الرد “الأكثر حسماً” من جانب موسكو على طرد “الناتو” عدد من ممثليها الدائمين في بروكسل جاء في أعقاب زيارة نائب وزير الخارجية الأميركية لروسيا فيكتوريا نولاند، وفي توقيت كان كثيرون يعلقون فيه الآمال على احتمال انفراجة في علاقات الكرملين مع كل من “الناتو” والولايات المتحدة، وأعلنت موسكو قرارها قطع علاقاتها مع حلف شمال الأطلسي اعتباراً من أول نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وإلى أجل غير مسمى.
وكشف وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف عن قرار “تعليق” عمل البعثة الدائمة في هذه المنظمة وإغلاق مكتبها الإعلامي، وكذلك بعثة الاتصال في موسكو، رداً على سحب اعتماد ثمانية موظفين روس من البعثة الدائمة لدى “الناتو” في أوائل أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.
المقدمات قد تعود إلى سنوات طويلة مضت، لعلها تمتد إلى خمسينيات القرن الماضي حين طرح الاتحاد السوفياتي السابق فكرة انضمامه إلى حلف “الناتو” (عام 1954). وكانت قناة “Meduza” (ميدوزا) الروسية نقلت عن المؤرخ البريطاني جيفري روبرتس أن “فياتشيسلاف مولوتوف اعترف بأن الاتحاد السوفياتي يمكن أن ينضم إلى الناتو، ولكن ليس لإنهاء الحرب الباردة وإنما للحصول على الموارد المالية من الولايات المتحدة”. وكان من الطبيعي أن يرفض الحلف طلب الاتحاد السوفياتي لما في ذلك من اعتراف ضمني بسيطرة الاتحاد السوفياتي وهيمنته على بلدان شرق أوروبا، ونظراً “إلى أن النظام السوفياتي لا يفي بمعايير الديمقراطية الموجودة في دول الحلف الأخرى”، بحسب ما جرت الإشارة آنذاك، وما كان متوقعاً.
وأشارت “ميدوزا” في تقرير لها بهذا الشأن إلى أن المؤرخين كشفوا عن أن مولوتوف، الساعد الأيمن السابق للزعيم السوفياتي ستالين ووزير خارجيته، اقترح في مذكرة بعث بها إلى زملائه من أعضاء المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفياتي، المضي قدماً والإعلان عن تبادل محتمل، تصبح معه الولايات المتحدة طرفاً كاملاً في معاهدة الأمن الجماعي، وينضم الاتحاد السوفياتي إلى “الناتو”، ولم يكن مولوتوف ليصدق احتمالات تلبية الطلب من دون أن يُخفي بطبيعة الحال أن “هذه الفكرة تبدو ذات طابع دعائي، بعد أن لقيت رفضاً شبه حتمي”، وقال إن “ذلك سيكون مناسباً ليظهر أمام العالم أن الناتو قد تم إنشاؤه ليس من أجل الدفاع، ولكن من أجل النضال النشيط ضد الاتحاد السوفياتي والدول الاشتراكية”.
ويذكر مراقبون ومؤرخون وكنا منهم على مقربة إبان أولى سنوات “البيريسترويكا” و”الغلاسنوست”، في النصف الثاني من ثمانينيات القرن الماضي، أن الرئيس الأخير للاتحاد السوفياتي ميخائيل غورباتشوف كان مفتوناً بفكرة “بناء البيت الأوروبي المشترك”، وهو ما حرص على الإعلان عنه مراراً خلال لقاءاته مع نظيره الفرنسي فرانسوا ميتران، ورئيسة الوزراء البريطانية مارغريت تاتشر، بل مضى إلى ما هو أبعد حين بادر بمد يد “الصداقة والتعاون” مع الغرب، معلناً في خطاب ألقاه في الأمم المتحدة عام 1988 عن إسقاطه مذهب بريجنيف الذي كان يقضي بالتدخل في الشؤون الداخلية لكل بلدان المعسكر الاشتراكي، ووقف عملياً وراء إسقاط جدار برلين عام 1989 تمهيداً للإعلان عن وحدة الألمانيتين، قبل الإعلان عن حل حلف “وارسو” في 1991 الذي سبق انهيار الاتحاد السوفياتي في نهاية ذلك العام. وقام وزير الخارجية السوفياتية الأسبق إدوارد شيفاردنادزه بزيارة مقر أركان الحلف في 19 ديسمبر (كانون الأول) 1989 في سابقة لم يشهد التاريخ مثيلاً لها.
