قالت المسؤولة السابقة في فيسبوك فرانسيس هاوغن إن فيسبوك تركز على جني الأرباح، وهو ما أدى أحيانا إلى إلحاق ضرر بالناس، وإن الشركة تخفي أمورا قد تؤدي إلى إحداث ضرر، وتعمل في الظل وضد الصالح العام، فيما قالت الشركة إنها “لا نتفق مع توصيفها للعديد من القضايا التي أدلت بشهادتها حولها”.
وأضافت هاوغن -خلال جلسة استماع أمام لجنة حماية المستهلك وأمن البيانات بمجلس الشيوخ الأميركي- أن منتجات فيسبوك تؤذي الديمقراطية والأطفال، وأكدت أن الشركة تعلم بوجود حسابات لأطفال عمرهم أقل 13 عاما على موقعها، وتجني أرباحا طائلة من الإعلانات التي يُستخدم فيها الأطفال.
ووصف أعضاء في لجنة حماية المستهلك وأمن البيانات خطط فيسبوك لاستهداف الأطفال والشباب “بالمخيفة”، وأشاروا إلى وجود مخاوف في الحزبين الديمقراطي والجمهوري من تأثير فيسبوك.
وكانت هاوغن قالت إن بحثا داخليا أجرته شركة فيسبوك أظهر أن التعاطي مع محتوى إنستغرام أصاب مراهقات بالاكتئاب، معتبرة أن محتوى المنصة يضر المراهقين.
وفي واشنطن أيضا، أعربت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي عن قلق الإدارة الأميركية من القوة المتنامية لوسائل التواصل الاجتماعي، ونظام الإدارة الذاتية الذي تعتمده.
وأضافت ساكي أن المعلومات التي كشفت عنها المسؤولة السابقة في فيسبوك فرانسيس هاوغن أظهرت عدم فاعلية التنظيم الذاتي الذي تعتمده منصات التواصل الاجتماعي.
وأشارت ساكي إلى أن الجهود المبذولة من جانب هذه الشركات لجذب المستخدمين، وتأثيرها السلبي على الصحة النفسية للمراهقين، مقلقة بالتأكيد.
ويهدد النواب الأميركيون منذ سنوات بوضع أطر تنظيمية لفيسبوك والشبكات الاجتماعية الأخرى لمواجهة الانتقادات التي تواجهها شركات التكنولوجيا العملاقة في ما يتعلق بتجاهلها مسائل الخصوصية، وبأنها توفر منصات مثالية لنشر معلومات مضللة، والإضرار برفاه الشباب.
فيسبوك ترد
في المقابل، اعترضت فيسبوك على ما جاء في جلسة الاستماع مع الموظفة المستقيلة من الشركة فرانسيس هاوغن، ومسربة الوثائق الداخلية.
ونشر أندى ستون -أحد أفراد قسم الاتصال بالشركة- بيانا على لسان رئيسة القسم، وقالت فيه “اليوم عقدت لجنة فرعية للتجارة في مجلس الشيوخ جلسة استماع مع مديرة منتج سابقة في فيسبوك عملت في الشركة لمدة تقل عن عامين”.
وأضافت “لا نتفق مع توصيفها للعديد من القضايا التي أدلت بشهادتها حولها. ورغم كل هذا، فنحن نتفق على شيء واحد؛ لقد حان الوقت لبدء وضع قواعد معيارية للإنترنت”.
واختتمت “لقد مرت 25 عاما منذ تحديث قواعد الإنترنت، وبدل توقع أن تتخذ الصناعة قرارات مجتمعية تخص المشرعين، فقد حان الوقت لكي يتخذ الكونغرس إجراء”.
وهذا المساء، قالت فيسبوك إن انقطاع خدمتها لأكثر من 6 ساعات أمس الاثنين نجم عن نظام يتحكم في “سعة شبكتها الأساسية العالمية”.
وأضافت الشركة في مدونة أن أداتها لتدقيق البرامج تعرضت لخلل، مما منعها من أن توقف الأمر الذي سبب الانقطاع، وفق ما أوردته رويترز.
ادعاءات وتحقيق
إن فيسبوك تعلم أن منتجاتها تؤدي إلى الإدمان مثل السجائر.
وأضاف أن “الشركة التكنولوجية تواجه الآن لحظة حقيقة مذهلة”، مطالبا بمثول الرئيس التنفيذي للشركة مارك زوكربيرغ للشهادة أمام اللجنة، كما طالب لجنة الأوراق المالية والبورصات ولجنة التجارة الاتحادية بالتحقيق مع شركة التواصل الاجتماعي.
وتابع بلومنتال إن “أطفالنا هم الضحايا؛ المراهقون الذين ينظرون إلى أنفسهم في المرآة اليوم يشعرون بالشك وانعدام الأمن، ويتعين على مارك زوكربيرغ أن ينظر إلى نفسه في المرآة”، وأضاف أن زوكربيرغ موجود في نزهة بحرية بدل ذلك.
وفي عصر ندر فيه التوافق بين الحزبين، اتفق الديمقرطيون والجمهوريون على الحاجة إلى تغييرات كبيرة في فيسبوك، وقالت أبرز الجمهوريين في اللجنة مارشا بلاكبيرن إن فيسبوك تغمض عينيها عن الأطفال تحت سن 13 عاما في مواقعها، وأضافت أن “من الواضح أن فيسبوك تعطي الأولوية للأرباح بدل رفاه الأطفال وجميع المستخدمين”.
وقال المتحدث باسم فيسبوك كيفن ماكاليستر -في رسالة بالبريد الإلكتروني قبيل اجتماع اللجنة- إن الشركة ترى أن حماية مجتمعها (أي المستخدمين) أهم من تعظيم الأرباح، وأضاف أنه ليس من الدقة أن بحثا داخليا مسربا أثبت أن إنستغرام سام للفتيات في سن المراهقة.
