العالم منشغل بمعركة كورونا، ماذا عن الأمراض الأخرى

العالم منشغل بمعركة كورونا، ماذا عن الأمراض الأخرى

حذر صندوق عالمي للمساعدات من أن مئات الآلاف سيموتون بالسل بسبب عدم تلقيهم العلاج اللازم، وذلك في أعقاب تضرر منظومة الرعاية الصحية في الدول الأفقر حالا نتيجة جائحة كورونا.

جنيف – كان لوباء كوفيد – 19 أثر جسيم على الجهود المبذولة لمكافحة الإيدز والملاريا والسلّ التي تراجعت بوتيرة غير مسبوقة، بحسب ما كشف الصندوق العالمي المخصّص لهذه الأمراض في تقريره السنوي.

وهي المرّة الأولى التي يبلّغ فيها الصندوق منذ تأسيسه سنة 2002 عن انتكاسة. وقد أعرب خصوصا عن قلقه من التراجع الملحوظ في خدمات تشخيص فايروس نقص المناعة البشرية (اتش.آي.في) المسبّب لمرض الإيدز والوقاية منه في أوساط الفئات الرئيسية الهشة، فضلا عن انخفاض شديد في عدد الأشخاص الذين يخضعون لفحوص وعلاجات للسلّ، ما يؤثّر خصوصا على برامج مكافحة السلّ المقاوم للأدوية.

وأتت أرقام 2020 “لتؤكّد ما كنّا نخشاه وقت ظهور جائحة كوفيد – 19″، على ما قال بيتر ساندز المدير التنفيذي للصندوق العالمي في التقرير. وكشف أن “أثر كوفيد – 19 كان مدمّرا. وللمرّة الأولى في تاريخنا تدلّ مؤشّراتنا على تراجع”.

ولم يستبعد ساندز أن تتجاوز الوفيات الناجمة عن مرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز) تلك الناجمة عن فايروس كورونا.

بيتر ساندز: وفيات الإيدز والسل يمكن أن تتجاوز وفيات كورونا

وعلى الرغم من أن حصيلة الوفيات غير معروفة بدقة حتى الآن، قال ساندز إن الوفيات المتزايدة نتيجة انتكاسة مكافحة أمراض مثل السل أو الإيدز أعلى من وفيات كوفيد – 19 نفسها في بعض الدول الفقيرة مثل أجزاء من منطقة الساحل في أفريقيا.

وأوضح أن الخدمات الطبية تأثرت بإجراءات الإغلاق لاحتواء الوباء حيث كُرست جهود العيادات والأطقم الطبية، التي عادة ما تُستخدم في محاربة السل، لمكافحة الوباء في دول مثل الهند وعبر أنحاء أفريقيا. وأضاف أنه يتوقع تضررا أكبر هذا العام بسبب انتشار السلالة دلتا.

وأثّر الوباء بشكل خطر على النفاذ إلى الأنظمة الصحية وفحوص التشخيص والعلاجات في بلدان كثيرة.

وكانت للوباء خصوصا تداعيات كارثية في مجال مكافحة السلّ. وفي العام 2020 تراجع عدد الأشخاص الذين عولجوا من سلّ مقاوم للأدوية بنسبة 19 في المئة. وفي البلدان التي يستثمر فيها الصندوق العالمي، لم يتلقّ العلاج سوى حوالي 4.7 مليون شخص، أي أقلّ بمليون من عدد هؤلاء عام 2019.

وتعرّضت جهود مكافحة فايروس الإيدز بدورها لانتكاسة بسبب الجائحة. وقد واصل عدد الأشخاص الإيجابيي المصل المنتفعين من علاجات بمضادات الفايروسات القهقرية ارتفاعه، وذلك بنسبة 9 في المئة سنة 2020، غير أن التقرير كشف عن تراجع “مثير للقلق” في خدمات الوقاية والتشخيص الموجّهة إلى الفئات الرئيسية الهشّة.

وتدنّى عدد الأشخاص المشمولين ببرامج الوقاية من الإيدز بنسبة 11 في المئة سنة 2020 و12 في المئة في أوساط الفئات الأصغر سنّا. أما العلاجات الموفّرة للأمهات لمنع انتقال العدوى إلى الأطفال، فقد انخفضت بنسبة 4.5 في المئة.

وتضاءلت فحوص الكشف عن الإيدز بنسبة 22 في المئة على الصعيد العالمي، ما أدّى إلى تأخير توفير العلاجات في أغلبية البلدان.

وفي الدول التي يستثمر فيها الصندوق العالمي، كان 21.9 مليون شخص يخضعون لعلاجات بمضادات الفايروسات القهقرية ضدّ فايروس “اتش.آي.في” سنة 2020، في ارتفاع نسبته 8.8 في المئة بالمقارنة مع 2019.

ويبدو أن برامج مكافحة الملاريا هي الأقلّ تأثّرا حتّى الآن بوباء كوفيد – 19، وفق التقرير.

وما انفكّ عدد الناموسيات الموزّعة يرتفع، وذلك بنسبة 17 في المئة في العام 2020. وفي بعض البلدان توقّف المتطوّعون المشاركون في جهود التصدّي للمرض عن التعاون مع المراكز الكبيرة بسبب الجائحة، مركّزين جهودهم على عمليات التوزيع الجوّالة من بيت إلى بيت.

غير أن عدد الأشخاص الذين خضعوا لفحوص تشخيص هذا المرض تراجع بنسبة 4.3 في المئة سنة 2020. وشهدت الجهود المبذولة للقضاء على السلّ ركودا، بحسب الصندوق.

وقد سلّط وباء كوفيد – 19 الضوء على “الأهمية البالغة” لأنظمة الرعاية الصحية في العالم، وفق الصندوق العالمي.

لكن الوباء جلب معه أنباء سارة، فهو أدّى إلى عدد من الابتكارات عادت بالنفع على مبادرات مكافحة الإيدز والسلّ والملاريا.

ففي نيجيريا مثلا، راحت الوكالة الوطنية للإيدز تجري فحوصات تشخيص فايروس “اتش.آي.في” لأشخاص قصدوا المراكز الطبية للخضوع لفحوص كوفيد، ما أدّى إلى تعزيز الكشف عن الأشخاص المصابين بالفايروس، بحسب الصندوق العالمي.

وفي العام 2020 سمحت الاستجابة السريعة للصندوق بتفادي الأسوأ. وأنفقت هذه المؤسسة العام الماضي 4.2 مليار دولار لمواصلة التصدّي للإيدز والسلّ والملاريا.

والصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا تحالف لحكومات وشركات من المجتمع المدني والقطاع الخاص يستثمر أكثر من أربعة مليارات دولار سنويا لمكافحة الأمراض الثلاثة. والولايات المتحدة من كبار مانحي الصندوق.

ويقوم الصندوق العالمي على شراكة فريدة من نوعها بين الدول ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص والمرضى. وتخصّص نصف موارده لمكافحة الإيدز والنصف الآخر للملاريا والسلّ. وقد ساعد في إنقاذ 44 مليون شخص منذ إنشائه في 2002.

العرب