للمرة الثالثة خلال أسبوعين تتخذ مفوضية الانتخابات العراقية قراراً بإعادة فتح محطات اقتراع، واحتساب أصواتها بشكل يدوي داخل مركز عمليات المفوضية بالمنطقة الخضراء، وسط بغداد، التي ما زال يحتشد حولها المئات من أنصار القوى الخاسرة بالانتخابات، والتي نظمت نفسها أخيراً ضمن ما يعرف بـ”إطار التنسيق”، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.
وتستند قرارات مفوضية الانتخابات بإعادة فتح محطات الاقتراع إلى الطعون والشكاوى المقدمة بشأنها من القوى الخاسرة. وبلغ عدد المحطات التي تقرر فتحها لغاية الآن أكثر من 11 ألف محطة انتخابية بعموم مدن البلاد، من بينها نحو 3600 محطة انتخابية جرى اختيارها عشوائيا من قبل المفوضية، للتأكد من مطابقة بيانات الأجهزة الإلكترونية للطريقة اليدوية باحتساب الأصوات. وكانت قد قررت في 16 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي إعادة فتح نحو 4 آلاف محطة أخرى قالت إن خللاً فنياً أعاق عملية نقل بياناتها إلكترونياً، وسيتم احتسابها يدوياً، أعقبتها بالإعلان عن فتح ألفي محطة انتخابية.
تتجه المفوضية لإبطال كل حجج أطراف تعتبر نفسها مغبونة
وقال سياسيون عراقيون إن توجهات المفوضية في إعادة فتح المحطات الانتخابية، واحتساب أصواتها، تأتي ضمن محاولات لطمأنة القوى الخاسرة إلى سلامة إجراءاتها، وعدم صحة دعاوى التلاعب التي تقول تلك القوى إنها نفذت من خلال الأجهزة الإلكترونية الخاصة بعدِّ وفرز النتائج. وقال مصدر قضائي عراقي في بغداد، أمس الأربعاء، إن مفوضية الانتخابات وافقت على إعادة فتح المئات من المحطات الانتخابية التي قدمت بحقها شكاوى لا ترتقي لإعادة التدقيق فيها يدوياً. وأوضح أن التوجه هو لإبطال كل الحجج التي تقدمها الأطراف التي تعتبر نفسها مغبونة في هذه الانتخابات وتوجه تهم التلاعب والتزوير. وأشار إلى أن عملية إعادة فرز وعد المحطات بدأت أمس الأربعاء، متوقعاً أن تستمر حتى الأحد المقبل، بحضور ممثلين عن القوى الطاعنة بالانتخابات. لكنه أكد، في الوقت ذاته، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “النتائج ستبقى محافظة على إطارها العام، والتغيير سيكون في أقصى الحالات بمقعد أو اثنين”، وفقاً لقوله.
وكانت المفوضية العليا للانتخابات في العراق قد أعلنت، في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء الماضي، أنها قررت إعادة فتح ألفي محطة انتخابية جديدة، وعد أصواتها يدوياً. وجرت صباح أمس، الأربعاء، عملية العد والفرز انطلاقاً من محافظة نينوى، فيما أشار مصدر في المفوضية، لقناة “الجزيرة”، إلى أن نتائجها لم تتغير، وتليها محافظة بابل، ثم سيتم فرز وعد المحطات المطعون بها في جانب الرصافة ببغداد. وعقب ذلك سترسل المفوضية توصياتها إلى الهيئة القضائية للانتخابات بخصوص هذه الطعون في ضوء نتيجة العد والفرز اليدوي. وقال عضو التحالف المدني الفائز بالانتخابات الأخيرة باسم خشان، لـ”العربي الجديد”، إن “عملية التوازنات في توزيع المقاعد البرلمانية لن تشهد تغييرات كثيرة، حتى مع قرار إعادة فتح ألفي محطة انتخابية”. واعتبر أن “الخلل ليس بنتائج الانتخابات، بل بقانون الانتخابات الذي يحوي أخطاء، وتم تمريره بشكل سريع”.
