بروكسل- لا يبدو أن تركيا ستتوقف كثيرا بانتظار توضيح الولايات المتحدة لموقفها النهائي بشأن تسليم أنقرة مقاتلات إف – 16 كتعويض لها عن سقوط صفقة مقاتلات إف – 35.
ويلوح الأتراك بشراء مقاتلات إس يو – 57 الروسية إذا استمر العناد الأميركي، وهو ما يزيد من اتساع رقعة الخلافات بين البلدين مع تمسك تركيا بصفقة منظومة الصواريخ الدفاعية الروسية إس – 400 والتحضير لدفعة ثانية منها.
وهدد إسماعيل دمير كبير مسؤولي صناعة الدفاع في تركيا، وهو من المسؤولين المدرجين في القائمة السوداء لشراء إس – 400، بشراء طائرات مقاتلة روسية إذا لم تتسلم بلاده الطائرات الحربية الأميركية.
إسماعيل دمير: إذا لم توافق واشنطن على صفقة إف – 16 فلن تبقى تركيا دون بدائل
وبحسب قناة إن تي في التركية الإخبارية ذكر دمير على هامش اجتماعات حلف شمال الأطلسي (ناتو) “إذا لم توافق الولايات المتحدة على صفقة طائرات إف – 16 بعد الموقف مع طائرات إف – 35، فلن تبقى تركيا دون بدائل. وقد تظهر قضية إس يو – 35 وطائرات إس يو – 57 مرة أخرى في أيّ وقت.
وحاولت أنقرة خلال الأسابيع القليلة الماضية تأمين تسليم أربع طائرات مقاتلة من طراز إف – 16 من واشنطن، كبديل لطائرات إف – 35 المقاتلة التي دفعت تركيا بالفعل مقابلها وهو 1.4 مليار دولار.
وكانت الولايات المتحدة قد استبعدت تركيا من برنامج إف – 35 المشترك في 2019 ردا على شراء أنقرة لنظام الدفاع الصاروخي الروسي إس – 400. وحاولت تركيا، منذ ذلك الحين، العودة إلى البرنامج من خلال الضغط على الحكومة الأميركية، ولكن دون جدوى.
ثم ظهرت تقارير مؤخرا تفيد بأن الولايات المتحدة عرضت على تركيا طائرات إف – 16 الأقل تقدما كتعويض عما دفعته كمقابل في طائرات إف – 35، وهو ما أشار إليه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منذ أيام حين قال إن بلاه تعمل على تطوير أسطولها بتحديث طائرات إف – 16 التي بحوزتها إلى مشتريات إضافية جديدة من نفس الطراز.
وأضاف أن الموضوع الذي يهم تركيا هو أنها دفعت مليارا و400 مليون دولار لمشروع مقاتلات إف – 35، وما تناقلته وسائل الإعلام هو عرض أميركي لبيع تركيا 40 مقاتلة من طراز إف – 16 مقابل ذلك.
كما صرح وزير الدفاع التركي خلوصي أكار خلال حضوره اجتماعات الناتو إن بلاده بدأت مناقشات فنية مع الولايات المتحدة بشأن شراء طائرات إف – 16 كجزء من خطط لتحديث أسطولها من الطائرات المقاتلة.
ونقلت وكالة الأناضول التركية للأنباء عن أكار قوله للصحافيين في بروكسل “بدأنا الأعمال الفنية لتوريد طائرات بلوك 70 فايبر إف – 16 من حليفنا الاستراتيجي الولايات المتحدة وتحديث بعض الطائرات التي نمتلكها.”
وقال أكار إن “العمل الفني بدأ” للحصول على طائرات فايبر إف – 16 من واشنطن بالإضافة إلى تحديث الطائرات الحربية التي تمتلكها تركيا بالفعل. لكن لا توجد أيّ تأكيدات من الأميركيين في هذا السياق.
ولم يستبعد مراقبون أن تكون إثارة موضوع شراء المقاتلات الروسية على هامش اجتماعات الناتو نوعا من الضغط تمارسه أنقرة قبل الاجتماع المقرر بين أردوغان ونظيره الأميركي جو بايدن على هامش قمة مجموعة العشرين المقبلة بروما في نهاية الشهر الحالي.
خلوصي أكار: بدأنا الأعمال الفنية لتوريد طائرات بلوك 70 فايبر إف – 16 من حليفنا الاستراتيجي الولايات المتحدة
وأضاف هؤلاء المراقبون أن إثارة هذا الموضوع قد تساعد الأتراك على تحسين شروط التفاوض مع واشنطن ودفعها إلى تسريع قرارها بشأن تسليم أنقرة كمية أولى من مقاتلات إف – 16 كمؤشر على استمرار التعاون العسكري بين البلدين.
لكنهم يشيرون إلى أنه مهما كانت النية من وراء تصريحات كبير مسؤولي صناعة الدفاع في تركيا فإنها ستلقي بثقلها على علاقة بلاده المتوترة أصلا مع الولايات المتحدة بسبب الاستمرار في صفقة صواريخ إس – 400، وكذلك مضيّ المسؤولين الأتراك في إطلاق تصريحات تظهر أن أنقرة لم تعد حليفا لواشنطن في العديد من الملفات بالمنطقة.
وما يثير قلق الأميركيين بشأن جدية صفقة المقاتلات الروسية أن الموضوع سبق وأن طرح في مرات سابقة ووجد حماسا من موسكو التي تعمل ما في وسعها لجذب أنقرة إلى ملعب صناعاتها الدفاعية حتى وإن كانت هناك بين العاصمتين خلافات حول ملفات إقليمية.
وفي مارس الماضي أكدت الهيئة الفيدرالية الروسية للتعاون العسكري التقني أن موسكو مستعدة للمفاوضات مع أنقرة بشأن توريد مقاتلات من الجيل الخامس من طراز سو – 57 ومن الجيل الرابع سو – 35 وكذلك للتعاون في تطوير أحدث الطائرات المقاتلة التركية.
وقالت الناطقة باسم الهيئة فاليريا ريشيتنيكوفا “فيما يتعلق بالخطط المحتملة لشراء أنقرة مقاتلات روسية من طراز سوخوي – 57 وسوخوي – 35، فإن الجانب التركي على علم تام بمواصفاتها الفنية”. كما أشارت إلى روسيا مستعدة لمساعدة تركيا على تنفيذ مشروع مقاتلاتها من الجيل الخامس تي – أف – أكس.
وذكر وزير الصناعة والتكنولوجيا التركي مصطفى ورانك أنه “إذا كان لدى روسيا طائرة تلبي احتياجاتنا الحالية، وإذا لم تكن هناك صعوبات في إدخالها إلى نظامنا وإطلاقها، فيمكننا بالطبع شراؤها من روسيا أو من دولة أخرى في أوروبا”.
ولم يتغير الكثير منذ أن اشترت تركيا نظام الدفاع الجوي الروسي إس – 400، الذي أجبر الولايات المتحدة على سحب أنقرة من برنامج الطائرات المقاتلة إف – 35. ولا تزال تركيا خاضعة للعقوبات الأميركية.
العرب