واشنطن – أكدت الولايات المتحدة عشية مظاهرات مزمعة السبت للاحتجاج على سيطرة الجيش السوداني على السلطة أن رد فعله سيكون اختبارا لنوايا قادة الانقلاب العسكري الذي طالبته بالامتناع عن استخدام العنف ضد المتظاهرين السلميين.
وقال مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأميركية للصحافيين طالبا عدم نشر اسمه “غدا سيظهر مؤشر حقيقي على نوايا الجيش”.وأضاف “ندعو قوات الأمن إلى الإحجام عن أي شكل من أشكال العنف ضد المحتجين والاحترام الكامل لحق المواطنين في التظاهر السلمي”.
وعزز وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن هذه الرسالة في وقت لاحق الجمعة قائلا “يجب على قوات الأمن السودانية احترام حقوق الإنسان وأي عنف ضد المتظاهرين السلميين غير مقبول”.وأضاف على تويتر أن الولايات المتحدة تواصل الوقوف إلى جانب “شعب السودان في نضاله السلمي من أجل الديمقراطية”.
وتسبب الانقلاب في الخروج عن المسار الانتقالي الذي كان يهدف إلى توجيه السودان نحو الديمقراطية مع إجراء انتخابات عام 2023 بعد الإطاحة بعمر البشير قبل عامين.
وقال المسؤول الأميركي إن واشنطن تتفهم شكوك الزعماء المدنيين السودانيين في العمل مع قائد الجيش عبدالفتاح البرهان لكنه أضاف أن الاستبعاد الكامل للجيش ليس أمرا واقعيا.
وأضاف عن البرهان إنه “واجهة لخذلان تطلعات الشعب السوداني واختطاف المؤسسات المدنية”. وقال إن الزعماء المدنيين سيبحثون عن تطمينات قبل الإقدام على العمل معه وهو أمر قال إنه يجب عليهم رغم ذلك أن يفعلوه.
وقال المسؤول “لن يرغب شركاؤنا المدنيون في سماعي أقول هذا، لكن ليس من الواقعي الاعتقاد بأنكم ستتمكنون من النجاح في الانتقال إذا استبعدتم الجيش تماما من العملية”.
وأكد البرهان الجمعة أنه يمكن الإعلان عن رئيس وزراء من ذوي الكفاءات خلال أسبوع وترك الباب مفتوحا أمام حمدوك للعودة وتشكيل الحكومة الجديدة.
وأشار المسؤول الأميركي إلى أن واشنطن تعلم أن هناك مشاكل في الفترة الانتقالية لكن القادة العسكريين السودانيين لم يلمحوا أبدا إلى استيلاء على السلطة في تعاملاتهم نهاية الأسبوع الماضي مع الوفد الأميركي.
ووصل جيفري فيلتمان المبعوث الخاص للرئيس جو بايدن إلى القرن الأفريقي، إلى الخرطوم قبل يومين من الانقلاب حيث تصاعدت المخاوف من أن الفترة الانتقالية تواجه مشاكل بسبب التوتر بين العسكريين والمدنيين.وحذر فيلتمان البرهان من اتخاذ أي خطوات ضد الإدارة المدنية التي كانت تشرف على الانتقال الديمقراطي لكن الجيش تجاهل نصيحته.
ويراقب العالم رد فعل العسكريّين على هذه التظاهرات التي وعد منظّموها بأن تكون “مليونيّة” بينما أغلقت قوات الأمن السودانية غالبية الجسور في الخرطوم بالتزامن مع دعوات للتظاهرات في “مليونية 30 أكتوبر” لرفض الإجراءات العسكرية والمطالبة بالإفراج عن المعتقلين.
وقال التلفزيون السوداني إن إدارة المرور أعلنت إغلاق الطرق الرئيسية وكل الجسور في العاصمة الخرطوم السبت، باستثناء جسري الحلفايا وسوبا.
ويحشد أنصار الحكم المدني في السودان قواهم في الشارع السبت لإثبات قدرتهم على تحدّي انقلاب قائد الجيش وإعادة البلاد إلى عمليّة التحوّل الديمقراطي رغم القمع الدامي للاحتجاجات على مدى الأيّام الخمسة الأخيرة.
ومع فرض السلطات قيودا على الإنترنت وخطوط الهاتف، سعى معارضو الانقلاب إلى التعبئة للاحتجاج باستخدام المنشورات والرسائل النصية القصيرة والكتابات على الجدران والتجمعات في الأحياء.
والشعار الأساسي لهذه التظاهرات هي “الردة مستحيلة” بعد عامين على الانتفاضة التي استمرت شهورا وانتهت بإسقاط البشير في أبريل 2019 وتشكيل سلطة انتقالية من المدنيين والعسكريين منوطة بها إدارة شؤون البلاد إلى حين تسليم الحكم إلى حكومة منتخبة ديمقراطيا عام 2023.
في المقابل، قال قائد الجيش السوداني إنه لا اعتراض على التظاهر السلمي وهو حق مكفول ومشروع.
وردا على الدعوة لاحتجاجات واسعة السبت، أوضح البرهان في تصريحات لوكالة سبوتنيك الروسية، أن القوات الأمنية لن تتدخل كلما كانت المظاهرات سلمية.
وأشار البرهان إلى أن مصير المسؤولين الذين تم إلقاء القبض عليهم بعد حل مجلسي السيادة والوزراء ستحدده لجنة قانونية، مضيفا أن من لم تثبت إدانته سيُخلى سبيله.
وبشأن رئيس الوزراء المعزول، قال البرهان إن حمدوك هو من يحدد مستقبله السياسي، مشيرا إلى أنه تحدث معه قبل التغيير الأخير، وقال له إنه يرغب ببقائه لتأسيس انتقال حقيقي سويا، يلبي رغبة الشعب بعيدا عن التجاذب السياسي، وفق البرهان.
وفي سياق متصل، أعلن التلفزيون السوداني أن البرهان أصدر قرارا أعفى بموجبه عددا من الدبلوماسيين من الخدمة، من بينهم سفراء السودان في كل من تركيا والإمارات وجنوب أفريقيا.
كما شملت الإعفاءات رئيس بعثة السودان بالأمم المتحدة بالإنابة واثنين من السفراء العاملين بوزارة الخارجية.
العرب