طهران– في أكبر هجوم إلكتروني على إيران، أول أمس الثلاثاء، خرجت جميع محطات الوقود في البلاد والتي تبلغ حوالي 4300 محطة عن الخدمة، مما تسبب بطوابير طويلة في الساعات الأولى من الهجوم.
كما اخترق المهاجمون اللوحات الإعلانية في بعض المدن، بما في ذلك أصفهان وكرج بالقرب من طهران.
ورصدت الجزيرة نت في طهران من كثب عمل محطات الوقود في مناطق مختلفة من العاصمة، ففي محطة الوقود رقم 217 جنوبي طهران، كان بإمكان السائق تعبئة سيارته بالوقود الحر فقط (غير مدعوم حكوميا)، دون الاتصال بالنظام الإلكتروني الذي كان خارج الخدمة، وكُتب “تم التلاعب بالنظام”.
يتم تزويد الناس بوقود غير مدعومة وبدون استخدام بطاقات البنزين. الجزيرةالنظام الإلكتروني ما زال غير فعال في بعض محطات الوقود (الجزيرة)
انتقل فريق الجزيرة من جنوب طهران إلى محطة وقود “غیشا” في وسط العاصمة، وعلى الرغم من عدم حصول الناس على البنزين الرخيص (المدعوم)، لم يطرأ أي تغيير على حركة السيارات المعتادة، وكان على الفريق الانتظار طويلا في زحمة سير طهران.
وفي نفس المحطة، تم توفير البنزين بسعر حر، علما بأن نظام بطاقة الوقود ما يزال غير نشط لاستخدام الحصة الحكومية.
وفي محطة وقود “رسالت” شرقي طهران، كان الوضع كما هو في جنوب ووسط العاصمة، ولم تكن هناك مشكلة في توفير البنزين، إلا أن الشعب اضطر لشرائه بسعر غير مدعوم حكوميا.
وحتى ليل أمس، وبحسب الرئيس التنفيذي للشركة الوطنية الإيرانية لتوزيع المنتجات البترولية، كرامت ويس كرمي، فإن 2950 محطة تعمل دون استخدام النظام الذكي وبطاقة وقود، وأكثر من 450 محطة تعمل حاليا بالنظام الذكي (لاستخدام بطاقات وقود والحصول على وقود بأسعار مدعومة).
ومنذ عام 2007 ولأجل منع تهريب البنزين وكذلك مساعدة المحرومين، طلبت الحكومة الإيرانية من جميع السائقين استخدام بطاقات الوقود للحصول عليه بأسعار مدعومة.
واستمرت هذه الحالة حتى يومنا هذا، ويمكن الآن لكل سيارة الحصول على 60 لترا، ولكل دراجة نارية 25 لترا شهريا من البنزين بسعر 15 ألف ريال، وسيرتفع سعر البنزين إلى 30 ألف ريال (0.11 دولار تقريبا) في حال أراد المنتفع الحصول على أكثر من هذه الكمية.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2019، رفعت الحكومة سعر البنزين بنسبة 200% من 10 آلاف ريال إلى 30 ألف ريال (غير مدعوم) وبنسبة 50% إلى 15 ألف ريال (مدعوم من الدولة)، وأدى ذلك إلى احتجاجات في العاصمة ومدن أخرى بإيران ما أسفر عن مقتل واعتقال عدد من المتظاهرين، ولم يعلن عن عدد قتلى الاحتجاجات حتى الآن.
ووفقا للشعارات المكتوبة على اللوحات الإعلانية المخترقة في المدن، يبدو أن هذا الهجوم الإلكتروني يتماشى مع الذكرى الثانية للاحتجاجات.
ايمكن لسائق تعبة سيارته بوقود الحر فقط (غير مدعوم حكوميا) دون الاتصال بالنظام الإلكتروني. الجزيرةالبنزين يتم شراؤه حاليا بسعر حر غير مدعوم حكوميا (الجزيرة)
خسائر الهجوم السيبراني
يقول الخبير الأمني وعضو معهد الدفاع والأمن الوطني، الدكتور سجاد عابدي، إن الهجوم السيبراني الأخير سمح للمخترقين بالوصول إلى اللوحات الإعلانية ونظام بطاقة الوقود، ومن الصعب الحكم على الآثار المباشرة لهذا الحادث.
وأوضح عابدي في حديثه للجزيرة نت أنه لا يمكن حساب الخسائر بشكل دقيق وواضح لأن الهجوم السيبراني عادة لا يعمل مثل القنبلة التي تسبب ضررا فوريا وقابلا للقياس.
وأضاف أن الاختراق نفّذته دولة ما (لم يسمّها) لا أفراد أو مجموعة معينة، كما أن الهجوم استغل برامج طرف موثوق به موجود داخل الأراضي الإيرانية، وأن مدى الضرر غير معروف.
من یقف وراء الهجوم؟
وقال أمين المجلس الأعلى للفضاء السيبراني، أبو الحسن فيروز آبادي، “يمكن أن تكون دولة أجنبية وراء هذا الهجوم، كما شهدت البلاد مثل هذا الهجوم على أنظمة السكك الحديدية في أشهر سابقة وتمت معالجة الأضرار في وقت قصير”.
كما صرح العميد غلام رضا جلالي رئيس منظمة الدفاع المدني قائلا “لم يتم تأكيد هجوم إلكتروني من الخارج على نظام التزود بالوقود الإلكتروني، وهذا أحد الاحتمالات”.
وفي المقابل، أعلنت مجموعة إلكترونية أطلقت على نفسها اسم “العصفور المفترس”، مسؤوليتها عن الهجمات على محطات الوقود في البلاد.
وكتبت المجموعة، ضمن رسالة لبعض وسائل الإعلام الفارسية في خارج البلاد أنها لاحظت ضعفا كبيرا في البنية التحتية للبلاد أثناء التخطيط للهجوم السيبراني، مما قد يتسبب في أضرار طويلة المدى والمزيد من الأضرار لمحطات الوقود، لكنها، وفق المجموعة، قررت عدم إحداث المزيد من الضرر.
وأعلنت المجموعة أيضا مسؤوليتها عن هجوم إلكتروني على وزارة الطرق والبنية التحتية للسكك الحديدية قبل بضعة أشهر.
ولا توجد معلومات دقيقة حول هذه المجموعة، ولم يؤكد الخبراء صحة هذه التصريحات بعد، لكن يبدو أن أحد أهداف هجوم المتسللين على نظام الوقود في البلاد هو للاحتجاج على معاملة الحكومة لمتظاهري نوفمبر/تشرين الثاني 2019 وقتل واعتقال الشباب في تلك الفترة.
ووفقا لآبادي، لم تتضرر الخوادم والمعلومات، ولا معلومات حصة الأشخاص بأي شكل من الأشكال، كما أن حصص البنزين المدعومة متوفرة للجميع.
المصدر : الجزيرة