يراقب المستثمرون في مختلف أنحاء العالم تطورات الوضع في أفغانستان بكثير من الريبة في ظل ما يمكن أن تفرزه الاضطرابات هناك من تأثيرات سلبية على الأسواق وتهديدات للاقتصاد العالمي.
وفي تقرير نشره موقع “بلومبيرغ” الأميركي، يقول الكاتبان إريك لام وإيشيكا موكيرجي إن الخبراء لا يتوقعون تأثيرا فوريا على الأسواق بعد سيطرة طالبان على أفغانستان، لكنهم يحذرون من سيناريوهات سلبية على المدى الطويل، ومنها أن تصبح البلاد مجددا قاعدة لانطلاق الهجمات الإرهابية الدولية.
ويرى الكاتبان أن التقدم السريع للحركة في الفراغ الذي خلفه انسحاب القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي “الناتو” يشكل مزيدا من الضغوط على الرئيس جو بايدن، الذي قال قبل أشهر قليلة إن فرص سيطرة طالبان على البلاد ضئيلة. فما الذي يتوقعه خبراء الاقتصاد بعد سيطرة طالبان؟
هبوط الدولار وصعود العملة الصينية
يقول الرئيس التنفيذي لشركة “غايفكال كابيتل” (Gavekal Capital) لويس فانسون غيف إن انهيار حكومة أشرف غني أثار الكثير من الأسئلة حول دور الولايات المتحدة بوصفها قوة مهيمنة عالميا.
وكتب غيف في مذكرة أنه إذا كان الأمر يشبه لحظة تأميم قناة السويس عام 1956 -في إشارة إلى الأزمة التي ارتبطت ببداية انحدار قوة بريطانيا العالمية- فقد تكون هناك تداعيات بعيدة المدى.
ويرى غيف أنه إذا انتهت حقبة سيطرة القوة العظمى المنفردة على العالم، فإن سقوط كابل سيؤدي إلى هبوط الدولار الأميركي وهبوط الأسواق المرتبطة بالولايات المتحدة. وعلى العكس من ذلك، سيكون هناك تأثير إيجابي على الرنمينبي وسوق السندات الصينية -حيث إن الصين هي القوة الصاعدة في آسيا حاليا- وكذلك على الروبل وسوق السندات الروسية.
ويضيف غيف أن الأزمة الحالية قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط بسبب احتمال تصاعد التوتر في منطقة الشرق الأوسط، كما يمكن أن ترتفع أسعار الذهب مثلما يحدث عادة في أوقات الصراعات الجيوستراتيجية.
بعض المختصين حذروا من أن الأزمة الحالية في أفغانستان قد يكون لها تأثيرات سلبية على أسواق المال (الفرنسية)
زيادة الضغوط على إدارة بايدن
يقول كبير الاقتصاديين في شركة “إيه إم بي كابيتال” (AMP Capital) شاين أوليفر إن سيطرة طالبان على أفغانستان قد تكون ضربة قوية للرئيس الأميركي جو بايدن، لكن الرئيس السابق دونالد ترامب نفسه كان يسير في هذا الاتجاه.
ويرى أوليفر أن التطورات الأخيرة تزيد من حجم الضغوط على إدارة بايدن لتمرير أكبر قدر من خطط الإنعاش الاقتصادي لتشتيت الانتباه عما يحدث في أفغانستان.
أزمة أفغانستان والأجندات المحلية
يعتقد سيباستيان غالي، كبير محللي الاقتصاد الكلي في شركة “نورديا لصناديق الاستثمار” (Nordea Investment Funds)، أن المشكلة الأساسية في أفغانستان تتعلق بالقرارات الخاطئة التي اتخذها البيت الأبيض، مضيفا أن الديمقراطيين سيواصلون الالتفاف حول الرئيس حتى لا تتحول أزمة أفغانستان إلى قضية سياسية داخلية.
مخاوف من الإرهاب
يقول محلل شؤون العملات في شركة “ديلي إف إكس” (DailyFX) إيليا سبيفاك إن ارتباط أفغانستان بالأسواق الكبرى ضئيل إلى حد ما، لكنه يحذر من أن الأزمة الحالية قد يكون لها تأثيرات سلبية على أسواق المال إذا أصبحت المنطقة نقطة انطلاق للعمليات الإرهابية مرة أخرى.
تأثير محدود
يعتقد كبير محللي السوق لدى شركة “أواندا لمنطقة آسيا والمحيط الهادي” جيفري هالي أن الوجود المحدود للشركات العالمية في أفغانستان يحدّ بالضرورة من تأثير الأزمة الحالية على الأسواق العالمية، ويضيف “أشك بجدية في أن أي شركة كبرى لديها عمليات واسعة النطاق هناك. للأسف، سيكون الهاربون من الشعب الأفغاني أكبر الصادرات الأفغانية إلى العالم”.
المصدر : بلومبيرغ