التوسع شرقاً
وكانت مصادر ألمانية كشفت عن أن وزير خارجية ألمانيا الغربية هانز ديتريخ جينشر ألقى في 31 يناير (كانون الثاني) 1990 خطاباً قال فيه، بحسب مصادر السفارة الأميركية في بون، أنه “يجب ألا تؤدي التغييرات في أوروبا الشرقية وعملية التوحيد الألمانية إلى ضعف المصالح الأمنية السوفياتية”، لذلك يجب على “الناتو” أن يستبعد “توسيع حدوده في اتجاه الشرق، أي نقلها إلى القرب من الحدود السوفياتية”. وفي العاشر من فبراير (شباط) 1990 التقى غورباتشوف في موسكو المستشار الألماني الغربي هيلموت كول وأعلن عن موافقة السوفيات، من حيث المبدأ، على انضمام ألمانيا إلى “الناتو”، طالما أن “الحلف لن يتوسع نحو الشرق”.
وأشارت المصادر إلى أن وزير الخارجية الأميركي الأسبق جيمس بيكر قال في معرض لقائه نظيره السوفياتي شيفاردنادزه، في 9 فبراير 1990، إن “الناتو لن يتوسع شرقاً”. وأكد المعني والحديث نفسه ثلاث مرات حين التقي غورباتشوف في اليوم نفسه. وأخبر بيكر غورباتشوف أن “الناتو” لن يمتد لمسافة بوصة واحدة إلى الشرق. ووافق بيكر على تصريح غورباتشوف بأن “توسيع حلف شمال الأطلسي أمر غير مقبول”.
وكتب بيكر إلى هيلموت كول الذي التقي غورباتشوف في اليوم التالي، 10 فبراير 1990، “ثم طرحت السؤال التالي عليه: هل تفضل رؤية ألمانيا موحدة خارج الناتو مستقلة ومن دون قوات أميركية، أم تفضل ألمانيا الموحدة أن تكون مرتبطة بحلف الناتو مع ضمانات بأن ولاية الناتو لن تتحول بوصة واحدة شرقاً من موقعها الحالي؟ أجاب أن القيادة السوفياتية كانت تفكر في هذه الخيارات”. وأضاف بيكر، “ضمناً، قد يكون حلف الناتو في منطقته الحالية مقبولاً”.
وكان المستشار الألماني كول أبلغ غورباتشوف في 10 فبراير 1990، بـ “أننا نعتقد أنه يجب على الناتو ألا يوسع مجال نشاطه”.
وقالوا أيضاً إن الأمين العام لحلف “الناتو” مانفريد وورنر أعلن في يوليو (تموز) 1991، في حديثه أمام نواب السوفيات الأعلى “بأن مجلس الناتو يعارض توسيع الناتو”.
