باريس – ربط مراقبون زيارة ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى فرنسا ببناء تحالف جديد يكون قادرا على ملء الفراغ الذي خلفه عدم التزام واشنطن بأمن الخليج، وقرارها تقليص وجودها العسكري وسحب منظومة صواريخ باتريوت من المنطقة، فضلا عن موقف إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن القاضي بوقف بيع الأسلحة للسعودية والإمارات، في خطوة لا مبرر لها.
ووصل الشيخ محمد بن زايد الأربعاء إلى قصر فونتينبلو شرق باريس للقاء الرئيسي الفرنسي إيمانويل ماكرون حول مائدة غداء. وكان قصر الإليزيه أفاد قبل اللقاء أن المحادثات ستتناول “الشراكة الاستراتيجية بين البلدين ومجمل المسائل الإقليمية”.
هند العتيبة: زيارة الشيخ محمد بن زايد تبرز تميز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين
ووفق وكالة الأنباء الإماراتية، بحث الجانبان “فرص تطوير العلاقات، وتبادلا وجهات النظر بشأن المستجدات الإقليمية خاصة التطورات الجارية في أفغانستان”. وأكدا “أهمية دفع الجهود باتجاه ترسيخ الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة من خلال الحلول الدبلوماسية والحوار الفاعل”.
وقالت سفيرة الإمارات لدى فرنسا هند العتيبة إن زيارة الشيخ محمد بن زايد إلى باريس فرصة لإبراز تميز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، مؤكدة الرؤية المشتركة والرغبة في مواصلة التعاون في العديد من المجالات لمواجهة التحديات.
ويستفيد الشيخ محمد بن زايد من العلاقة المميزة التي تربطه بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ومن الثقل الاستثماري الإماراتي في فرنسا من أجل تجديد مساعي الحصول على صفقة رافال الفرنسية ضمن رؤية إماراتية أوسع تقوم على تنويع مصادر السلاح.
وسبق أن دافع الرئيس الفرنسي عن مبيعات الأسلحة إلى دول الخليج، واصفا الرياض وأبوظبي بالحليفتين في الحرب على الإرهاب، ومشيرا إلى أن باريس حصلت على ضمانات بأنه لن يتم استخدامها ضد المدنيين.
وأجرت الإمارات محادثات مع فرنسا لشراء حوالي 60 طائرة مقاتلة من طراز رافال قبل بضع سنوات، وينتظر أن يشجع حصول مصر على هذه المقاتلة على التوصل إلى اتفاق بين أبوظبي وباريس.
ووافقت فرنسا على أن تبيع لمصر 30 طائرة مقاتلة رافال في صفقة تبلغ قيمتها 3.75 مليار يورو (4.52 مليار دولار).
ويقول الخبراء العسكريون إن استخدام الطائرة في القتال اعتبارا من عام 2007 في أفغانستان ثم ليبيا في 2011 ومنطقة الساحل في 2013 ساهم في الترويج لها عالميا، الأمر الذي دفع العديد من البلدان إلى إبرام صفقات عسكرية مع فرنسا وبالتالي فسح المجال لتعزيز الشراكات في هذا المضمار.
وتعد الإمارات من زبائن الصناعات العسكرية الفرنسية وهي تملك على سبيل المثال دبابات هجومية من طراز لوكلير. وباتت الإمارات “شريكا استراتيجيا أساسيا” لفرنسا في الشرق الأوسط، وهي ثاني شركاء فرنسا التجاريين في الخليج بعد السعودية. كما يجمع بين البلدين تحالف متين في الحرب على الإرهاب.
وتمثل الاستثمارات الإماراتية 45 في المئة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة لدول الشرق الأوسط في فرنسا، وتوجد حوالي خمسين شركة في فرنسا مملوكة بشكل كلي أو جزئي لرجال أعمال إماراتيين.
وعلى الصعيد الثقافي أقامت فرنسا والإمارات متحف اللوفر في أبوظبي، كما مولت أبوظبي في فونتينبلو نفسها ترميم المسرح الإمبراطوري الذي يعود تشييده إلى عهد نابوليون الثالث، وبات يعرف أيضا باسم “مسرح الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان”، رئيس دولة الإمارات.
العرب