بين مؤيد ومعارض.. البنك المركزي العراقي يمنع تداول البتكوين

بين مؤيد ومعارض.. البنك المركزي العراقي يمنع تداول البتكوين

تتألق عملة البتكوين الرقمية وتحوم قرب أعلى مستوياتها منذ مطلع مايو/أيار الماضي، بحو 55 ألف دولار، ويبدو أن موجة الارتفاع الحاد بلغت كافة العملات الرقمية البديلة الآن.

لكن البنك المركزي في العراق قال -عبر موقعه الرسمي- إن التعامل بالعملات الرقمية الافتراضية (البتكوين) ينطوي على مخاطر عدة، لا سيما ما يتعلق بالقرصنة الإلكترونية والاحتيال.

ويؤيد المركزي إصدار التعميم بعدم استخدامها، وإخضاع المتعاملين بها لأحكام قانون غسل الأموال رقم (39) لسنة 2015، والقوانين ذات العلاقة بهذا الخصوص.

والبتكوين -وفقا للبنك المركزي- عملة إلكترونية افتراضية تتداول عبر الإنترنت فقط، من دون وجود مادي لها، وتستخدم للشراء عبر الإنترنت، وتدعم الدفع باستخدام بطاقات البتكوين، أو قد تحول إلى العملات التقليدية في بعض الأحيان.

تأسيس الدينار الرقمي
ويعارض المختص في العملات الرقمية إيفان الدوبرداني قرار البنك المركزي العراقي؛ لأنه لم يضع بديلا عن التعامل الرقمي المشفر، كون الكثير من العراقيين يستثمرون ويتداولون بالعملات الرقمية المشفرة، بما يقدر بملايين الدولارات عبر المنصات العالمية -وفقا لقوله- والتي أصبحت عابرة للحكومات والحدود نتيجة التكنولوجيا الحديثة والعولمة الاقتصادية.

وأضاف الدوبرداني للجزيرة نت أن الدول صاحبة الاقتصادات العظمى مثل الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي بدأت دراسة إصدار العملات الرقمية الخاصة بهم قريبا من قبل البنوك المركزية.

لهذا يدعو الدوبرداني البنك المركزي العراقي إلى التخطيط لإصدار عملة رقمية تسمى “الدينار الرقمي” وليست عملة رقمية مشفرة، وذلك من أجل التخلص من البيروقراطية النقدية الورقية، وكذلك للحد من تزوير العملات بدل الذهاب لمعاقبة من يتداول العملة الرقمية بجريمة غسيل الأموال.

ويعرف الدوبرداني العملات الرقمية بأنها العملات التي تصدرها الدولة عن طريق البنوك المركزية، وهي ذات نظام أمن مختلف عن العملات الرقمية المشفرة التي تعرف بأنها “عملات اللادولة”، التي تصدرها الشركات والأفراد، وهي غير جاهزة للحصول عليها إلا عبر عملية التعدين التي يتم من خلالها إدخال العملات الجديدة في التداول، عبر أجهزة كمبيوتر متطورة تحل مشاكل حسابية معقدة للغاية.

ويؤيد المختص في محاربة غسل الأموال المصرفية عبد الرحمن الشيخلي قرار البنك المركزي العراقي، ويقول للجزيرة نت إن التعاملات الرقمية تعتمد كليا على منظومة إلكترونية متطورة تخضع لأعلى معايير الأمن السيبراني، في الوقت الذي تحتاج فيه المنظومة المصرفية العراقية إلى تحديث تكنولوجي مستمر، لهذا قرار كان المنع جيدا، حسب الشيخلي.

وفي العراق أكثر من 80 مصرفا حكوميا وخاصا (تجاريا وإسلاميا)، إضافة إلى فروع لمصارف أجنبية تتمتع بمنظومة إلكترونية جيدة نوعا ما وفق الشيخلي، لكنه يقول إن التدفق النقدي الأكبر والذي يصل إلى 80% ينحصر في مصرفي “الرافدين والرشيد” الحكوميين اللذين يتعاملان حتى الان بالسجلات الورقية في توثيق تعاملاتهم المصرفية، إذن كيف لها أن تتعامل مع العملات الرقمية التي تحركت قيمتها خلال أشهر قليلة -إن لم تكن أسابيع- بين من 15 -50 ألف دولار للعملة الرقمية الواحدة.

ويحدد الشيخلي سبل نجاح التعامل في العراق بالعملة الرقمية بوضع آلية لربطه مع أحد أساسيات المال كالذهب أو البترول أو أي مادة إستراتيجية أخرى حتى يأخذ مداه في المنافسة مع غيره من العملات الافتراضية الأخرى التي ستظهر.

الأرضية المصرفية العراقية
وبهدف تجنب القطاع المصرفي بشكل خاص والاقتصاد العراقي بشكل عام الآثار السلبية لجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب؛ فقد سعى البنك المركزي العراقي -وفق المختصة في الشأن المصرفي العراقي الدكتورة رجاء البندر- إلى اتخاذ العديد من الإجراءات الرادعة وتطبيق القوانين المختصة بمكافحة جرائم غسل الأموال التي تهدد الاستقرار المالي في العراق.

وتضيف البندر للجزيرة نت أن البنك المركزي العراقي ومكتب مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في العراق الذي يتمتع باستقلالية عمل تامة، حققا تقدما كبيرا في تحسين ومعالجة أوجه القصور، واستيفائه جميع التزاماته تجاه توجهات مجموعة العمل المالي الدولية (FATF)، التي أعلنت رسميا عام 2018 خروج العراق من منطقة المتابعة، وأيضا حسب تقرير مجموعة العمل المالي الدولية لمنطقة الشرق الأوسط (MENA FATF).

وفي ما يخص القطاع المصرفي -كجزء من متطلبات منظمة العمل المالي الدولية، التي تشمل بالإضافة إلى القطاع المصرفي المؤسسات المالية غير المصرفية والأعمال والمهن غير المالية- فإن مستوى المصارف يعد جيدا مقارنة بباقي القطاعات، لا سيما المصارف التي تكون فيها مشاركات خارجية.

وكشفت المختصة المصرفية عن وجود ضعف لدى بعض المصارف العراقية من ناحية عدم الالتزام بالقواعد والمعايير الدولية، التي تحتاج لتطوير ومتابعة بسبب التحديث المستمر على المتطلبات والتطور بالمعايير الدولية إلا أن ذلك لن يؤثر على عمل القطاع المصرفي العراقي.

في حين يقول الشيخلي إن البنك المركزي العراقي فقد جزءًا مهما وكبيرا من نفوذه في رسم السياسة النقدية خلال الفترة القليلة الماضية، بعد تغير إدارته التنفيذية عقب تسليم أموره إلى وزارة المالية التي جعلت منه أسير سياساتها المرسومة من قبل وزير المالية السابق علي علاوي، حسب تعبيره.

المصدر : الجزيرة