تطوير كوريا الشمالية لصاروخ فرط صوتي هزة استراتيجية لمنطقة الخليج

تطوير كوريا الشمالية لصاروخ فرط صوتي هزة استراتيجية لمنطقة الخليج

لندن – قال مصدر تقني عربي مطلع إن الإعلان الكوري الشمالي عن تطوير صاروخ فرط صوتي سيكون بمثابة هزة استراتيجية خطيرة لمنطقة الخليج والشرق الأوسط، لما تمثله هذه التقنية الصاروخية الفائقة من تحديات لكل ما في الترسانة الغربية من مضادات معروفة للصواريخ.

وأضاف المصدر لـ”العرب” أن كوريا الشمالية سبق وأن زودت إيران بتقنيات الصواريخ البالستية وعدد مهم من مكونات تقنية السلاح النووي، وأن طبيعة التعاون بين النظامين تفتح الباب واسعا أمام توفير تقنية الصواريخ فرط الصوتية لإيران.

وأعلنت كوريا الشمالية الأربعاء أنّها اختبرت بنجاح صاروخا انزلاقيّا فرط صوتي، في ما يمكن أن يشكّل أحدث تقدّم للدولة المسلّحة نوويّا على صعيد تكنولوجيا الأسلحة.

وقالت وكالة الأنباء المركزية الكورية الرسمية إنّ التجربة التي أجريت الثلاثاء “أثبتت أنّ كلّ المواصفات الفنية استوفت متطلّبات التصميم”، مشدّدة على أنّ نجاح إطلاق هذا الصاروخ “ذو أهمية استراتيجية كبيرة” لأنّ كوريا الشمالية تسعى لزيادة قدراتها الدفاعية “ألف ضعف”.

سرعة الصاروخ الكوري أكثر من 5 أضعاف سرعة الصوت فيما تحلق منظومات الصواريخ الأخرى بسرعة أقل

ويحذر مراقبون سياسيون من أن دول الخليج قد تعيش على وقع تحديات أمنية حقيقية في ما لو حصلت إيران على مثل هذه الصواريخ، وهي بمديات تصل إلى ألف كيلومتر، وهو ما يجعلها تصل إلى الدول المعنية وتهدد أمنها القومي. لكن هذه الصواريخ لن تكون قادرة على إصابة أهداف في إسرائيل إذا أطلقت من إيران.

وتعتمد دول الخليج على منظومة دفاعية غربية، أميركية بالأساس، قبل أن تقرر إدارة الرئيس جو بايدن سحب جزء من هذه المنظومة، وهو ما طرح فكرة الاستنجاد بمنظومة الصواريخ الروسية أس – 400.

ويتميّز الصاروخ الفرط صوتي “هايبرسونيك” بسرعته التي تزيد عن سرعة الصواريخ الفوق صوتية “سوبرسونيك” وتلك البالستية وصواريخ كروز التقليدية، كما أنّه أكثر ذكاء منها، الأمر الذي يجعل اعتراضه أكثر صعوبة على أنظمة الدفاع الصاروخي التي تنفق عليها الولايات المتّحدة المليارات من الدولارات.

ويقول المصدر التقني السابق إن سرعة “هايبرسونيك” أكثر من 5 أضعاف سرعة الصوت فيما أغلب منظومات الصواريخ المضادة للصواريخ تحلق بسرعة أقل، وهو ما يجعله يسبقها ويتجاوزها ولا تستطيع اللحاق به.

ويضيف أن هذا النوع من الصواريخ يحلق بسرعة كبيرة ويَنتجُ عن الاحتكاك بالهواء تغيرٌ في طبيعة الهواء المحيط به، فيتحول من الحالة الغازية إلى حالة البلازما.

وفي حالة البلازما تفقد كل العناصر خصائصها الفيزيائية المعتادة، مما يعني أن إشارات الرادار الكهرومغناطيسية لا ترتد عن الهواء البلازمي المحيط بالصاروخ، فيصبح بخواص تسلل شبحية، فإذا رصدته لا تستطيع إسقاطه لأنه سريع جدا، وإذا لم ترصده أصلا فذاك في حدّ ذاته مشكلة.

