هزيمة أفغانستان تشجع منتجي النفط على تحدي الضغوط الأميركية

هزيمة أفغانستان تشجع منتجي النفط على تحدي الضغوط الأميركية

لندن – قطعت دول منظمة أوبك+ الطريق على محاولات إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لتحويل ضغوط الشركات ورجال الأعمال إلى ضغط شعبي أميركي من أجل رفع الإنتاج وبالتالي تخفيض الأسعار، مستفيدة من الهزيمة العسكرية الأميركية في أفغانستان بعد سيطرة حركة طالبان على البلاد.

ويبدو واضحا أن المنظمة باتت تتعامل مع ما حدث في أفغانستان على أنه دليل آخر على أن الولايات المتحدة لا تستطيع فرض شيء على أحد بعد الآن وأنها ستجد نفسها في النهاية تعمل ضمن التوافقات وليس التلويح بالقوة أو بالسطوة، وهو ما تدركه أوبك+ وصارت تتصرف وفقه.

واهتزت صورة الولايات المتحدة عالميا متأثرة بتغير الأمور بشكل سريع وغير متوقع في أفغانستان، حيث تمكنت حركة طالبان من السيطرة على البلاد في غضون أيام بعد نحو عشرين سنة من الغزو الأميركي.

وقالت أربعة مصادر لوكالة رويترز الاثنين، تزامنا مع سيطرة طالبان على كابول، إن “منظمة أوبك وحلفاءها -ومنهم روسيا- يعتقدون أن أسواق النفط ليست بحاجة إلى ضخ المزيد من النفط، على عكس ما يخططون لضخه في الأشهر المقبلة”.

المنظمة تتعامل مع ما حدث في أفغانستان على أنه دليل آخر على أن الولايات المتحدة لا تستطيع فرض شيء على أحد

وقال أحد المصادر الأربعة طالبا عدم نشر اسمه إنه “لا حاجة إلى ضخ المزيد من النفط بوتيرة أسرع”، بينما قال آخر إنه “لا توجد مخاوف من عدم تلبية أي طلب بموجب جدول الزيادات المقرر”.

وأفاد مصدران آخران في أوبك+ بأن أحدث البيانات الآتية من أوبك ومن وكالة الطاقة الدولية تشير أيضا إلى عدم وجود حاجة لنفط إضافي.

واتفقت أوبك+ في يوليو الماضي على زيادة الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل يوميا في الشهر بداية من أغسطس، إلى حين التخلص تدريجيا من تخفيضات إنتاجها الحالية البالغة 5.8 مليون برميل يوميا.

وحث بايدن الأسبوع الماضي منظمة أوبك+ على تخفيض إنتاج النفط، معتبرًا أنها خطوة رئيسية لجعل أسعار البنزين في متناول الأميركيين. وقال بايدن “أريد أن أتأكد من أنه لا يوجد شيء يقف في طريق هبوط أسعار النفط، مما يؤدي إلى هبوط الأسعار بالنسبة إلى المستهلكين”.

وقبل ذلك انتقد جيك سوليفان -مستشار بايدن للأمن القومي- كبار منتجي النفط ومن بينهم السعودية، لما قال إن مستويات الإنتاج غير كافية في أعقاب جائحة فايروس كورونا. وقال سوليفان “في وقت حاسم بالنسبة إلى التعافي العالمي هذا ليس كافيا ببساطة”.

وارتفع سعر خام برنت بنسبة 35 في المئة هذا العام، أي إلى نحو 70 دولارا للبرميل، مدفوعا بالتعافي الاقتصادي من وباء كورونا وقيود الإمدادات التي أقرتها منظمة البلدان المصدرة للبترول أوبك وشركاؤها، في مجموعة تعرف باسم أوبك+.

وأظهرت بيانات صادرة عن جمعية السيارات الأميركية أن أسعار البنزين في الولايات المتحدة تبلغ حاليا نحو 3.18 دولار للجالون، بزيادة تفوق الدولار مقارنة بالعام الماضي.

ويتساءل مراقبون عن السبب الذي يمنع الولايات المتحدة من دعم أسعار النفط طالما أن هذه الأسعار ترهق مواطنيها، ولاسيما أنها تردد دائما أن إنتاجها حقق لها الاكتفاء الذاتي من النفطَيْن العادي والصخري.

ويرى هؤلاء المراقبون أن دعوة بايدن لأوبك+ توقعه في تناقض استراتيجي صارخ لأنه يحتاج إلى تعاون المستهلكين الكبار معه، وأهمهم الصين والهند، ويتساءلون “كيف تكون الولايات المتحدة ندًّا استراتيجيّا للصين من جهة ويريدها أن تتعاون معه من جهة أخرى؟”.

وذكرت تقارير صحافية أن مسؤولين من إدارة بايدن تحدثوا مع ممثلين من السعودية الأسبوع الماضي، إلى جانب ممثلين من الإمارات وأعضاء آخرين في أوبك+.

وأحيا بيان أوبك+ ذكريات تعامل الإدارة الأميركية السابقة مع أوبك عندما هدد الرئيس دونالد ترامب في بداية انتشار جائحة كورونا بسحب الدعم العسكري من السعودية، زعيمة أوبك، إذا لم تعزز الإمدادات.

وقالت تقارير صحافية آنذاك إن ترامب اتصل بولي العهد السعودي محمد بن سلمان في الثاني من أبريل 2020 وقال له إنه إذا لم تبدأ دول منظمة أوبك بخفض إنتاج النفط فسيكون عاجزا عن إيقاف مشرعي القوانين الأميركيين عن إصدار قانون يقضي بسحب القوات الأميركية من المملكة.

ونفذت أوبك+ خفضا قياسيا للإنتاج حجمه عشرة ملايين برميل يوميا -أو نحو عشرة في المئة من الطلب العالمي- العام الماضي، عندما تراجع استخدام الطاقة بسبب قيود فايروس كورونا التي حدت من السفر وأوقفت الإنتاج الاقتصادي.

العرب