إطلاق نار وسط احتجاجات ضد المحقق العدلي في انفجار بيروت

إطلاق نار وسط احتجاجات ضد المحقق العدلي في انفجار بيروت

بيروت – ذكر وزير الداخلية اللبناني أن عدد قتلى أعمال العنف الدامية في بيروت الخميس ارتفع إلى خمسة بينهم امرأة توفيت متأثرة برصاصة أصابتها في منزلها، بعد إطلاق نار بالقرب من منطقة تجمع فيها أنصار جماعة حزب الله وحلفاؤها، للاحتجاج ضد قاضي التحقيق في انفجار مرفأ بيروت الكارثي العام الماضي، تزامنا مع رفض محكمة لبنانية دعوى ضد المحقق العدلي.

وسُمع دوي انفجارين على الأقل بعد اندلاع عنف واشتباكات قرب موقع الاحتجاج في منطقة العدلية، وبث تلفزيون الجديد اللبناني صورا لأشخاص يركضون في الشارع ويحاولون الاختباء في منطقة الطيونة.

وقالت مراسلة الجديد في مكان الحادث إن مصدر إطلاق النار على مستديرة الطيونة لم يتضح على الفور.

وتقع منطقة الطيونة على خطوط التماس بين الأحياء المسيحية والشيعية في بيروت، حيث كانت جبهة في الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990.

وانتشرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي لأعمال شغب وتكسير للسيارات من قبل المتظاهرين، وسقوط جرحى، واستمرار لإطلاق النار.

وعلى الفور توجه الجيش اللبناني إلى مكان الحادث وفرض طوقا أمنيا، في حين عملت عناصر الصليب الأحمر على نقل الجرحى إلى مستشفيات المنطقة.

وحذر الجيش من أن وحداته سوف تقوم بإطلاق النار باتجاه أي مسلح يوجد على الطرقات، وباتجاه أي شخص يقدم على إطلاق النار. كما طالب الجيش في تغريدة على حسابه الرسمي على تويتر المدنيين بـ”إخلاء الشوارع”.

وجرى تبادل لإطلاق النار في منطقة الطيونة وسقوط قذيفة “آر.بي.جي”، وسط سماع أزيز الرصاص في تدهور سريع للوضع وارتفاع التوتر، فيما انتشر العشرات من القناصة على أسطح المباني، مع انتقال التوتر إلى منطقة عين الرمانة القريبة من الموقع والتي تعرف غالبا بتواجد أحزاب مسيحية فيها.

وانتشرت عناصر مسلحة من حزب الله وأمل في المناطق المحيطة بالمكان (ضواحي بيروت)، ولاحقا أفاد الحزبان في بيان مشترك بأن الرصاص أطلق في تجاه المتظاهرين، لاسيما على رؤوسهم. كما دعوا أنصارهما إلى ضبط النفس من أجل درء الفتنة.

ودعا رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي الجميع إلى الهدوء وعدم الانجرار وراء الفتنة لأي سبب كان، بعد أعمال العنف الخطيرة التي وقعت في توقيت حساس للبلاد، وفي منطقة حساسة أيضا.

وطلب ميقاتي من وزيري الداخلية بسام مولوي والدفاع موريس سليم عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن المركزي لبحث الوضع.

وتأتي هذه التطورات تزامنا مع تظاهر العشرات من مناصري حزب الله وحركة أمل أمام قصر العدل في بيروت الخميس، رفضا لأداء المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت، الذي تزداد الضغوط السياسية عليه بعد طلبه ملاحقة مسؤولين سياسيين وأمنيين.

وتزامنت التظاهرة مع رفض محكمة التمييز المدنية دعوى تقدم بها وزيران سابقان طلبا فيها كف يد بيطار عن القضية، ما يتيح له استئناف تحقيقاته.

ويقود وزراء حزب الله، القوة السياسة والعسكرية الأبرز، وحليفته حركة أمل الموقف الرافض لعمل بيطار، ويتهمونه بـ”الاستنسابية والتسييس”.

ويخشى كثيرون أن تؤدي الضغوط إلى عزل بيطار على غرار سلفه فادي صوان الذي نُحي في فبراير، بعد ادعائه على مسؤولين سياسيين.

ومنذ ادعائه على رئيس الحكومة السابق حسان دياب وطلبه ملاحقة نواب ووزراء سابقين وأمنيين، تقدم أربعة وزراء معنيين بشكاوى أمام محاكم متعددة مطالبين بنقل القضية من يد بيطار، ما اضطره إلى تعليق التحقيق في القضية مرتين حتى الآن.

وعلّق بيطار الثلاثاء التحقيق بانتظار البت في دعوى مقدمة أمام محكمة التمييز المدنية من النائبين الحاليين وزير المالية السابق علي حسن خليل ووزير الأشغال السابق غازي زعيتر، المنتميين إلى كتلة حركة أمل بزعامة رئيس مجلس النواب نبيه بري.

وأفاد مصدر قضائي بأن محكمة التمييز المدنية رفضت الدعوى على اعتبار أن الأمر ليس من صلاحيتها، لأن بيطار “ليس من قضاة محكمة التمييز”.

وإثر القرار، يستطيع بيطار استئناف تحقيقاته ومن المفترض أن يحدد مواعيد لاستجواب كل من زعيتر ووزير الداخلية السابق نهاد المشنوق، بعدما اضطر إلى إلغاء جلستي استجوابهما الأسبوع الحالي إثر تعليق التحقيق.

وهذه المرة الثانية التي يرفض فيها القضاء دعوى مماثلة ضدّ بيطار لعدم اختصاص المحكمة بالنظر فيها.

وكان مقررا أن تعقد الحكومة بعد ظهر الأربعاء جلسة للبحث في مسار التحقيق، غداة توتر شهده مجلس الوزراء بعدما طالب وزراء حزب الله وحركة أمل بتغيير المحقق العدلي، إلا أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قرر تأجيل اجتماع الأربعاء إلى موعد يحدد لاحقا بانتظار التوصل إلى حل.

وتسبب انفجار ضخم في الرابع من أغسطس 2020 في مقتل 214 شخصا على الأقل وإصابة أكثر من 6500 آخرين بجروح، عدا عن دمار واسع في العاصمة. وعزت السلطات الانفجار إلى تخزين كميات كبيرة من نيترات الأمونيوم بلا تدابير وقاية. وتبيّن أن مسؤولين على مستويات عدة كانوا على دراية بمخاطر تخزين المادة ولم يحركوا ساكنا.

وظهر الخلاف داخل الحكومة بعد إصدار بيطار الثلاثاء مذكرة توقيف غيابية في حق خليل، لتخلفه عن حضور جلسة استجوابه مكتفيا بإرسال أحد وكلائه.

ويتظاهر ذوو الضحايا باستمرار دعما لبيطار واستنكارا لرفض المدعى عليهم المثول أمامه للتحقيق معهم، بينما تندّد منظمات حقوقية بمحاولة القادة السياسيين عرقلة التحقيقات، وتطالب بإنشاء بعثة تحقيق دولية مستقلة ومحايدة.

العرب