عودة عبدالملك إلى عدن لم تنه الاحتجاجات الناقمة على الحكومة

عودة عبدالملك إلى عدن لم تنه الاحتجاجات الناقمة على الحكومة

في الوقت الذي عاد فيه معين عبدالملك مع البعض من طاقم الحكومة اليمنية إلى عدن بعد أشهر من البقاء في الرياض، لم يتراجع منسوب التظاهرات المتصاعدة في عدن وحضرموت وتعز التي تحمّل الحكومة اليمنية مسؤولية الانهيار الاقتصادي وتردي الخدمات.

عدن – أرغمت الاحتجاجات الشعبية المتصاعدة في المدن اليمنية الجنوبية رئيس الحكومة معين عبدالملك على العودة إلى العاصمة المؤقتة عدن من مقر إقامته في العاصمة السعودية الرياض.

وفي الوقت الذي لم تتراجع فيه رقعة الاحتجاجات التي اجتاحت المدن اليمنية الخاضعة لسلطة الحكومة، إثر الانهيار المتواصل للعملة الوطنية وتردي الخدمات العامة، وصل عبدالملك إلى العاصمة المؤقتة جنوبي البلاد، قادما من محافظة حضرموت، ضمن جولة شملت أيضا محافظة شبوة واستمرت لعدة ساعات.

ولم يعرف ما إذا كان عبدالملك سيستقر في عدن التي غادرها مع حكومته في شهر مارس الماضي، لدواع أمنية، عقب اقتحام محتجين يتبعون المجلس الانتقالي الجنوبي مقر الحكومة في قصر معاشيق.

واجتمع عبدالملك بقيادة السلطة المحلية في شبوة وعدد من القيادات العسكرية والأمنية قبل أن يغادر المحافظة نحو مدينة المكلا مركز محافظة حضرموت شرقي اليمن.

وفي حضرموت التقى بالمحافظ فرج البحسني واستمع منه إلى إيضاحات حول طبيعة الأوضاع في المحافظة وناقش الأوضاع الأمنية والخدمية فيها، وفقا لما أوردته وكالة سبأ الرسمية.

وشدد عبدالملك على أهمية مضاعفة الجهود خلال هذه المرحلة الحرجة لتجاوز التحديات القائمة خاصة في الجوانب المرتبطة بمعيشة وحياة المواطنين، لافتاً إلى ضرورة تكثيف الجهود الحكومية لمعالجة التحديات العسكرية والأمنية والاقتصادية والخدمية، ومؤكدا دعم الحكومة لقيادة المحافظة لاسيما في ظل هذه الظروف.

ورحب المجلس الانتقالي بعودة رئيس الحكومة إلى العاصمة المؤقتة بعد غياب وصفه بـ”غير المبرر”.

وقال المتحدث باسم المجلس علي الكثيري “نرحب بعودة رئيس الحكومة إلى عدن، ولقد بات لزاماً أن تقوم هذه الحكومة بمهامها وتتحمل مسؤولياتها التي شُكلت من أجلها وفي طليعة ذلك معالجة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والخدمية ودفع الرواتب بشكل فوري”.

وأضاف أن هذه المطالب التي ظلّ المجلس يعبر عنها خلال الأشهر الماضية ناتجة عن “غياب الحكومة غير المبرر”.

علي الكثيري: بات لزامًا أن تقوم الحكومة بمهامها وتتحمل مسؤولياتها
إلا أن المحلل السياسي اليمني عبدالرقيب الهدياني أكد على أن المجلس الانتقالي هو المتضرر الأكبر مما يجري، لاسيما في عدن، مشيرا إلى أن “الانتفاضة الشعبية تزيد من تآكل ما تبقى من جماهير موالية للمجلس إثر فشله في توفير الأمن والخدمات”.

وتأتي عودة رئيس الحكومة إلى عدن بعد أيام من بيانات صادرة عن الرباعية الدولية وسفراء الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن المعتمدين لدى اليمن، أكدت على أهمية تمكين الحكومة اليمنية من العودة إلى العاصمة المؤقتة، وشددت على ضرورة تنفيذ اتفاق الرياض بما يمكّن الحكومة من القيام بمهامها في معالجة الوضع الاقتصادي والخدمي.

ولم يتراجع منسوب الاحتجاجات مع أخبار عودة رئيس الحكومة واستمرت التظاهرات في عدن وحضرموت وتعز مطالبة باستقرار الحكومة في الداخل اليمني لمعالجة أزمة اقتصادية طاحنة وانهيار مريع للعملة المحلية.

