الأحزاب العراقية الخاسرة تجري بروفا تصعيد للنزول إلى الشارع

الأحزاب العراقية الخاسرة تجري بروفا تصعيد للنزول إلى الشارع

مع زيادة التكهنات بشأن التحالفات التي قد تنشأ من أجل تشكيل الحكومة العراقية الجديدة أو بقاء حكومة مصطفى الكاظمي، يبدو أن المشهد السياسي في العراق مقبل على التصعيد أكثر من الاتجاه نحو التوافق.

بغداد – حذرت فصائل وقوى شيعية شاركت في الانتخابات البرلمانية العراقية وحققت نتائج متواضعة من أن جمهورها مستعد للنزول إلى الشارع في تظاهرات احتجاجية عارمة إن لم تصحح مفوضية الانتخابات النتائج وتتعامل بجدية مع الاعتراضات بشأن الخروقات.

وتمارس ميليشيات منضوية في تحالف الفتح برئاسة زعيم منظمة بدر هادي العامري بالتزامن مع التهديدات بالاحتجاج، التحرك السياسي لاستقطاب كتل انتخابية بغية تشكيل الكتلة الأكبر في البرلمان العراقي.

ويتزامن التصعيد بالاحتجاج مع إعلان النتائج النهائية للفرز اليدوي للانتخابات التشريعية المؤمل المصادقة عليها من قبل القضاء بعد النظر في الاعتراضات التي قدمت من قبل الكتل الانتخابية.

وأعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات النتائج الأولية كاملة بعد العد والفرز اليدوي للمحطات المتلكئة.

وقال رئيس المفوضية القاضي جليل عدنان إنه “تم التعامل مع الطعون بحيادية وأغلبها ليست مؤثرة في نتائج الأصوات”، مؤكدا أن الأصوات “عُدّت يدوياً بكل شفافية”.

وبحسب النتائج الأخيرة حصلت الكتلة الصدرية على 73 مقعداً، ونالت حركة “تقدم” بزعامة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي 38، فيما حصل ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس حزب الدعوة نوري المالكي على 35، والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني على 33.

وجمع تحالف الفتح الذي تنضوي تحته الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران 15 مقعداً، والاتحاد الوطني الكردستاني الذي يرأسه ابن الرئيس العراقي الراحل جلال الطالباني مقعدا واحدا، فيما جمع تحالف “عزم” برئاسة رجل الأعمال خميس الخنجر 12، وحركة “امتداد” التي تجمع المناصرين لانتفاضة تشرين 9 مقاعد، وتحالف قوى الدولة الذي يجمع حزب الدعوة جناح رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي وتيار الحكمة برئاسة عمار الحكيم 5 مقاعد.

وقال القيادي في تحالف الفتح أبوضياء البصري إنه ستكون هناك ردة فعل لتحالف الفتح موازية لإعلان النتائج النهائية، مشيراً الى أن التحالف قدم أدلة “دامغة” على عملية التزوير في الانتخابات.

وتساءل “هل ستأخذ المفوضية بهذه الأدلة أو لا؟”، مؤكدا أنه “في حال لم تأخذ المفوضية بالأدلة سيكون لنا موقف آخر”، لافتاً إلى أن “الموقف ليس فيه تهديد، بل هو موقف من عملية التزوير”.

وفي غضون ذلك بدأت تنسيقية الأطراف الموالية لإيران في العراق بالتفاوض مع كتل أخرى بغية استكمال الغطاء المطلوب لجمع 165 نائبا في البرلمان لتشكيل الكتلة الأكبر وبالتالي تشكيل الحكومة.

ويزعم قياديون في ائتلاف دولة القانون وتحالف الفتح أنهم جمعوا إلى حد الآن أكثر من مئة مقعد برلماني، وأنهم يتفاوضون مع كتل أخرى لتعزيز التحالفات.

وترى مصادر عراقية أن كل الكلام عن تشكيل الكتلة الأكبر هو مجرد تصريحات جس نبض للتأثير على التيار الصدري بزعامة رجل الدين مقتدى الصدر الذي حل بالمرتبة الأولى، والذي سيكلف رسميا بتشكيل الحكومة.

