هجوم العلاقات العامة لطالبان مستمر: لا برقع، وتعليم وعمل للمرأة وحرية صحافة

هجوم العلاقات العامة لطالبان مستمر: لا برقع، وتعليم وعمل للمرأة وحرية صحافة

كابول – تواصل حركة طالبان ما باتت تصفه أوساط سياسية بـ”هجوم العلاقات العامة” الذي تشنه منذ دخولها العاصمة كابول، وهو الهجوم الذي يهدف إلى تقديم وجه جديد محسّن للحركة التي عرفت بتشددها طيلة العقود الماضية.

وأكدت الحركة الثلاثاء أن الحرب انتهت في أفغانستان وقد عفت عن جميع خصومها، وذلك في أول مؤتمر صحافي للمتحدث باسمها بعد سيطرتها على البلاد.

سيرجي لافروف: ما أعلنته حركة طالبان إشارة إيجابية ومشجعة

وقال المتحدث باسمها ذبيح الله مجاهد “الحرب انتهت (…) (زعيم طالبان) عفا عن الجميع”، مضيفا “نتعهد بالسماح للنساء بالعمل في إطار احترام مبادئ الإسلام”.

وقال مجاهد إن وسائل الإعلام الخاصة يمكنها مواصلة العمل بحرية واستقلال في أفغانستان، مضيفا أن طالبان ملتزمة بحرية الإعلام في حدود الإطار الثقافي للحركة.

وبدوره أكّد المتحدث باسم المكتب السياسي للحركة في الدوحة سهيل شاهين الثلاثاء أنّ ارتداء البرقع لن يكون إلزاميّا كما كان الحال حين حكمت الحركة أفغانستان قبل أكثر من عقدين، لكن على المرأة وضع حجاب. وقال شاهين لشبكة “سكاي نيوز” البريطانية “البرقع ليس الحجاب الوحيد الذي يمكن الالتزام به، فهناك أنواع مختلفة من الحجاب”.

وكانت حركة طالبان تفرض نظاما إسلاميا عندما حكمت أفغانستان بين عامي 1996 و2001، فمنعت النساء من الخروج من المنازل وحظرت الترفيه ونفّذت إعدامات علنية.

ودقّت العديد من الدول والجماعات الحقوقية ناقوس الخطر بشأن مصير تعليم المرأة في أفغانستان بعدما أصبحت البلاد في أيدي المسلحين الذين دخلوا العاصمة كابول الأحد. لكنّ شاهين سعى أيضا لطمأنة الأفغان بشأن هذا الموضوع.

تشاووش أوغلو: سنواصل دعم الاستقرار والسلام في أفغانستان وتنميتها الاقتصادية

وأوضح أنّ النساء “يمكنهن التعلم من المرحلة الابتدائية إلى التعليم العالي، وهذا يعني الجامعة، لقد أعلنا هذه السياسة في المؤتمرات الدولية ومؤتمر موسكو وهنا في مؤتمر الدوحة” التي استضافت محادثات سياسية. وأضاف أن الآلاف من المدارس في المناطق التي استولت عليها طالبان مازالت تعمل.

وعقدت طالبان مؤتمرها الصحافي في حين واصلت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون إجلاء الدبلوماسيين والمدنيين بعد مشاهد الفوضى في مطار كابول حيث احتشد أفغان متلهّفون على الفرار في مدرج المطار.

وتسعى طالبان لتغيير صورة التشدد التي ترسخت عنها لإقناع العالم بأنها باتت أكثر براغماتية خلال عشرين سنة فقدت أثناءها السلطة بعد أن حكمت أفغانستان بوحشية.

ويشكك المجتمع الدولي في جدية طالبان في تنفيذ هذه الوعود، وخاصة أنها تركت حتى الآن علاقتها بالمقاتلين في أفغانستان مثل القاعدة دون معالجة رغم تعهدها بعدم السماح باستخدام أراضي أفغانستان لمهاجمة الآخرين.

ولم تقدم طالبان أي مؤشر على أنها ستطرد الجهاديين والجماعات، مثل الحزب الإسلامي التركستاني المكون من الإيغور الذين قاتلوا في سوريا ويريدون إقامة دولة إسلامية في مقاطعة شينجيانغ الصينية المضطربة.

ويرى مراقبون أن هذا سيبقى عاملا رئيسيا في الطريقة التي ستنظر بها جميع شرائح المجتمع الدولي إلى طالبان. وقال مجاهد ” لن يُسمح باستخدام أراضي أفغانستان لمهاجمة أحد، ونحن نطمئن المجتمع الدولي”. وأضاف “أفغانستان تريد علاقات طيبة مع الجميع لإنعاش الاقتصاد وتحقيق الرخاء للخروج من هذه الأزمة”.

وأعلن متحدث باسم الأمم المتحدة الثلاثاء ردا على المؤتمر الصحافي لطالبان أن المنظمة الدولية ستحتاج إلى رؤية أفعال للحركة على الأرض في أفغانستان. وأضاف ستيفان دوجاريك للصحافيين في نيويورك “سنحتاج إلى رؤية ما سيحدث فعلا وسنحتاج إلى رؤية أفعال على الأرض بشأن تنفيذ الوعود”.

وأعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو الثلاثاء أن بلاده “لا تعتزم الاعتراف بحكومة طالبان”. وقال ترودو على هامش مؤتمر صحافي في أونتاريو خصص لحملة الانتخابات التشريعية “حين كانوا في الحكم قبل عشرين عاما لم تعترف كندا بحكومتهم. لقد أسقطوا بالقوة حكومة منتخبة وحلوا محلها، وهم يشكلون مجموعة إرهابية بحسب القانون الكندي”.

ويقول المؤرخ والكاتب الفرنسي جان بيير فيليو “إذا كانت طالبان في 2021 مختلفة عن تلك التي عهدناها في 2001 فليس ذلك بسبب اعتدالهم في دينهم​​، ولكن لأنهم لا يريدون ارتكاب نفس الخطأ الاستراتيجي، وهو دعمهم الأعمى للقاعدة الذي تسبب في فقدانهم السلطة”. وأشار إلى أن دعم طالبان لتنظيم القاعدة والمسلحين الآخرين سيكون أكثر حذرا مما كان عليه في الماضي.

في المقابل رحبت كل من روسيا وتركيا بتصريحات طالبان؛ فقد رحب وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف بالبيانات الأولية التي أدلت بها حركة طالبان ووصفها بأنها إشارة إيجابية بعد سيطرة الحركة المسلحة على أفغانستان، في أعقاب انسحاب القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي (ناتو).

ونقلت وكالة أنباء “انترفاكس” عن لافروف قوله الثلاثاء “الذي تعلنه طالبان في كابول وكيفية إظهار رغبتهم في احترام آراء الآخرين بشكل فعلي، أعتقد أنه إشارة إيجابية”.

وقال إنها “إشارة مشجعة” أن طالبان أعربت عن رغبتها في العمل مع الجماعات السياسية الأخرى لحكم البلاد. وشدد وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو على أن بلاده ستواصل دعم الاستقرار والسلام في أفغانستان وتنميتها الاقتصادية. وأوضح تشاووش أوغلو أن تركيا تنظر بإيجابية إلى الرسائل والتصريحات الصادرة حتى الآن عن حركة طالبان.

العرب