ارتفاع تاريخي في جرائم القتل بأميركا.. تعرف على الأسباب

ارتفاع تاريخي في جرائم القتل بأميركا.. تعرف على الأسباب

واشنطن – قفز عدد جرائم القتل في الولايات المتحدة بنحو 30% في عام 2020 مقارنة بالعام السابق، في زيادة تاريخية منذ البدء في الاحتفاظ بالسجلات وبيانات الجرائم على المستوى القومي منذ بداية ستينيات القرن الماضي، وفقا لإحصاءات مكتب التحقيقات الفدرالي “إف بي آي” (FBI) الرسمية الصادرة أمس الاثنين.

وتظهر البيانات وقوع 21 ألفا و570 جريمة قتل خلال عام 2020، وهو ما يمثل 4901 جريمة قتل أكثر مما كانت عليه في عام 2019، مما يعكس ارتفاع حجم العنف المجتمعي أثناء العام الماضي.

وبصفة عامة، ارتفع المعدل العام لجرائم العنف -والذي يشمل جرائم القتل والاعتداء والسرقة والاغتصاب- بنحو 5%، في حين واصلت جرائم الممتلكات الانخفاض، وانخفضت بنسبة 8% عن عام 2019.

وذكر مكتب التحقيقات الفدرالي في تغريدة له أمس الاثنين أنه “ووفقا للتقرير السنوي لإحصاءات الجريمة الصادر عن مكتب التحقيقات الاتحادي ارتفع العدد التقديري لجرائم العنف للمرة الأولى منذ 4 سنوات”.

وأظهر تقرير “إف بي آي” ارتفاع نسبة القتل بصورة أكبر في المدن الصغيرة التي يتراوح عدد سكانها بين 10 آلاف و25 ألف نسمة، وذلك مقارنة بالمدن التي يتراوح عدد سكانها بين ربع مليون ومليون نسمة.

غير أن الجريمة لا تزال عموما أقل بكثير من الارتفاعات التاريخية التي بلغتها في أوائل التسعينيات، وفي العديد من المدن -بما في ذلك واشنطن العاصمة ونيويورك وشيكاغو- لا يزال عدد جرائم القتل أقل بكثير من الأرقام القياسية التي سجلت قبل نحو 30 عاما.

ومع الانتشار السريع لفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) في الولايات المتحدة خلال عام 2020 ارتفعت وتيرة اقتناء السلاح خوفا من حالات الفلتان الأمني، وقد يكون ذلك تأثرا بالأفلام الأميركية التي تتحدث عن سيناريوهات مشابهة.

“لا أعرف كيف أستخدم السلاح الذي اضطررت لشرائه، فأنا لم أتلق تدريبا عسكريا في الماضي ولم أنضم لأي من أندية الصيد المنتشرة هنا”، بهذه الكلمات تحدث مواطن أميركي من أصول عربية للجزيرة نت، والذي يملك عددا من المحال التجارية.

وكشف رجل الأعمال -الذي يقطن في ولاية أوهايو ورفض أن يذكر اسمه- أن ما يراه حوله من تطورات أدت لإعلان حظر الحركة وإغلاق المحال التجارية دفعه للإسراع لشراء مسدس من عيار 9 ملم، مشيرا إلى أنه اختار هذا النوع طبقا لنصيحة جاره الذي يفهم في أنواع الأسلحة.

ولا تحظر القوانين الأميركية شراء الأسلحة وصولا للبنادق نصف الآلية، كما يتم تقنين كمية ونوع الذخائر والطلقات المسموح بشرائها أو تخزينها على مستوى الولايات، كل على حدة.

وسمح التعديل الثاني في الدستور بـ”حق الشعب في حيازة السلاح وحمله”، ورأت المحكمة الدستورية العليا أنه يحق للأفراد حيازة أسلحة نارية في منازلهم، لكنها تركت للولايات مسؤولية تنظيم عملية امتلاكها وحملها.

وكان الدافع وراء الكثير من أعمال العنف توافر الأسلحة النارية، حيث ارتكبت ما يقارب 77% من جرائم القتل بأحد أنواع الأسلحة النارية.

ولا يتعمق التقرير في الأسباب الكامنة وراء الزيادة في مختلف الجرائم، لكن الكثير من المعلقين قالوا إن مجموعة من العوامل تساهم في التغيرات السنوية، ومن المرجح أن يكون لاضطرابات عام 2020 -بما في ذلك انتشار وتفشي فيروس كورونا والإغلاقات الناتجة عنه، إضافة إلى تداعيات مقتل جورج فلويد الرجل الأسود في مدينة مينيابوليس على يد رجل شرطة أبيض- دور في ذلك.

وشهد العام الماضي توجه الكثير من عناصر أجهزة الشرطة الأميركية للإشراف على مستشفيات ومراكز الرعاية الصحية، وتأمين الإغلاقات التي انتشرت في كل الولايات الـ50، وهو ما قل معه دور مكافحة الجرائم خلال العام الماضي.

وفي الوقت ذاته، شهدت عمليات شراء الأسلحة ارتفاعا كبيرا منذ بدء انتشار فيروس كورونا وفرض الحظر وتطبيق الإغلاق الجزئي في بعض الولايات والحظر الكامل في ولايات أخرى منذ مارس/آذار 2020

وتبع طفرة مبيعات الأسلحة ارتفاع كبير في سهم شركة أمكو (AMCO) المتخصصة في مبيعات الأسلحة، فارتفع السهم خلال مارس/آذار 2020 بمقدار 40%، في الوقت الذي تراجعت فيه أسهم أغلب الشركات الأميركية بسبب تبعات انتشار فيروس كورونا.

بدوره، قال جاستن نيكس أستاذ علم الجريمة والعدالة الجنائية في جامعة نبراسكا إن جرائم القتل بشكل خاص قفزت في كل مكان تقريبا، في حين انخفضت الجرائم الأخرى، لذلك لا توجد مفاجآت حقيقية في هذا الشأن.

واعتبر نيكس أن الارتفاع الحاد في عدد جرائم القتل يعود لشقين هما وباء كورونا وأزمة شرعية الشرطة الناجمة عن مقتل جورج فلويد.

وقال إن هذا الحادث وغيره قلل ثقة العديد من الناس بالشرطة، مما جعلهم أقل استعدادا لطلب المساعدة أو تقديم معلومات للمحققين حول جرائم القتل.

ويختلف المسؤولون الجمهوريون والديمقراطيون حول سبب الزيادة في جرائم القتل، ويلقي المحافظون باللائمة على المدن التي يديرها الديمقراطيون لما يقولون إنها سياسات تقييدية مفرطة تفرض على أجهزة الشرطة، في حين يعتبر الديمقراطيون أن سهولة الحصول على الأسلحة النارية هي السبب الرئيسي لارتفاع عدد جرائم القتل.

المصدر : الجزيرة