قالت صحيفة فايننشال تايمز (Financial Times) البريطانية إن صفقة الغواصات النووية التي عقدتها أستراليا مع الولايات المتحدة وبريطانيا ستعود بالفائدة على الدول الثلاث، لكنها -في المقابل- ستؤدي إلى زيادة حدة التوتر المتصاعد بينها وبين الصين.
وأشارت الصحيفة -في افتتاحيتها- إلى أن توقيت الصفقة -التي قدمتها الدول الثلاث على أنها اتفاقية للدفاع، وأطلق عليها اسم “أوكوس” (Aukus)- يخدم الرئيس الأميركي جو بايدن، إذ تأتي بعد كارثة الانسحاب من أفغانستان، وتؤكد التزامه بعقد تحالفات إقليمية لمواجهة الصين، التي يرى فيها التهديد الجيوسياسي الأبرز لمصالح الولايات المتحدة.
وذكّرت بأن الاتفاقية الأمنية تأتي في وقت تستعد فيه الولايات المتحدة لاستضافة قمة رباعية الأسبوع المقبل أطلق عليها اسم “الناتو الآسيوي”، وتضم كلا من الهند واليابان وأميركا وأستراليا بهدف الحد من نفوذ الصين في المنطقة.
وقالت فايننشال تايمز إن تزويد أستراليا -الحليف الرئيسي للولايات المتحدة والقريبة جغرافيًّا من الصين- بغواصات نووية متطورة وصواريخ بعيدة المدى يأتي في إطار تصدي أميركا للتهديد الذي تشكله الغواصات النووية الـ14 التي تنشرها بكين في النقاط الإستراتيجية الساخنة وطرق التجارة الرئيسية في المحيطين الهندي والهادي.
بيد أن هناك أسئلة عديدة تلقي بظلالها على الاتفاق حسب الصحيفة، من ضمنها الشكوك المتعلقة بمدى استعداد بريطانيا وأستراليا لقبول العواقب التجارية والإستراتيجية المترتبة على استعداء الصين التي ترى في الاتفاقية الجديدة تهديدًا واضحا لها.
وأشارت إلى إشكالات أخرى تتعلق بالاتفاق، منها أن الغواصات النووية الجديدة قد لا تكون جاهزة خلال العقد المقبل، والخطأ المحرج الذي وقع فيه الرئيس بايدن والذي لا يخدم صورة التحالف الثلاثي الجديد عندما لم يتمكن من تذكر اسم رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون خلال مؤتمر صحفي افتراضي حول الحدث، وأشار إليه بالقول “أشكر ذاك الرفيق”.
وقالت فايننشال تايمز إن الإشكال الأكثر إحراجا هو تداعيات صفقة الغواصات النووية على علاقة الدول الثلاث مع فرنسا، التي على خلفيتها تخلت أستراليا عن الصفقة التي كانت أبرمتها مع فرنسا لشراء غواصات منذ عام 2016، الأمر الذي أزعج باريس.
وخلصت الصحيفة إلى أن إثارة حنق فرنسا ستكون له تداعيات سلبية على كل من الولايات المتحدة وبريطانيا، خاصة في ما يتعلق بمواجهة الخطر الروسي، كما قد يقود إلى إحياء معاهدة الاستثمار بين الاتحاد الأوروبي والصين التي جُمدت بسبب انزعاج إدارة بايدن منها.
وكانت وزارة الخارجية الفرنسية قالت -في وقت سابق أمس الجمعة- إنه تقرر -بناء على طلب رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون- استدعاء سفيري فرنسا في أميركا وأستراليا فورا للتشاور، على خلفية مبادرة “أوكوس” بين أميركا وبريطانيا وأستراليا، التي عدّتها باريس “طعنة في الظهر”.
وندد البيان بالتخلي عن صفقة الغواصات التي أبرمتها أستراليا وفرنسا منذ عام 2016، وقال إن الإعلان عن شراكة جديدة مع الولايات المتحدة سلوكٌ غير مقبول وستؤثر عواقبه على مفهوم فرنسا لتحالفاتها وشراكاتها، وأهمية منطقة المحيطين الهندي والهادي بالنسبة لأوروبا.
المصدر : فايننشال تايمز