وعلى الرغم مما صادف القيادة السوفياتية من مهانة جراء تناسي القيادات الغربية ما قطعه القائمون على حلف “الناتو” ووزير الخارجية الأميركية الأسبق جيمس بيكر، والأمين العام الأسبق للحلف مانفريد وورنر الذي زار موسكو في يوليو 1990، من وعود حول عدم تقدم “الناتو” إلى ما هو أبعد من حدوده آنذاك، فقد عاد الرئيس الروسي الأسبق بوريس يلتسين ليسقط في شرك وعود الغرب ومنظماته، ولم يكن قد انفرد بعد بالسلطة المطلقة في بلاده، وما إن دانت له الغلبة واليد العليا في روسيا والفضاء السوفياتي السابق حتى بعث في 21 ديسمبر 1991، وهو تاريخ توقيع رؤساء 10 من بلدان الاتحاد السوفياتي السابق على إعلان المآتا بشأن تأسيس “منظمة الكومنولث”، برسالة إلى “الناتو” يقول فيها إن انضمام روسيا إلى الحلف سيكون أحد الأهداف طويلة المدى لسياسته في المستقبل. وتردد آنذاك ما مفاده أن نقاشاً جدياً دار حول هذا الصدد، بل وتحدد عام 2005 موعداً لقبول روسيا في “الناتو” في تاريخ مواكب للموعد المقترح لانضمام أوكرانيا وبيلاروس. وكانت الإدارة الأميركية إبان سنوات حكم الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون قد “سربت” معلومات تقول إن يلتسين طلب وساطة نظيره الأميركي لدى صندوق النقد الدولي لإقراض روسيا 2.5 مليار دولار لتمويل حملته الانتخابية عام 1996، وهو ما فعله كلينتون من أجل مساعدة صديق ذلك الزمان لإعادة انتخابه، تحت إشراف فريق “علاقات عامة” بعث به خصيصاً إلى روسيا للإسهام في الإشراف على الحملة الانتخابية ليلتسين.
وكان الرئيس الروسي “نجح” في إقامة علاقات تتسم بكثير من “الحميمية” مع “الناتو” قبل أن يجرى تأصيل هذه العلاقات من خلال إقرار لجنة الشراكة “روسيا- الناتو” بعد انضمام موسكو إلى “برنامج الناتو للشراكة الأوروبية الأطلسية” عام 1991.
بوتين و”الناتو”
وجاء الرئيس فلاديمير بوتين إلى سدة الحكم في الكرملين مطلع العام 2000 ليعلن في حوار أجراه مع قناة “بي بي سي” عن احتمال انضمام روسيا إلى “الناتو”، وقال إنه لا يستبعد ذلك شرط أن تدخل روسيا على قدم المساواة مع أعضاء الحلف وأن تكون شريكة في اتخاذ “القرار”، وكان تطرق إلى هذا الموضوع أكثر من مرة في لقاءاته مع الرئيس الأميركي كلينتون، وتحديداً عام 2000 أثناء زيارته إلى موسكو، وهو ما رد عليه كلينتون بقوله إنه “لا يمانع ذلك”، وأعاد بوتين ذلك إلى الأذهان في حواراته مع المخرج الأميركي أوليفر ستون، مشيراً إلى أن وزيرة خارجية كلينتون مادلين أولبرايت كانت من أشد المعارضين لانضمام روسيا إلى “الناتو”، على الرغم مما قاله عن أن كلينتون كان متحمساً للفكرة، وأكد استعداده للنظر في طلب انضمامها، وذلك في توقيت شهد صدور بعض التعليقات التي حذرت من مغبة ذلك، انطلاقاً من مخاوف حين قالت إن طلب بوتين “محاولة لتدمير الحلف من الداخل”، على حد تعبير عدد من أعضاء الكونغرس الأميركي، بل دعا بوتين الأمين العام للحلف السير جورج روبرتسون إلى زيارة موسكو.
وقالت مصادر غربية إن مناقشات جادة دارت حول مدى استعداد دوائر الحلف وقياداته لتلبية طلب روسيا، أما الأسباب التي جرى الإعلان عنها تبريراً لرفض الاستجابة لطلب روسيا فمنها أن “الحلف لا يملك الموارد الكافية لضمان أمن الحدود مع الصين وفقاً للمعايير التي اعتمدها الحلف، وثانياً بعد دخول روسيا الحلف لن تصبح حليفاً لأعضائها الآخرين، إلى جانب تحول الحلف إلى هيكل بيروقراطي، مثل الأمم المتحدة في الحاضر”.
ونقل مراقبون تصريحات الرئيس التشيكي السابق فاتسلاف هافيل التي أوجز فيها السبب الثالث لرفض طلب روسيا، ويتمثل في أن “الناتو” يوحد دول “الحضارة الغربية”، وروسيا لم تقبل التعامل مع هذه الحضارة ولن تتعامل معها”، على حد تعبيره.
