تركيا الباحثة عن المصالحات: من دبلوماسية صفر مشاكل إلى صفر تصعيد

تركيا الباحثة عن المصالحات: من دبلوماسية صفر مشاكل إلى صفر تصعيد

أنقرة – قالت أوساط تركية مطلعة إن تصريحات وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو بشأن العلاقة مع الإمارات كانت باردة ولم تحمل أيّ أفكار أو مبادرات لدعم ما أسماه الزخم الإيجابي في المحادثات بين البلدين، مشيرة إلى أن ما بدا من كلام الوزير التركي هو سعي بلاده من خلال المصالحات التي تريد الوصول إليها لتحويل تصفير التصعيد امتدادا لاستراتيجيتها السابقة التي تقوم على تصفير المشاكل.

وترى هذه الأوساط أن الهدف الأول لتركيا هو التهدئة مع دول مهمة في المنطقة مثل السعودية ومصر والإمارات ووقف النزيف الذي طال الاقتصاد التركي من وراء مغامرة الرئيس رجب طيب أردوغان باستعداء هذه الدول التي ردت بقوة اقتصاديا ودبلوماسيا. كما نجحت في إعاقة التمدد التركي إقليميا سواء في ليبيا أو اليمن.

وقال جاويش أوغلو الثلاثاء إن بلاده ترى زخما إيجابيا في المحادثات مع الإمارات العربية المتحدة لإنهاء خلاف قائم منذ سنوات وإن العلاقات ستعود إلى مسارها إذا استمر هذ الزخم.

وأضاف وزير الخارجية التركي لقناة “إن.تي.في” التلفزيونية أنه يمكن تطبيع العلاقات بين البلدين إذا اتخذت خطوات متبادلة وكانت الظروف ملائمة.

وتساءل مراقبون أتراك لماذا لم يبادر جاويش أوغلو إلى الإعلان عن خطوات تركية وإظهار رغبة جدية في المصالحة مع الإمارات والسعودية ومصر، ولماذا فقط يطلب من الآخرين أن يبدأوا الخطوات الأولى خاصة أن أنقرة هي التي تدخلت في ملفات المنطقة ودعّمت الإخوان المسلمين بشكل علني، وهي تعرف أنه ملف حساس ولن يقابله الخصوم الإقليميون بالصمت.

وكان تدخل تركيا في الخلاف الخليجي وانحيازها إلى قطر، وكذلك وجودها في ليبيا دون أيّ مبرر قانوني أو دبلوماسي، إحدى نقاط الخلاف الرئيسية، فضلا عن حملة الإساءة التي استمرت لأكثر من ثلاث سنوات ضد السعودية على خلفية مقتل الصحافي جمال خاشقجي، وطالما أن تركيا لم تراجع موقفها ولم تفكر بالاعتذار عن أخطائها فمن الصعب أن تنجح في بناء مصالحات دائما.

ويقول المراقبون إن الرئيس التركي يريد مصالحة من جانب واحد تفتح أمام بلاده فرص الاستثمارات الخليجية وتساعد في إنقاذ اقتصاد بلاده دون أن يتبعها أيّ التزام من جانب أنقرة، وهو أمر من الصعب أن يقبل به الخصوم الإقليميون، رغم التصريحات المرحبة بعودة العلاقات.

وقالت تركيا ومصر في بيان مشترك إن البلدين اتفقا الأربعاء على مواصلة المحادثات لإصلاح العلاقات المتوترة بينهما وتطبيعها في نهاية المطاف، وذلك بعد اختتام جولة ثانية من المناقشات الرامية لتسوية الخلافات.

وعقدت المحادثات في أنقرة على مدى يومين بقيادة نائبي وزيري خارجية البلدين.

وهذه ثاني مشاورات منذ مايو الماضي بين الخصمين الإقليميين، إذ سبق واستضافت مصر وفدا تركيا وسط مساع من أنقرة لتخفيف التوتر مع العديد من الدول.

وقال البلدان في البيان المشترك إن المحادثات تناولت قضايا ثنائية وإقليمية، والتي شملت ليبيا وسوريا وشرق البحر المتوسط والصّراع الإسرائيلي – الفلسطيني.

وكان جاويش أوغلو أجرى الاثنين مباحثات دبلوماسية عبر الهاتف مع نظيره البحريني عبداللطيف الزياني، وذلك بعد يوم من استقبال العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة للسفيرة التركية لدى البحرين ايسن تشاكيل.

واستنكرت البحرين العام الماضي التصريحات العدائية لوزير الدفاع التركي خلوصي أكار تجاه دولة الإمارات، واعتبرتها استفزازا مرفوضا يتناقض مع الأعراف الدبلوماسية.

وبحسب وكالة أنباء الأناضول قال وزير الخارجية التركي لنظيره البحريني إن أجواء إيجابية تخيم على العلاقات التركية – الإماراتية في الآونة الأخيرة.

وأوضح أنه سيكون من الخطأ النظر إلى الأحداث الماضية على أنها عقبة أمام المصالحة وتطبيع العلاقات.

وأضاف “في العلاقات الدولية لا توجد صداقة دائمة ولا عداوة دائمة، وحدثت لقاءات رفيعة بين الجانبين على مستوى الرؤساء والوزراء، وهناك اتفاق حول الزيارات المتبادلة وإذا استمر الزخم الإيجابي الحالي يمكن للعلاقات أن تعود إلى مسارها الصحيح”.

وفي الحادي والثلاثين من أغسطس الماضي بحث الرئيس التركي في اتصال هاتفي مع وليّ عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية.

وقبل ذلك بنحو أسبوعين بحث أردوغان مع مستشار الأمن الوطني الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، الذي أجرى زيارة إلى تركيا حينها، الاستثمارات الإماراتية في تركيا.

العرب