ضرورة التحرك
وقالت مراسلة الجزيرة بيسان أبو كويك إن أهم ما رصد خلال اليوم هو ذلك التوافق غير المسبوق بين الجمهوريين والديمقراطيين بشأن استيائهم وانتقاداتهم لشركة فيبسوك. وأضافت أن هناك توافقا على ضرورة التحرك إزاء ما قالوا إنه ضرر يلحق بالمراهقين والأطفال بسبب فيسبوك.
وقالت مراسلة الجزيرة وجد وقفي إن البيت الأبيض والرئيس الأميركي جو بايدن يساورهما كثير من القلق إزاء فيسبوك حتى قبل أن يصبح بايدن رئيسا.
وأضافت أن بايدن كان يقول إنه إذا أصبح رئيسا فإنه سيشجع الكونغرس على إلغاء البند 230 من قوانين الاتصالات الأميركية (تحمي شركات التكنولوجيا) وهي المادة التي تعطي كل الحرية لفيسبوك للتوسع والاستحواذ على شركات أخرى مثل إنستغرام وواتساب.
وتابعت أن الإشكالية الأخرى لدى البيت الأبيض هي التضليل المعلوماتي والسياسي والتشجيع على العنف من قبل مثل هذه المواقع.
وفي روسيا، هددت موسكو شركة فيسبوك اليوم الثلاثاء بفرض غرامة قد تتجاوز مئات الملايين من اليورو بسبب عدم سحبها مضامين تصنفها موسكو على أنها غير قانونية، في حلقة جديدة من حملة روسيا ضد عمالقة الإنترنت.
وقالت هيئة الاتصالات الروسية -في بيان- إن هذا المبلغ قد يصل إلى “ما بين 5 و10% من حجم التداول السنوي” للشركة الأميركية في روسيا، حسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
وقد تعادل هذه النسبة عشرات المليارات من الروبلات (عدة مئات من ملايين الدولارات)، حسب الصحيفة الاقتصادية “فيدوموستي” الروسية.
وتفرض روسيا بانتظام عقوبات على الشركات الرقمية الكبيرة بتهمة عدم إزالة مضامين تروج للمخدرات أو الانتحار أو ترتبط بالمعارضة.
وفي وقت سابق، قال مسؤولون روس إن تعطل فيسبوك يبرز أحقية روسيا في تطوير منصاتها وشبكاتها الاجتماعية السيادية على الإنترنت، في حين أكد الاتحاد الأوروبي أن هذا الانقطاع يظهر الحاجة لمزيد من الشركات المنافسة.
وأعلنت شبكات التواصل الاجتماعي الروسية زيادة في نشاطها أثناء تعطل فيسبوك على مستوى العالم أمس الاثنين.
ولسنوات عملت روسيا على تأكيد سيادة أكبر على قطاع الإنترنت بها، ومارست ضغوطا على شركات التكنولوجيا الأجنبية لحذف المحتوى وتخزين البيانات في روسيا، كما حسنت قدرتها على حجب المنصات التي تخالف القواعد التي تفرضها.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زخاروفا -خلال تعطل فيسبوك الذي استمر نحو 6 ساعات مساء أمس الاثنين- إن ما يحدث “يجيب عن السؤال الخاص بما إذا كنا نحتاج إلى الشبكات الاجتماعية ومنصات الإنترنت الخاصة بنا؟”
وحصدت “فيكونتاكتا” (VK) -وهي أكبر شبكة اجتماعية روسية محلية النشأة- مستخدمين أكثر بكثير من فيسبوك في البلاد أمس الاثنين، كما أعلنت زيادة في الرسائل والمستخدمين أثناء توقف خدمات فيسبوك.
وعزت فيسبوك العطل الذي حال دون حصول مستخدميها -وعددهم 3.5 مليارات مستخدم- على خدماتها مثل واتساب وإنستغرام وماسنجر إلى خطأ في تغيير الإعدادات.
ووصف موقع “داون ديتكتور” (down detector) -الذي يتتبع حالات انقطاع خدمات الإنترنت- العطل بأنه أكبر خلل على الإطلاق تتعرض له شركة فيسبوك.
وتحول عدد كبير من المستخدمين إلى تطبيقات منافسة مثل تويتر وتيك توك أمس الاثنين.
وقال عدد من موظفي فيسبوك -الذين طلبوا عدم نشر أسمائهم- لرويترز إنهم يعتقدون أن العطل نجم عن خطأ داخلي يتعلق بكيفية توجيه حركة المرور على الإنترنت إلى أنظمة الشركة.
في الأثناء، قالت مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون المنافسة مارغريت فيستاغر اليوم الثلاثاء إن انقطاع فيسبوك لـ6 ساعات أمس يظهر عواقب الاعتماد على عدد قليل من الشركات الكبرى، ويؤكد الحاجة إلى مزيد من المنافسة.
وكتبت فيستاغر على تويتر إن الحادث يظهر الحاجة لمزيد من المنافسة، وأضافت “نريد بدائل وخيارات في سوق التكنولوجيا، ويتعين ألا نعتمد على عدد قليل من اللاعبين الكبار، أيا كانوا، هذا هو هدف قانون الأسواق الرقمية”.
وكانت فيستاغر اقترحت العام الماضي مسودة قواعد تُعرف باسم “قانون الأسواق الرقمية”، التي تحدد قائمة بالأمور المسموحة والأمور الممنوعة بالنسبة لشركات أمازون وآبل وفيسبوك وغوغل لإجبارها على تغيير نموذج أعمالها الأساسي للسماح بمزيد من المنافسة.
المصدر : الجزيرة + وكالات + وكالة سند