لكن حصول التيار الصدري على 73 مقعدا لا يكفي للحصول على ثقة البرلمان لتشكيل الحكومة من دون التحالف مع كتل أخرى.

وما تزال النتائج النهائية تنتظر الانتهاء من تقديم الطعون خلال ثلاثة أيام وحسمها في الأيام العشرة التالية. وهي من الناحية العملية المدة التي يتعين أن تستقر فيها المحادثات بين الكتل قبل انعقاد الجلسة الأولى للبرلمان.

ويسعى التيار الصدري للتحالف مع كتلتي الحلبوسي والبارزاني من أجل مواجهة تحالف المالكي والعامري. غير أن مصادر تحالف “تقدم” السني والحزب الديمقراطي الكردستاني تراقب المفاوضات الشيعية من أجل اختيار المنتصر فيها للتحالف معه.

ويتطلع رئيس حزب الدعوة وزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي إلى رئاسة الحكومة من جديد عبر التحالفات السياسية مع الأكراد.

واستبعدت مصادر سياسية عراقية التوافق بين المالكي والصدر على تشكيل تحالف برلماني شيعي.

ولم يرشح التيار الصدري الفائز في الانتخابات أي اسم لرئاسة الحكومة، فيما تشير غالبية التكهنات إلى أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي مرشح جاهز للتيار.

ويرى مراقبون أن الصدر يركز على بناء حكومة تكافح الفساد وتتولى تقديم الخدمات وتضمن استقلال وسيادة العراق. إلا أن هذا الطموح يمكن أن يتوقف عند تقديم الخدمات.

اقرأ أيضا: حرب هاشتاغات تكشف ماوراء المحتجين على الانتخابات العراقية

وتشير حسابات الكتل إلى أن الصراع يمكن أن يبقى مفتوحا إذا ما اختارت الكتلة الكردية والسنية أن تتحالفا مع الصدر لتعطيه الأفضلية. وحينها فإن التنافس سوف يشتد حول مقاعد المستقلين.

والعديد من هؤلاء المستقلين ليسوا مستقلين في الواقع، إلا أن هناك بينهم من يزال يمكن شراؤه. والغلبة في عمليات الشراء ستكون لتنسيقية المالكي لأنها تملك من القدرات ما لا يملكه الصدر.

وكان الصدر قد سارع عقب الإعلان الجديد للنتائج إلى القول إنها تظهر أن كتلته هي الأكبر انتخابيا وشعبيا، وهو ما يفرض عليها أن تسعى لبناء تحالفات تحت خيمة الإصلاح لتكوين حكومة خدمية نزيهة.

ومع زيادة التكهنات بشأن التحالفات وفرص تشكيل الحكومة الجديدة أو الإبقاء على حكومة الكاظمي، يبدو أن المشهد السياسي العراقي مقبل على التصعيد أكثر من التوافق.

ورأى عضو المكتب السياسي لتيار الحكمة محمد حسام الحسيني أن الحديث عن تشكيل الحكومة أو سيناريوهات بقاء حكومة الكاظمي “أمر مبكر وغير واقعي” في ظل هذه الظروف الحالية، مؤكداً أنه “لا يمكن الحديث بهذا الموضوع لأن لغة الأرقام لنتائج الانتخابات لا تزال غير واضحة”.

وذكر أن “نتائج الانتخابات لا تنسجم مع الحالة المنطقية والواقعية، كما أن هناك أدلة ووثائق تثبت أن هذه النتائج غير صحيحة في كثير من الجوانب، ومنها وجود فجوات رقمية بين الأشرطة التي لدينا وبين ما تم إعلانه من النتائج من قبل المفوضية”.

ونوه الحسيني في تصريح لشبكة رووداو الإخبارية إلى أن “هناك دوراً كبيراً للحكماء في ضبط النفس وفي تحويل كل هذا الضغط إلى مسارات قانونية، والابتعاد عن التصعيد وعن الاصطدام”، واصفاً البلد بأنه “على كف عفريت”.

العرب