أنعام اليمن.. ثروة الفقراء المهدرة في زمن الحرب

أنعام اليمن.. ثروة الفقراء المهدرة في زمن الحرب

اضطررت لبيع نصف ثروتي من الأغنام في الشهرين الماضيين من أجل الإنفاق على البيت، بسبب راتبي المتدني البالغ 40 دولارا، وعدم قدرتي على شراء الأعلاف التي ارتفع سعر الواحدة منها إلى حوالي دولار واحد في الفترة الماضية”، بهذه الكلمات بدأ سعيد منذوق الحديث للجزيرة نت بعد سؤاله عن حجم ثروته الحيوانية من الأغنام، إذ يعمل في هذه المهنة منذ 27 عاما.

ويقول منذوق -وهو من سكان بلدة المضاربة شمال لحج (جنوبي اليمن) ويعمل في السلك التعليمي- إنه كان يملك من قطيع الأغنام 120 رأسا قبل اندلاع الحرب في مارس/آذار 2015، لكنها وصلت اليوم إلى 25 فقط، حيث فقد نصفها خلال الشهرين الماضيين بسبب العجز عن توفير متطلبات الأسرة لضعف مرتبه وعدم القدرة على شراء الأعلاف بعد الجفاف الذي أصاب منطقته وتسبب في ارتفاع سعرها.

يضع إحصاء زراعي صادر عن وزارة الزراعة في اليمن الإنتاج الحيواني في المرتبة الثانية بعد الإنتاج النباتي من حيث مساهمته في إجمالي الإنتاج الزراعي في اليمن بنسبة تبلغ 23.5%.

ويعد قطاع الزراعة أحد أهم دعائم الاقتصاد الوطني، إذ يبلغ متوسط مساهمة هذا القطاع حوالي 13.7% من إجمالي الناتج المحلي، في حين بلغ متوسط مساهمة قطاع الزراعة في الدخل القومي 16.5%.

بعيدا عن أسرته وأطفاله ينتقل هادي لبنة، الذي يعمل في رعاية الإبل، بين الصحراء والأودية في مناطق بين لحج وعدن، ويمكث لأسابيع بحثا عن المرعى، لكن الحرب -كما يقول- لم تترك له حرية التنقل بسبب شبكة الألغام، فهو يرعى في أماكن محددة ينقطع عنها المرعى عند الجفاف ليضطر لبيع بعضها لتوفير بعض الاحتياجات، في حين فقد بعضها الآخر بسبب سقوطها من على منحدرات جبلية.

ويشير تقرير إدارة الإحصاء والأرصاد الزراعي للعام 2018 إلى تراجع حجم الثروة الحيوانية في اليمن بين عامي 2014 و2018، حيث قدر عدد الثروة الحيوانية في البلد عام 2014 بحوالي 21 مليونا و296 ألف رأس، ليصل العدد لحوالي 19 مليونا و392 ألف رأس، 8 ملايين و813 ألفا منها من الأغنام، في حين بلغ عدد الماعز 8 ملايين و644 ألفا، والأبقار مليونا و503 آلاف، والإبل 431 ألف رأس.

ويرجع المدير العام للصحة الحيوانية والحجر الحيواني بوزارة الزراعة في اليمن الدكتور عبد الرحمن الخطيب، في حديث للجزيرة، أسباب انخفاض أعداد الثروة الحيوانية خلال فترة الحرب إلى انتشار الأمراض الحيوانية الوبائية في مناطق الحروب، بالإضافة إلى تعطل الطرق وصعوبة نقل الماشية إلى الأسواق وارتفاع تكاليف نقلها وارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج الحيواني من أعلاف ولقاحات، مما أدى للعزوف عن تربية الحيوانات.

وتحدث الخطيب عن أن توسع ظاهرة التهريب للماشية من القرن الأفريقي إلى البلد التي لا تخضع للحجر البيطري ساهم في نقل الأمراض والأوبئة للحيوانات التي أدت بالفعل إلى إصابة ونفوق أعداد كبيرة من الماشية في مختلف المحافظات.

من جهته يقول علي حمد، وهو مختص في الطب البيطري الحيواني، إن الجفاف وتدهور العيش والنزوح كانت عوامل مهمة لانخفاض حجم الثروة الحيوانية، بخلاف ما كانت عليه قبل الحرب.

وأشار حمد إلى أن أسعار الأعلاف ارتفعت بنسبة 400%، وهذا فاقم الأمر على رعاة الحيوانات بسبب الجفاف والتدهور الاقتصادي الذي جعل من العاملين بهذه المهنة يبحثون عن توفير الأهم لأسرهم ولو كان من بوابة بيع جزء من حيواناتهم.

وأضاف أن بعض النازحين تركوا حيواناتهم هربا من المواجهات، والبعض الآخر باعها لصعوبة نقلها لمكان النزوح، في حين خسر البعض ثروته جراء الأعمال العسكرية في اليمن.

وتراجع الإنتاج الحيواني في اليمن بين عامي 2014 و2018 من 215 ألفا و126 طنا من اللحوم إلى 180 ألفا و918 طنا، بجانب تراجع إنتاج الحليب من 379 ألفا و564 طنا إلى 316 ألفا و782 طنا، وفق إحصاء عام 2018.

ويستوعب القطاع الزراعي 54% من إجمالي القوى العاملة في اليمن.

المصدر : الجزيرة