خرجت مظاهرات اليوم السبت في العاصمة التونسية للمطالبة بالعودة إلى المسار الدستوري، في حين تحدثت حركة النهضة عن انتكاسة على صعيد حقوق الإنسان عقب اعتقال نائب برلماني بطريقة وصفتها بالمهينة.
فقد احتشد مئات التونسيين ظهر اليوم السبت أمام المسرح البلدي في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة، ودعا المتظاهرون إلى إعادة العمل بدستور البلاد، وتفعيل المؤسسات الدستورية وعلى رأسها البرلمان الذي تم تعليقه بعد التدابير الاستثنائية التي أعلنها الرئيس قيس سعيد يوم 25 يوليو/تموز الماضي.
ورفع المحتجون شعارات تطالب بالحفاظ على مكتسبات الثورة التونسية، لا سيما الحريات التي يقولون إنها باتت مهددة في ظل الملاحقات الأمنية والقضائية العسكرية لعدد من معارضي الرئيس.
وتأتي هذه الاحتجاجات -وهي الأكبر حجما منذ الإجراءات التي اتخذها سعيد قبل نحو شهرين- عقب دعوات من نشطاء تونسيين إلى الاحتجاج رفضا لما يسمونه بالانقلاب على المؤسسات الشرعية وعلى دستور البلاد.
وفي فرنسا، طالب متظاهرون من أبناء الجالية التونسية أمام قنصلية بلادهم في مدينة بانتان بوضع حد للتدابير الاستثنائية التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد، والتي شملت تعليق أعمال البرلمان وحل الحكومة.
وهتف المتظاهرون بشعارات تطالب سعيد بالرجوع عمّا وصفوه بالانقلاب على الدستور ومكتسبات الثورة التونسية، ودعوا إلى إطلاق معتقلي الرأي والذين يُخضعون لمحاكمات عسكرية وصفوها بالجائرة. كما طالبوا بإعادة تفعيل المؤسسات الدستورية المعطلة في البلاد، والسماح للبرلمان باستئناف عمله، والرجوع إلى المسار الديمقراطي الذي قامت من أجله الثورة في تونس.
واتهم المتظاهرون الرئيس قيس سعيد بتعطيل مؤسسات الدولة، وقيادة البلاد إلى المجهول، على حد تعبيرهم.
النهضة تندد
وكانت حركة النهضة (53 مقعدا من مجموع 217 مقعدا في البرلمان) نددت أمس الجمعة بما وصفتها بـ”الطريقة المهينة والمخالفة للإجراءات القانونية” التي اعتقل بها رئيس الكتلة البرلمانية لحزب ائتلاف الكرامة سيف الدين مخلوف على يد قوة أمنية أثناء وصوله إلى المحكمة العسكرية بالعاصمة للتحقيق معه فيما يعرف بقضية المطار.
كما استنكرت الحركة -في بيان أصدرته أمس الجمعة- بما قالت إنها ممارسات تدلل على حالة انتكاسة في احترام حقوق الإنسان، وطالبت بوضع حد نهائي لتلك الممارسات.
وعبرت النهضة عن تضامنها مع النائب سيف الدين مخلوف وكل ضحايا الإيقافات التعسفية والإقامة الجبرية والمنع من السفر ومحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، مشيرة إلى تصاعد وتيرة هذه الأعمال منذ الإجراءات التي أعلن عنها الرئيس التونسي يوم 25 يوليو/تموز الماضي، وشملت تعليق البرلمان ورفع الحصانة عن كل أعضائه.
وكان قاضي التحقيق بالمحكمة العسكرية في تونس أطلق سراح رئيس كتلة ائتلاف الكرامة بالبرلمان، كما قرر إبطال مفعول مذكرة الجلب في حقه، وقالت محامية النائب إنه تقرر أيضا الاستماع له في موعد لاحق.
وأكد النائب سيف الدين مخلوف -في تصريح عقب إطلاق سراحه- أنه كان قد ذهب إلى المحكمة العسكرية طوعا بالتنسيق مع هيئة الدفاع، ووصف اعتقاله أمام مقر المحكمة العسكرية بتونس بأنه اختطاف وجريمة مكتملة الأركان من قبل أفراد لا يعرفهم بأزياء وسيارة مدنية.
وكان حزب ائتلاف الكرامة بث صورا تظهر تعنيف سيف الدين مخلوف وإرغامه على ركوب سيارة مجهولة أثناء وصوله أمام المحكمة العسكرية.
وقال مخلوف -في مقابلة مع الجزيرة- إن الاعتداء عليه قد وقع في حرم المحكمة العسكرية، مضيفا أنه لا صلاحية للأمن الوطني في تنفيذ عمليات الضبط في هذا المكان، خصوصا من طرف أشخاص بزي مدني.
وفي تصريحات أخرى، عبّر مخلوف عن رفض قطاع المحاماة إقحام المحكمة العسكرية وتوريطها، حسب قوله، في تصفية خصومات سياسية.
يذكر أن مخلوف مطلوب للقضاء العسكري مع نواب آخرين من حزبه في ما يعرف بقضية المطار، التي يُتهم فيها بالتدخل لإجبار عناصر أمن بالمطار على تسفير امرأة تونسية مُنعت سابقا من السفر بسبب اعتراضات أمنية، قال مخلوف إنها غير دستورية.
بيان رئاسي
وفي سياق متصل، أصدر الرئيس التونسي قيس سعيد تعليمات بأن لا يُمنع أي شخص من السفر إلا إذا صدرت بحقه بطاقة جلب أو إيداع بالسجن أو تفتيش.
وشدد سعيد -في بيان لرئاسة الجمهورية- على أن يتم ذلك في احترام كامل للقانون، وبالحفاظ على كرامة الجميع، ومراعاة التزامات المسافرين بالخارج.
وقال سعيد إن ما يروج له عن سوء المعاملة هو محض افتراء، حسب بيان الرئاسة التونسية.
واتخذ الرئيس التونسي يوم 25 يوليو/تموز الماضي تدابير استثنائية أقال بموجبها رئيس الحكومة هشام المشيشي، وجمّد اختصاصات البرلمان، ورفع الحصانة عن النواب، وشملت كذلك توقيفات وإقالات وإعفاءات لعدد من المسؤولين.
المصدر : الجزيرة