ووفقًا لوكالة الأنباء الرسمية أكّدت عمليةُ الإطلاق التي تمّت من مقاطعة جاغانغ في شمال البلاد “قدرة التحكّم الملاحية للصاروخ واستقراره”، إلى جانب “قدرة نظامه الإرشادي على المناورة وخصائص الطيران الانزلاقية لرأسه الحربي المنفصل الفرط صوتي” ومحرّكه.

وذكرت الوكالة أنّ “نتائج الاختبار أثبتت أنّ كلّ المواصفات الفنية استوفت متطلّبات التصميم”. ونشرت صحيفة رودونغ سينمون الرسمية صورة للصاروخ وهو يرتفع في السماء صباحًا.

وكان الجيش الكوري الجنوبي أعلن إجراء الشمال هذه التجربة الصاروخية بُعيد وقت قصير من حدوثها صباح الثلاثاء، لكن خلافًا لعادته لم يكشف رسميا عن أقصى ارتفاع بلغه الصاروخ ولا عن المسافة التي اجتازها، وهي معلومات يوفّرها في العادة في غضون أقلّ من ساعة من رصده عملية الإطلاق.

ونقلت تقارير إعلامية كورية جنوبية عن مصادر لم تسمّها قولها إنّ الصاروخ الذي أطلق الثلاثاء يتمتّع بـ”مميّزات طيران مختلفة” عن عمليات الإطلاق السابقة، في حين أمر الرئيس مون جاي – إن بإجراء “تحليل شامل” لعملية الإطلاق.

تقنية صاروخية فائقة تتحدى المضادات المعروفة للصواريخ

وهذه هي التجربة الصاروخية الثالثة التي تجريها كوريا الشمالية هذا الشهر. وكانت التجربة الأولى جرت على صاروخ كروز بعيد المدى في حين جرت التجربة الثانية على صواريخ بالستية قصيرة المدى. وتخضع كوريا الشمالية لعقوبات دولية بسبب برامجها النووية والصواريخ البالستية المحظورة.

وكتبت وكالة الأنباء المركزية الكورية الرسمية أن تطوير صاروخ فرط صوتي هو إحدى المهام الخمس “ذات الأولوية” في الخطة الخمسية للأسلحة الاستراتيجية. وتنصّ هذه الخطة التي قدّمها في يناير كيم جونغ أون على تطوير غواصة ذات دفع نووي وصواريخ بالستية عابرة للقارات.

ويرى الأستاذ في معهد دراسات الشرق الأقصى ليم أول – شول أن بيونغ يانغ تستخدم تطوير ترسانتها “كوسيلة لخلق مساحة لمناورات دبلوماسية وأيضاً لتعزيز مكانتها العسكرية”.

ويتوقع الباحث عمليات إطلاق صواريخ أخرى في المستقبل ويقول إنه “بطريقة معينة، يمكن توقع السلوك الأخير للشمال، لقد أعلنوا أعمالاً عسكرية وينفذونها الآن خطوة خطوة”.

وتعزز الكوريتان قدراتهما العسكرية، ما من شأنه أن يتحول إلى سباق تسلح في شبه الجزيرة المنقسمة.

وتكرّس سيول أيضا المليارات من الدولارات للتطوير العسكري ونجحت هذا الشهر في إجراء تجربة إطلاق صاروخ بالستي من غواصة، ما جعلها إحدى الدول القليلة التي تملك هذه التكنولوجيا المتطورة. ونظّمت الثلاثاء حفلاً لتقديم غواصتها الثالثة التي تطلق صواريخ.

وتربط بين واشنطن وسيول معاهدة أمنية وتنشر الولايات المتحدة نحو 28500 جندي في كوريا الجنوبية لحمايتها من جارتها. وبيونغ يانغ معزولة حاليّا أكثر من أي وقت مضى منذ إغلاق حدودها مطلع العام الماضي لمنع تفشي فايروس كورونا.

وتتعثر محادثاتها مع الولايات المتحدة منذ فشل قمة هانوي عام 2019 بين كيم جونغ أون والرئيس الأميركي حينها دونالد ترامب. ومنذ وصول كيم جونغ أون إلى الحكم طوّرت بيونغ يانغ برامج التسلح لكنها لم تجرِ أي تجربة نووية ولم تطلق أي صاروخ بالستي عابر للقارات منذ عام 2017.

العرب