القاهرة ـ طرحت مصر سندات دولارية على 3 شرائح بثلاثة مليارات دولار قبل أيام، ونجحت في اجتذاب طلبات بما يقارب 9 مليارات دولار.
وتباينت تقديرات محللين لأثر التمويل الجديد الذي حصلت عليه من وراء بيع السندات، ورأى محللون أن الطرح يضاعف أعباء البلاد من القروض، ولا يفيد إلا في عون الحكومة على سداد التزاماتها القديمة تجاه الدائنين، في حين رأى آخرون أنه يساعد في تمكين الحكومة من تنفيذ خططها ومشاريعها التنموية.
وقلصت الحكومة العائد على جميع الشرائح المطروحة، مع الإقبال على شراء السندات، وذلك في ثاني بيع سندات لها خلال العام 2021، وتقدم أكثر من 300 مستثمر بطلبات للشراء والاكتتاب في السندات المصرية الدولية.
وأرجع مسؤولو المالية ذلك النجاح لقدرة فريق العمل بوزارة المالية على التواصل المستمر مع المستثمرين، وشرح الخطط الاقتصادية المنفذة.
وجاءت طلبات الشراء من مستثمرين من مختلف أنحاء العالم، مما أتاح حجم طلبات متنوعا، وساعد وزارة المالية على خفض أسعار الفائدة على السندات المطروحة بنحو 32.5 نقطة أساس لشرائح 6 و12 سنة و12.5 نقطة أساس لشريحة 30 سنة، وذلك مقارنة بالأسعار الاسترشادية المعلن عنها عند بداية عملية الطرح.
وكان السعر الاسترشادي الأولي عند حوالي 6.125% و7.625% و8.875% على الترتيب.
سداد عجز
وأظهرت وثائق صادرة عن أحد البنوك المشاركة في الطرح أنها باعت سندات لأجل 6 سنوات بقيمة 1.125 مليار دولار عند 5.8%، وسندات لأجل 12 عاما بقيمة 1.125 مليار دولار عند 7.3%، وسندات لأجل 30 عاما بقيمة 750 مليون دولار عند 8.75%.
ورتب بيع الديون كل من: “بنك سيتي” (city bank)، وبنك أبو ظبي الأول، و”إتش إس بي سي” (HSBC)، و”جيه بي مورغان” (JPMorgan)، و”ستاندرد تشارترد” (Standard Chartered).
وجاء نجاح الطرح الأول من السندات الدولية الدولارية خلال العام المالي 2021-2022 رغم استمرار حالة عدم اليقين والظروف الاستثنائية التي يشهدها العالم وأسواق المال العالمية بسبب تداعيات جائحة كورونا، واضطراب الأسواق بسبب انهيار سوق العقارات في الصين.
وفي السياق، أعلن وزير المالية المصري محمد معيط، في تصريحات صحفية، احتمال إصدار المزيد من السندات الخضراء قبل نهاية السنة المالية في يونيو/حزيران المقبل بما يتراوح بين 500 و700 مليون دولار.
ويساهم الإصدار الجديد في سداد عجز متوقع مقداره 6.6% في السنة المالية التي تنتهي منتصف العام المقبل.
وتقل أسعار الفائدة المحققة على شرائح 6 و12 سنة عن أسعار الفائدة المحققة من قبل بعض الدول ذات التصنيف الائتماني المماثل، وهو “الأمر الذي يؤكد تزايد ثقة المستثمرين في قدرات الاقتصاد المصري وإمكاناته بسبب النتائج الجيدة والمستمرة التي حققها خلال السنوات الماضية”، بحسب الوزير.
وتابع معيط أن هذا الطرح يوفر موارد مالية إضافية من النقد الأجنبي لتمويل جزء من الاحتياجات التمويلية وبمقابل جيد، كما يسهم في إطالة عمر محفظة الدين الحكومي المصري، مما يساعد في تحسين مؤشرات استدامة المديونية الحكومية، وبما يزيد من ثقة المستثمرين.
وجمعت مصر 3.75 مليارات دولار من طرح سابق على 3 شرائح في فبراير/شباط الماضي بعد إصدار سندات خضراء لأول مرة بقيمة 750 مليون دولار قبل عام، وهو أول بيع لسندات مخصصة لاستخدامات صديقة للبيئة من دولة شرق أوسطية.
وتلجأ مصر بانتظام لأسواق الدين الدولية لتمويل عجز الميزانية.
الحكومة المصرية تسعى لسد الفجوة الدولارية الناتجة عن زيادة الالتزامات بالعملات الأجنبية عن الأصول بالعملات الأجنبية (رويترز)
ديون لسداد الديون
ويؤكد المحلل الاقتصادي ممدوح الولي في حديثه للجزيرة نت أن استمرار طرح الحكومة المصرية سندات دولارية بالأسواق الدولية للمرة الثانية خلال العام الحالي وبقيمة إجمالية 6.75 مليارات دولار بالمرتين، يشير إلى سعي الحكومة لسد الفجوة الدولارية الناتجة عن زيادة الالتزامات بالعملات الأجنبية عن الأصول بالعملات الأجنبية.
وتدعم ما ذهب إليه الولي الزيادات الطفيفة في الاحتياطي من العملات الأجنبية، رغم استمرار الاقتراض من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والعديد من البنوك والمؤسسات الدولية.
وبلغت أرصدة طروحات السندات الخارجية 31.68 مليار دولار حتى الآن، مع تجهيز وزارة المالية لطرح صكوك سيادية بالأسواق الدولية خلال الفترة المقبلة، مما اعتبره المتحدث خطرا بسبب ارتفاع الفائدة على السندات الدولية، وثبات تلك الفائدة وطول مدتها التي تصل إلى 40 عاما لبعض الإصدارات.
وتبلغ قيمة الفوائد للطرح الأخير من السندات 3.346 مليارات دولار، وهو ما يمثل نسبة 111.5% من قيمة أصل السندات البالغ 3 مليارات دولار.
والأخطر من ذلك -في رأيه- أن حصيلة تلك السندات تتجه أساسا لسداد أقساط وفوائد والديون القديمة، بجانب بعض المشروعات التي لا تمثل أولوية لعموم المصريين، مثل تمويل احتياجات استكمال العاصمة الإدارية الجديدة، وليس لتمويل مشروعات إنتاجية أو خدمية.
وبلغت قيمة أقساط وفوائد الديون الخارجية العام الماضي أكثر من 18 مليار دولار، وهو رقم متزايد في ظل استمرار الحكومة والمصارف في الاقتراض؛ وكان آخرها قرض بمليار دولار لبنك مصر قبل أيام.
ورأى مغردون في الطرح مزيدا من الديون على مصر دون أن تنعكس كل هذه القروض عمليا بشكل مباشر على تحسين حياتهم، بل العكس ستتضاعف الأعباء عليهم لسداد هذه الديون تباعا.
المصدر : الجزيرة