ما مصير الوساطة بين السعودية وإيران بعد الانتخابات العراقية؟

ما مصير الوساطة بين السعودية وإيران بعد الانتخابات العراقية؟

كشفت الحكومة العراقية عن قطعها شوطاً مهماً على طريق الوساطة بين السعودية وإيران، بعد نجاحها في جمع مسؤولين سعوديين وإيرانيين على طاولة حوار واحدة. ونتج عن تلك الجهود عقد أربع جولات لتقريب وجهات النظر، آخرها في بغداد في شهر سبتمبر/أيلول الماضي. ومع قرب انتهاء ولاية حكومة مصطفى الكاظمي التي ستتحول إلى حكومة تصريف أعمال بعد الانتخابات المبكرة التي ستُجرى الأحد المقبل، تُطرح تساؤلات بشأن مصير الوساطة العراقية بين السعودية وإيران، ومدى اقتناع الحكومة المقبلة باستكمال جهود الكاظمي، الذي يشدّد على أنها تهدف لاستعادة مكانة العراق في المنطقة.

يتطلّع العراقيون للتوسط بين الولايات المتحدة وإيران في الملف النووي

حول هذه التطورات، أفاد مسؤول حكومي عراقي في حديث مع “العربي الجديد” بأن الكاظمي عهد ملف الحوار بين طهران والرياض إلى لجنة مصغرة داخل مكتبه، إلى جانب مستشار الأمن الوطني قاسم الأعرجي ووزير الخارجية فؤاد حسين ووكيله نزار الخير الله. وأضاف أن حكومة الكاظمي حصلت على تأييد كل القوى السياسية الفاعلة لترطيب الأجواء بين السعودية وإيران، على اعتبار أن لهذه الوساطة صلة مباشرة بأمن العراق واستقراره، وأن نجاحها مهم في هذا الإطار. واعتبر أنه وفقاً لهذا التأييد، فمن غير المتوقع أن تتوقف الجهود لأن حكومة الكاظمي كانت تؤدي دوراً في حث الطرفين على تحديد مواعيد للقاء وتهيئة الأجواء، واحترمت رغبتهما في عدم التحدث لوسائل الإعلام عن فحوى تلك اللقاءات، مرات كثيرة.

وشدّد المسؤول نفسه على أن الوساطة يجب ألا تقتصر على حقبة الكاظمي التي ستنتهي قريباً، والملف بات حكومياً وتشترك فيه جهات عدة منها وزارة الخارجية ومستشارية الأمن الوطني وجهاز المخابرات. ولفت إلى أنه في الوقت الحالي هناك جهد عراقي لتحديد جلسة أخرى بعد الانتخابات، يهدف إلى الخروج من مرحلة لقاءات جس النبض إلى عقد جلسات حوار وتفاهم حول عدد من القضايا.

أجواء التفاؤل في استمرار اللقاءات الإيرانية ـ السعودية، انعكست في حديث عضو البرلمان عن تحالف “سائرون” بدر الزيادي، الذي أكد في حديث مع “العربي الجديد”، أن الوساطة العراقية وصلت إلى مراحل متقدمة، خصوصاً بعد اللقاء الأخير الذي عُقد في بغداد الشهر الماضي. ورجح استمرار هذه الوساطة بعد الانتخابات “لأن العراق يعمل من أجل استقرار جميع دول المنطقة”. وأشار إلى أن بغداد تنتهج سياسية تعمل من أجل زيادة الدور الخارجي للعراق، مضيفاً أن “دور العراق الإقليمي لن يتراجع، لأن من أولويات الحكومة المقبلة تعزيز العلاقات الخارجية وتطويرها”. وشدد على ضرورة أن تكون الجهود أكبر في المرحلة المقبلة لتعزيز فاعلية العراق في المنطقة، معتبراً أن نجاح الوساطة العراقية بين السعودية وإيران قد يدفع بغداد إلى القيام بدور الوسيط بين الولايات المتحدة وإيران، بشأن إعادة الأمور إلى طبيعتها في ما يتعلق بالملف النووي الإيراني.

وكان وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، قد صرّح الشهر الماضي، بأن بلاده تؤدي دوراً حقيقياً في تقريب وجهات النظر بين الجانبين السعودي والإيراني، مؤكداً أن الحكومة العراقية ترى أن ذلك جزء من الحل لتحقيق الأمن والاستقرار في العراق والمنطقة. بدورها، كشفت مصادر إيرانية في نهاية الشهر الماضي، أن الجولة الرابعة للحوار الإيراني السعودي عُقدت في بغداد، في 18 سبتمبر الماضي، بمشاركة وفدين رفيعي المستوى من إيران والسعودية، وبحضور الكاظمي.

الحكومة المقبلة ستكمل ما بدأ به الكاظمي في مساعي التهدئة

لكن الزخم الإيجابي للوساطة العراقية يبقى قليل التأثير، وفقاً للخبير أحمد النعيمي، الذي رأى أن “حكومة الكاظمي تمكنت من خلق حراك محفز للحوار بين السعودية وإيران، ولكن عملياً لم يحصل شيء يذكر على الأرض في الملفات العالقة بين البلدين”. وأضاف في حديث مع “العربي الجديد”، أن استمرار هذه الحوارات مهم، أملاً بتحقيق خرق معين في العلاقة المتأزمة الحالية أو على الأقل لضمان عدم التصعيد”. ووضع استمرار الهجمات التي ينفذها الحوثيون على العمق السعودي، في إطار المؤشر على “عدم وجود تقدم حقيقي في هذه اللقاءات”. وتساءل: “ما هي ضمانات قيام الحكومة العراقية الجديدة بالبناء على ما حققته حكومة الكاظمي من نجاحات على المستوى الخارجي، خصوصاً في ملف الوساطة بين السعودية وإيران؟”. وذكّر النعيمي أن الحكومات العراقية المتعاقبة اعتادت إلغاء جميع الخطوات والتفاهمات والإجراءات التي اتخذتها الحكومات السابقة، وهو ما عرقل تحقيق تقدم يذكر في بناء الدولة خلال السنوات الماضية.

لكن عضو البرلمان عن تحالف “الفتح” وليد السهلاني، عارض نظرية النعيمي، معتبراً أن الملف من قضايا الدولة وليست الحكومة. وأكد في حديث مع “العربي الجديد” على “أهمية احتواء التوترات والتجاذبات في المنطقة لمصالح عراقية غير خافية على أحد”. ورأى أن “الحكومة المقبلة ستكمل ما بدأ به الكاظمي في مساعي التهدئة وأيضاً تطوير العلاقات الدبلوماسية مع الدول الأخرى”، مستبعداً انحسار الوساطة بعد رحيل حكومة الكاظمي لأن العراقيين يرغبون ببناء علاقات جيدة مع دول الجوار. وتطرّق إلى بروز “دعوات داخل بغداد بشأن أهمية التقريب بين إيران وأميركا بالنسبة للعراق”.

العربي الجديد