وقالت مصادر محلية وشهود عيان إن قوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي أطلقت النار مساء الثلاثاء لتفريق متظاهرين في الشارع الرئيسي بكريتر في محافظة عدن، بالتزامن مع صدامات بين جنود ومحتجين في شوارع أخرى بالمدينة الواقعة جنوبي العاصمة المؤقتة للبلاد.

وأضافت أن قوة من كتائب العاصفة أطلقت النار باتجاه تظاهرة نظمها العشرات من المواطنين في شارع أروى الرئيسي، للتنديد بتردي الخدمات وهبوط سعر صرف العملة المحلية.

وبحسب المصادر فإن متظاهرين حاولوا إغلاق الطريق بالأحجار والإطارات المشتعلة قبل أن يطلق البعض من عناصر تلك القوة النار ويفرقوهم، دون وقوع إصابات.

وكان المتظاهرون قد هتفوا ضد السلطات المحلية في المدينة والحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي، منددين بـ”فشل هذه السلطات في تحسين الأوضاع الخدمية والاقتصادية” كما حمّلوا التحالف بقيادة السعودية مسؤولية تردي الوضع المعيشي في المحافظات المحررة بعد مضي سبعة أعوام على تحريرها من الحوثيين.

وأشارت المصادر إلى اندلاع صدامات أخرى بين محتجين شباب وجنود في قوات المجلس الانتقالي في شارعي القطيع قرب مبنى البنك المركزي اليمني.

وذكر شهود عيان أن جنودا طاردوا محتجين فروا إلى الأحياء السكنية عقب قدوم الأطقم العسكرية التابعة لقوات العاصفة، فيما لم ترد معلومات دقيقة بشأن ما إذا كانت المطاردات أفضت إلى عمليات اعتقال.

عبدالرقيب الهدياني: المجلس الانتقالي الجنوبي أكبر المتضررين من الاحتجاجات الشعبية
وتسيطر قوات العاصفة على مديرية كريتر منذ منتصف العام الماضي، وكانت هذه القوات التي تخضع بشكل مباشر لرئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي قد انتشرت خلال الأيام الماضية في مواقع متفرقة بالمدينة بالتزامن مع اندلاع الاحتجاجات الشعبية.

وفي تعز جنوبي غرب اليمن واصل الآلاف من اليمنيين تظاهراتهم مطالبين بإقالة المسؤولين الفاسدين ومحتجين على انهيار قيمة العملة الوطنية.

وقالت مصادر محلية إن الآلاف من المواطنين شاركوا في تظاهرة سلمية حاشدة صباح الثلاثاء جابت شوارع مدينة تعز.

وطالب المشاركون في التظاهرة بإقالة ومحاسبة جميع المسؤولين المحليين المتورطين في قضايا الفساد، وجددوا مطالباتهم بإقالة رئيس الحكومة.

كما عبر المتظاهرون عن تنديدهم بتردي الوضع الاقتصادي وانهيار قيمة العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، وتردي الأوضاع المعيشية في المحافظة.

وأكد المحتجون استمرار تظاهراتهم السلمية في مدينة تعز حتى تنفيذ الجهات المختصة مطالبهم ذات الأبعاد المحلية والوطنية.

وتصاعدت حدة احتجاجات شعبية في اليمن تنديدا بتردي الخدمات وتدهور الأوضاع المعيشية، جراء الانهيار غير المسبوق في سعر صرف الريال اليمني داخل المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

واندلعت الاحتجاجات في محافظة حضرموت (جنوب شرق) ثم توسعت لتشمل عاصمة البلاد المؤقتة عدن ومدينة تعز جنوب غربي البلاد.

ويتهم المحتجون الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي بالفشل وعدم الاكتراث بمعاناة المواطنين.

وتدهور سعر الريال إلى مستوى غير مسبوق، إذ بلغ سعر صرف الدولار الواحد 1200 ريال في تداولات الثلاثاء، بمناطق سيطرة الحكومة، مقارنة مع 215 ريالا السعر الرسمي سابقا.

وعلى مدار الأشهر الماضية أطلقت الحكومة اليمنية عدة دعوات إلى المجتمع الدولي لدعم جهودها في مواجهة أزمة اقتصادية متفاقمة تعاني منها البلاد.

لكن هذه الدعوات لم تلق الاستجابة المطلوبة حتى الآن، وسط استمرار حالة التدهور واندلاع احتجاجات غاضبة ضدها في عدة مناطق بالبلاد.

وسبق أن دعا وزير الخارجية أحمد عوض بن مبارك دول الخليج إلى عقد مؤتمر طارئ لدعم اقتصاد بلاده ومساعدة الحكومة على مواجهة التحديات الاقتصادية.

العرب