العراق
تقارير عربية
الانتخابات العراقية: حلفاء طهران يحاولون توسيع جبهة الرافضين للنتائج
وفي هذا السياق، قال عضو تحالف “الفتح” محمد الدراجي إن “الاحتجاج والاعتصام أمام المنطقة الخضراء سيستمر حتى مع قرار إعادة فتح ألفي محطة”. وأضاف، عبر الهاتف، متحدثاً لـ”العربي الجديد”، أن “المطلب الحالي هو إعادة فتح جميع محطات الاقتراع في كل العراق وعدها يدوياً”، واصفاً النتائج الحالية بأنها “غير مقنعة لأحد”.
أما القيادي في كتلة “صادقون”، الممثلة لجماعة “عصائب أهل الحق”، سعد السعدي، فقد أكد أن موقف كتلته الحالي بشأن الانتخابات هو أنها “مزورة ومتلاعب بها”. وأضاف السعدي، في حديث لـ”العربي الجديد”: “ننتظر نتائج العد والفرز اليدوي الجديدة، وقد تؤدي إلى حل الأزمة الحالية أو ربما تؤدي إلى انسداد سياسي أكثر مما يحدث حالياً”. ولفت إلى أن “النتائج التي ستعلنها المفوضية ستكون محترمة إذا كانت واقعية، وخصوصاً أن هناك حقوقاً قد تم الاستيلاء عليها من قبل جهات سياسية على حساب جهات سياسية أخرى”.
باسم خشان: الخلل ليس بنتائج الانتخابات بل بالقانون الذي يحوي أخطاء
من جهته، بيَّن أستاذ الإعلام السياسي في جامعة بغداد علاء مصطفى أن “المحطات التي سيتم احتسابها بطريقة العد والفرز اليدوي أقل من طموح القوى الخاسرة، وقد لا تؤدي إلى تغييرات بالنتائج. وكان على مفوضية الانتخابات أن تلجأ إلى احتساب أصوات محطات في مدينة واحدة من كل محافظة ومقارنتها بالنتائج الإلكترونية، وهي الطريقة الأمثل لمعرفة ما إذا كان هناك تزوير أم لا”. وأكد، في تصريح لـ”العربي الجديد”، أن “القوى الخاسرة حالياً راضية بالعد والفرز اليدوي، لكنها ستعود إلى الرفض بعد إعلان النتائج. كما أن التصعيد على كل المستويات من قبل القوى الخاسرة آتٍ لا محالة، ناهيك عن كون الكتل والشخصيات الوسطية التي عادة ما تكون أداة لحل النزاعات السياسية باتت خاسرة هي الأخرى، مثل عمار الحكيم، الذي خسر تياره (الحكمة) في الانتخابات، بالتالي فإن الأزمة في المستقبل قد تأخذ شكلاً جديداً ومعقداً”.
وفي أول تعليق له على الأزمة السياسية، قال مكتب الرئيس العراقي برهم صالح في بيان، في ساعة متأخرة من ليلة أمس الأول، إن الأخير عقد اجتماعاً ضم رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان وعدداً من قادة وممثلي القوى السياسية، لبحث ملف الانتخابات التشريعية التي جرت في 10 أكتوبر الحالي. وأوضح البيان أن الاجتماع أكد على “الحفاظ على المسار الديمقراطي وتغليب المصالح العليا للبلد، واعتماد الممارسات الديمقراطية لحماية وتعزيز السلم الأهلي والمجتمعي، والركون الى الحوار في حل المشاكل والاختلافات في وجهات النظر”. وشدد على “أهمية تضافر الجهود والعمل المشترك من أجل الانطلاق نحو الاستحقاقات الوطنية التي تنتظر البلد، وتشكيل مجلس نواب، وتشكيل حكومة فاعلة تحمي المصالح العليا للبلد وتستجيب للتحديات والاستحقاقات، وتضمن توفير الفرص المتساوية للمواطنين والنهوض بالاقتصاد والتجارة والتنمية والبنى التحتية”، وذلك في إشارة إلى رفض الرئيس العراقي دعوات إلغاء نتائج الانتخابات التي أطلقتها عدة قوى خاسرة فيها.
العربي الجديد