قدّمت الولايات المتحدة وإيران أمس الأربعاء روايتين متناقضتين حول واقعة سجّلت مؤخرا في بحر عُمان، حيث أعلنت طهران إحباط محاولة أميركية لمصادرة نفط إيراني، وهو ما نفته واشنطن.
وأعلن الحرس الثوري الإيراني أن قواته أحبطت قبل نحو أسبوع محاولة أميركية لمصادرة ناقلة نفط محمّلة بنفط إيراني، في أوج توتر بين البلدين اللذين يتبادلان باستمرار الاتهامات “باستفزازات” في مياه منطقة الخليج.
وصدر الإعلان أمس الأربعاء عن الحرس الثوري والتلفزيون الرسمي الذي ذكر أن “الولايات المتحدة صادرت ناقلة تحمل نفطا إيرانيا معدا للتصدير ونقلت حمولتها إلى ناقلة أخرى، وقادتها إلى جهة مجهولة”.
وأضاف “قامت بحرية الحرس الثوري بإنزال جوي على متن الناقلة وصادرتها”، مشيرا إلى أن “القوات الأميركية حاولت مجددا إعاقة مسار الناقلة باستخدام مروحيات وسفينة حربية، لكنها فشلت مجددا”.
وأكد بيان الحرس الثوري أنه “مع العمل الحاسم في الوقت المناسب للقوات البحرية التابعة للحرس الثوري فشلت محاولة البحرية الأميركية الإرهابية لسرقة النفط الإيراني في خليج عمان”.
وأضاف البيان “الناقلة التي تحمل النفط الإيراني رست في ميناء بندر عباس يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول”.
وبث التلفزيون الإيراني تسجيلا مصورا لما قال إنه عملية إحباط محاولة أميركية لمصادرة نفط إيراني في بحر عمان.
ونشرت وكالة أنباء فارس الإيرانية في حسابها على تويتر مشاهد تظهر هبوط مروحية على متن الناقلة النفطية “سوثيز” التي ترفع علم فيتنام وسيطرة مسلّحين ملثّمين عليها، ليصل بعيد ذلك زورق تابع للحرس الثوري ويصعد عناصره على متنها.
كذلك تظهر المشاهد الإيرانية مدمّرتين أميركيتين على مقربة هما “يو.إس.إس. مورفي” و”يو.إس.إس سالفيانز” وعلى متنهما عسكريون أميركيون يراقبون بواسطة المناظير.
وسارعت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إلى تكذيب الرواية الإيرانية، ووصفتها بأنها “غير دقيقة وكاذبة”.
وقال المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي للصحفيين “اطلعت على المزاعم الإيرانية.. إنها زائفة تماما وغير حقيقية.. هذا ادعاء كاذب”.
وأضاف كيربي “عملية الاحتجاز الوحيدة التي جرت قامت بها إيران”، مشيرا إلى أن الوجود الأميركي في المنطقة يشكل رادعا للحرس الثوري الإيراني، وأنه مرتبط بدعم حرية الملاحة والتجارة على حد وصفه.
وقالت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) إن “قوات إيرانية سيطرت على ناقلة نفط بمياه الخليج الأسبوع الماضي وبحريتنا كانت تراقب”.
وأكد مسؤول عسكري أميركي للجزيرة أنه لا صحة لمزاعم الحرس الثوري بشأن ناقلة النفط الإيرانية.
وأطلع البنتاغون الجزيرة على صور تظهر رصد مدمرة أميركية سيطرة قوارب إيرانية على الناقلة “سوثيز” (SOTHYS).
وأشار البنتاغون إلى أن مسيرات إيرانية نفذت تحليقا غير آمن أثناء خروج طائرات عسكرية أميركية من مضيق هرمز، واتخذت الطائرات الأميركية إجراءات حماية مناسبة حتى مغادرة المسيرات الإيرانية.
وأكد مسؤول لمجلة “نيوزويك” أن البنتاغون لم يعلن عن احتجاز إيران ناقلة نفط حتى لا يؤثر ذلك على فرص المحادثات النووية.
ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن مسؤولين أميركيين أن إيران تحتجز منذ 24 أكتوبر/تشرين الأول الماضي ناقلة نفط ترفع العلم الفيتنامي في خليج عمان.
وتظهر بيانات تطبيق “مارين ترافيك” الناقلة “سوثيز” متوقفة في ميناء بندر عباس الإيراني منذ 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وتتهم الولايات المتحدة إيران بالتحايل على العقوبات المفروضة على قطاع النفط، عبر تصدير الخام إلى دول مثل الصين وفنزويلا وسوريا، حيث أعلنت أكثر من مرة توقيف ناقلات تحمل نفطا إيرانيا متجهة نحو دول أخرى.
احتكاكات متكررة
وتنتشر البحرية الأميركية بشكل منتظم في هذه المنطقة ذات الأهمية الإستراتيجية الكبيرة، خاصة أنها تشكل ممرا أساسيا لنسبة كبيرة من صادرات النفط إلى الأسواق العالمية.
وفي السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بث التلفزيون الرسمي الإيراني شريطا مصوّرا قال إنه يظهر مطاردة قطع بحرية تابعة للحرس الثوري لقطع أميركية في الخليج، من دون تحديد تاريخها.
وتعود المرة الأخيرة التي تم فيها الإعلان عن حادث كهذا إلى 11 مايو/أيار الماضي، حين أعلن الحرس الثوري أنه حذّر قطعا بحرية أميركية بعد تصرف “غير مسؤول” من قبلها، بعيد إعلان البنتاغون إطلاق نيران تحذيرية باتجاه قوارب إيرانية في مضيق هرمز.
وفي أواخر أبريل/نيسان الماضي، أعلنت البحرية الأميركية اقتراب زوارق هجومية إيرانية من سفينتين أميركيتين في المياه الدولية شمال الخليج، مما دفعها لإطلاق نيران تحذيرية.
واتهم البنتاغون إيران بالاستمرار في ممارسة ما وصفها بالأنشطة الخبيثة في مياه الخليج.
وأوضح مراسل الجزيرة في طهران نور الدين الدغير أن الروايتين الإيرانية والأميركية تتقاطعان في تاريخ الواقعة، وسيطرة الحرس الثوري على الناقلة.
وكانت البحرية الإيرانية أعلنت الثلاثاء إحباط محاولة قرصنة طالت ناقلة نفط إيرانية بخليج عدن قرب باب المندب، في عملية هي الثانية من نوعها خلال أسبوعين.
وأعلنت طهران قبلها تصدي قواتها لمحاولة قرصنة استهدفت ناقلتين في خليج عدن يوم 16 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
المصدر : الجزيرة + وكالات