مع ذلك، فقد جرى الإعلان عن تأسيس “مجلس روسيا- الناتو” عام 2002 بعد أن كان بوتين كشف عن استعداده للتعاون مع الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن في مكافحة الإرهاب أعقاب أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001، ووافق بوتين على السماح للمقاتلات والطائرات الأميركية المشاركة في الحملة الأميركية وعمليات “الناتو” في أفغانستان.
اقرأ المزيد
تدريبات عسكرية واسعة بقيادة روسيا قرب حدود أفغانستان
باريس: “فاغنر” الروسية تحل مكان الدولة في أفريقيا الوسطى
ما مصير علاقات روسيا مع الناتو بعد أزمة طرد الدبلوماسيين؟
النصر الغريب للكرملين
لكن، ما تلا ذلك من أحداث وتطورات دفعت إلى الأذهان كثيراً من ممارسات الماضي القريب، ومنها الحرب في البلقان وقصف “الناتو” يوغوسلافيا السابقة، وكذلك غزو العراق وقصف ليبيا، وكان وراء تجدد احتدام العلاقات والتوتر بين الجانبين، وكان بوتين استعاد إلى الأذهان في مؤتمر الطاقة الذي عُقد في وقت سابق من أكتوبر الحالي أن الولايات المتحدة ودوائر “الناتو” أول من “تنكر لما وعدت به روسيا”.
وقال إن بوش الابن أعلن قراره الخروج من معاهدة الحد من الأنظمة الصاروخية. ورداً على احتجاجات روسيا ورفضها أن تكون المستهدفة من هذا القرار، قال إن موسكو تستطيع أن تفعل ما تريده وما تستطيعه رداً على هذا القرار، وهو ما عملت به موسكو وما نجحت في تصنيعه من أسلحة فرط صوتية كان خير رد على الإجراءات الأميركية، ولعل ذلك يتسق مع ما أعلنه الرئيس بوتين في خطابه أمام مؤتمر الأمن الأوروبي بميونيخ في فبراير 2007، الذي رفض فيه علم القطب الواحد، وانفراد قوة بعينها بالقرار الدولي. وكشف آنذاك عن أن بلاده ستكون مضطرة إلى البحث عما من شأنه تأمين مصالحها وأمنها.
وذلك ما تناوله الناشر والرئيس التنفيذي لمجلة American National Interest، ديمتري سايمز، الروسي الأصل، في مقالة جاء فيها أن “روسيا ترغب في رفع العقوبات أو التخفيف من حدتها إلا أنها لن تقوم بتنازلات كبيرة، في الوقت الذي لا يرغب فيه الروس بإعادة حقبة الرئيس السابق للاتحاد السوفياتي غورباتشوف”.
وأضاف أن العديد من الروس لا يرغبون في رؤية تكرار السيناريو “المهين” للاتحاد السوفياتي الراحل في عهد غورباتشوف، وأكد أن “الإصرار على أن تكرر موسكو ما يعتبره كثير من الروس مقاربة مؤسفة ومهينة، هو خلط بين المطلوب والواقع”.
رواية لافروف
ومن اللافت أن ما اتخذته موسكو من إجراءات وقرارات، وما صدر عنها من تصريحات وتقارير ومقالات استدعت إلى الذاكرة كثيراً من تاريخ الأمس القريب، وتفاصيل ما جرى من زيارات تطرقت في معظمها إلى تاريخ العلاقة بين روسيا و”الناتو” والبلدان الغربية، جاء في توقيت مواكب لزيارتي وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن لكل من جورجيا وأوكرانيا. وقالت مصادر روسية إن موسكو تدرك المغزى الحقيقي لزيارة وزير الدفاع الأميركي التي “يُراد منها إعادة التأكيد على أن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بنهج انضمام أوكرانيا وجورجيا إلى الناتو”، وهو ما قد يدفع إلى ما لا تحمد عقباه.
ولعل تعمد لافروف الإعلان عن موقف موسكو وردها الحاسم على قرارات “الناتو” بحق ممثليها في بروكسل، يقول ضمناً إن الكرملين يتمسك بمواقفه ضد توسع الحلف شرقاً.
