي هذه 12 مليون اشتراك إضافي منذ مارس الماضي رغم ارتفاع سعره الأساسي إلى 8 دولارات في الشهر خلال أبريل. وكان المحلّلون يتوقّعون أن تستقطب المنصّة ما بين 113 و114 مليون مشترك.

إيريك هاغستروم: بدأ العمل الصعب بعد إطلاق ديزني+ في الأسواق الرئيسية

وفي مارس الماضي، طرحت أمازون مزايا جديدة لمنصتها “فاير تي.في” التي تركز على البث دون اشتراك والمحتوى المباشر وأعلنت عن دمج عدة خدمات جديدة في مجموعة ميزات “لايف” الخاصة بها، وتطبيق أخبار أمازون.

ورأى محللون أن هذه الخدمات التكميلية قد تهدد اللاعبين الرئيسيين الحاليين في السوق، الذين يعتمدون على الاشتراكات الرقمية. والشهر الماضي، أعلنت نتفليكس عن إضافة مشتركين جدد خلال الربع الثاني بمقدار أقل من المتوقع حيث بلغ عددهم 1.54 مليون مشترك مقابل التوقعات بنحو 1.75 مليون مشترك.

وقالت الشركة في بيان إن إيراداتها نمت لتبلغ نحو 7.34 مليار دولار مقابل 7.32 مليار دولار متوقعة بفضل الزيادة بنسبة 11 في المئة بمتوسط عضوية البث المدفوعة، و8 في المئة نمو في متوسط الإيرادات لكل عضوية.

ويتابع المختصون هذه التطوّرات عن كثب لمعرفة إن كانت الخدمة ستواصل نموّها رغم الخروج التدريجي من الأزمة الصحية التي ساهمت إلى حدّ بعيد في رواجها منذ إطلاقها أواخر 2019.

ونسبت وكالة الصحافة الفرنسية إلى إيريك هاغستروم من مجموعة إي ماركتر قوله “الآن وقد أطلقت ديزني+ في أغلبية الأسواق الرئيسية، بدأ العمل الصعب. ولا بدّ من الاستمرار في استقطاب مشتركين جدد مع الحفاظ على هؤلاء الذين سجّلوا في خدمتها”.

وأردف “تشكّل مجموعة أعمال ديزني للبثّ التدفقي أكبر منافسة لنتفليكس وتتقدّم ديزني+ سريعا مقتربة من الهيمنة على القطاع”. ويُضاف إلى ذلك صدور أعمال جديدة، مثل المسلسل التلفزيوني “لوكي” لاستوديوهات “مارفل” وفيلم التحريك الأخير لمجموعة “بيكسار” بعنوان “لوكا”، خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

وقال مدير المجموعة بوب تشيبك إن “منصّاتنا تبلي بلاء حسنا”. وأضاف “لدينا في المجموع 174 مليون اشتراك في ديزني+ وإي.أس.بي.أن+ وهولو وباتت محتويات جديدة كثيرة على وشك الصدور”، مثل الاستعراض الموسيقي “ويست سايد ستوري” الذي أرجئ صدوره إلى ديسمبر 2021.

وكانت ديزني قد أعلنت في أغسطس 2017 اعتزامها إطلاق خدمة البث المباشر للأفلام والعروض عبر الإنترنت وإنهاء شراكتها مع خدمة نتفليكس. وأشارت حينها إلى أنها لن تقدم أي أعمال لنتفليكس لبث وتأجير الأفلام عبر الإنترنت بداية من 2019 لتضع حدا لشراكتها التي استمرت لسنوات.

وقبل سنتين، كانت ديزني تنتج محتويات للسينما وللقنوات التلفزيونية. وبات عملاق الصناعات الترفيهية يتوجّه مباشرة إلى جمهوره عبر البثّ التدفقي والصالات الخاضعة لمشيئته.

وقد تعزّزت هذه الظاهرة بفعل الوباء وحتّى بفعل المتحوّر دلتا الآخذ في الانتشار راهنا. وأقرّ تشيبك بذلك قائلا “لم نكن نتوقّع ذلك، كما الآخرين. فقد عادت جائحة كوفيد لتأثر تأثيرا كبيرا على الأسواق مع المتحوّر دلتا”.

جو ماكورماك: تكتيكات ديزني بشأن عرض الأفلام بالصالات لها آثار كبيرة

وذكّر تشيبك باستراتيجية المجموعة القائمة على المرونة ليتسنّى لها “متابعة المستهلك أينما كان”، خصوصا أنه “عندما ستعاود الصالات فتح أبوابها، سيكون الجمهور متردّدا في العودة”.

ففيلم “بلاك ويدو” صدر بالتزامن على منصّة “ديزني+” وفي صالات السينما، ما عرضّ المجموعة التي تتّخذ من كاليفورنيا مقرّا لها لملاحقات قضائية من قبل النجمة سكارلت جوهانسن التي اتّهمت “ديزني” بفسخ عقد كلّفها الملايين من الدولارات لأن عرض الفيلم على وسائط إلكترونية يؤثّر على عائدات شبّاك التذكار.

وقال المحلّل جو ماكورماك من ثيرد بريدج لوكالة الصحافة الفرنسية إن “تكتيكات ديزني بشأن صدور الأفلام في الصالات سيكون لها تداعيات كبيرة على القطاع”.

وأشار إلى أن “الخبراء يقدّرون أنه إذا استمرّت في إصدار الأفلام على الإنترنت وفي الصالات في الوقت عينه، فسيتقلّص حجم القطاع السينمائي إلى النصف”. وارتفعت قيمة سهم ديزني في بورصة وول ستريت. ولقيت المجموعة استحسان المستثمرين مع نتائج فاقت توقّعاتهم.

فقد حقّقت الشركة رقم أعمال بقيمة 17 مليار دولار وأرباحا بواقع 923 مليونا في الربع الثاني من هذا العام، في مقابل خسارة صافية قدرها 4.7 مليار دولار في الفترة عينها من العام الماضي عندما وجّهت الأزمة الصحية ضربة قاسية إلى متنزّهاتها الترفيهية.

وفي الربع الثالث من السنة المالية المؤجّلة، عاود قسمها “للمتنزّهات والتجارب والمنتجات المشتقّة” تحقيق الأرباح، وذلك للمرّة الأولى من بدء الأزمة الصحية، خصوصا بفضل إعادة فتح متاجر “ديزني” والرفع التدريجي للقيود في المنشآت الترفيهية في فلوريدا وكاليفورنيا.

وبينما يرى محللون أن هذه المجمّعات ما زالت تعمل بطاقة محدودة، غير أنها درّت 4.3 مليار دولار من العائدات، في مقابل 1.1 مليار قبل سنة.

وبسبب انتشار المتحوّر دلتا، أعادت ديزني فرض الكمّامات على الزوّار في الأماكن المغلقة في يونيو. وقال تشيبك خلال مؤتمر عبر الهاتف مع المحلّلين إنه “بات من الأسهل إلغاء حجوزات المجموعة”. لكنه أشار إلى أنه “بشكل عام تخطّت الحجوزات للمتنزّهات بأشواط المستويات المسجّلة في الربع السابق بين يناير ومارس 2021 التي كانت لافتة بدورها”.

العرب