وتشير الشواهد إلى أن موسكو لن تعود عن اعتبار المناطق المتاخمة لحدودها “خطاً أحمر” ممنوع تجاوزه لأي كان، فيما تظل تحتفظ لنفسها بحق الرد واتخاذ ما يلزم من أجل حماية أمنها ومصالحها، لا سيما في منطقة حوض البحر الأسود. وتظل عند موقفها من مسالة “ضم” القرم التي تعتبرها جزءاً لا يتجزأ من أراضي الدولة الروسية لا يجوز التفاوض بشأنها بموجب التعديلات الدستورية التي جرى الاستفتاء حولها في يونيو (حزيران) – يوليو 2020.
أما في ما يتعلق بمقاطعتي دونيتسك ولوغانسك اللتين أعلنتا انفصالهما من جانب واحد منذ العام 2014، فإن موسكو تظل عند تمسكها بضرورة تسوية المسائل المتعلقة بهما بموجب اتفاقات مينسك التي تقضي بوضعية خاصة للمقاطعتين، وأقرتها “مجموعة نورماندي” في 2015، ووقع عليها رؤساء كل من أوكرانيا وروسيا وفرنسا والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل. وتعليقاً على استمرار محاولات الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي الرامية إلى استمالة الولايات المتحدة إلى هذه المجموعة، ظناً من جانبه أنها يمكن أن تساعده في تغيير ما جرى التوقيع عليه من جانب نظيره السابق بيتر بوروشينكو، فكشف لافروف عما لم يكن يتوقعه زيلينسكي.
وقال لافروف في حديثه الأخير أمام منتدى “فالداي” مطلع الأسبوع الحالي، إن وزير الخارجية الأميركي الأسبق جون كيري سبق والتقى الرئيس بوتين خلال إحدى زياراته إلى موسكو، واستمع منه إلى ما أشار إليه حول أن الأميركيين يؤثرون في أوكرانيا، وأن لهم مندوباً خاصاً هناك يستمع إليه بوروشينكو. وكشف لافروف أن كيري قال إن “الأميركيين يمكنهم التفكير في انضمامهم إلى مجموعة نورماندي في حال تمت دعوتهم”. وأضاف، “إننا سألنا الألمان والفرنسيين فقالوا بشكل قاطع: لا، ويجب أن نعمل بالصيغة التي تم إنشاؤها، والتي تم توقيع اتفاقات مينسك بها، وهذا هو السبيل الوحيد. ليس من الضروري أن تكون عضواً في الأربعة، وليس من الضروري تحويل الأربعة إلى خمسة أو سبعة من أجل المساعدة بطريقة ما في التسوية. للأميركيين تأثير قوي على زيلينسكي وفريقه. لقد استؤنف حوارنا. والتقت نولاند (نائب وزير الخارجية الأميركية) مع دميتري كوزاك (المشرف على ملف القضايا الأوكرانية وبلدان الجوار القريب)، ووافقا على مواصلة الاتصال. إذا أراد الأميركيون ذلك وإذا كانوا مستعدين حقاً لدعم تنفيذ اتفاقات مينسك فيمكن حل المسألة بسرعة فائقة”.
ولعل كل ما جرت الإشارة إليه من أزمات وخلافات في الرؤى والسياسات مع الولايات المتحدة وحلفائها في الاتحاد الأوروبي يمكن أن يكون تفسيراً لتحول الكرملين شرقاً نحو علاقات أرادها دعماً وعوناً وبديلاً لما كان يرومه من تحالفات مع “الناتو” والدوائر الغربية على مدى سنوات.
ومن هنا يمكن تفسير توالي ظهور العديد من التنظيمات والأطر على غرار “منظمة شنغهاي للتعاون” التي تضم إلى جانب روسيا كلاً من الصين وبلدان آسيا الوسطى، واتسعت لاحقاً لتضم الهند وإيران ودولاً أخرى، وكذلك “بريكس” التي تضم مع روسيا كلاً من الصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، فضلاً عن المنظمات التي تضم العديد من بلدان الاتحاد السوفياتي السابق، لتأمين الأمن والاستقرار أو التكامل الاقتصادي، وتتسع لبلدان أخرى من خارج منظومات بلدان الفضاء السوفياتي السابق.
اندبندت عربي