محاولة اغتيال الكاظمي: لحظة قرار حلّ الحشد الشعبي تقترب

محاولة اغتيال الكاظمي: لحظة قرار حلّ الحشد الشعبي تقترب

خسرت الميليشيات الموالية لإيران في العراق، بمحاولة الاغتيال الفاشلة التي نفذتها ضد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، كل فرص القبول بها كجزء من الحكومة المقبلة. وأدرك الكاظمي، إنْ بقي على رأس الحكومة، أن فرص المساومات مع الجماعات الولائية لم يعد لها مكان وأنه تساهل معها بما فيه الكفاية حتى كادت تقتله.

وحول تنديد إيران بالمحاولة قال مقربون من الكاظمي إن إيران نددت بالمحاولة الفاشلة لأنها فشلت؛ فالطائرات المسيرة إيرانية، والميليشيات التي أطلقتها إيرانية، وأوامر التنفيذ إيرانية، أما التنديد فهو نفسه “تقية” إيرانية.

وقالت أوساط سياسية عراقية إن قادة الجماعات الولائية كانوا ينتظرون نجاح محاولة الاغتيال ليلة التنفيذ بينما كانوا يستعدون لإصدار بيانات تأبين تشيد بمناقب الكاظمي وتعتبره بطلا وطنيا. وذلك على الرغم من أن بعضها وجه تهديدات معلنة بقتله. إلا أنهم صُدموا بفشل المحاولة، فنددوا بها كما فعلت إيران.

ويسود الاعتقاد في العراق بأن الهدف التالي هو مقتدى الصدر، زعيم “التيار الصدري” الذي حقق تقدما في الانتخابات على حساب باقي الأحزاب الشيعية الأخرى.

السيناريو الحوثي إحدى الخطط التي تفكر الميليشيات الشيعية في أن تقتحم بها المنطقة الخضراء وتفرض الأمر الواقع

ويقول منافسو الصدر إن تياره سوف يختفي باختفائه، مما يُعيدهم إلى “صدارة المشهد الشيعي”.

وحاول الكاظمي منذ توليه السلطة استرضاء ميليشيات الحشد الشعبي وامتنع عن مواجهة انتهاكاتها بما يتجاوز الدعوات الكلامية لفرض احترام سيادة الدولة، وشارك في أحدث استعراضاتها العسكرية في ديالى، إلا أنه كاد يدفع حياته ثمنا لموقفه المتردد حيال هذه الميليشيات.

وتخشى الجماعات الولائية خسارة النفوذ إذا ابتعدت عن السلطة، وتتخوّف من انكشاف ملفات الفساد والانتهاكات، الأمر الذي يمكن أن يضع قياداتها تحت طائلة القانون، لاسيما أن بعضها لا يتردد في الاعتراف بمسؤوليته عن ارتكاب أعمال إرهاب.

ويقول مراقبون إن محاولة الاغتيال الفاشلة يُفترض أن تضع حدا لبقاء هذه الجماعات كقوة مسلحة شاذة، تمارس التهديدات وترتكب الجرائم وتخدم أجندات إيران، بينما تتلقى أموالا من الحكومة العراقية.

واعتبر مسؤول أمنى عراقي رفيع أن استهداف منزل الكاظمي بطائرةٍ مسيّرةٍ مغامرةً بكل ما تبقى من رصيد تمتلكه الميليشيات على أمل تغيير مجريات الأحداث التي تجري بما لا يصب في صالحها.

وقال المسؤول في تصريح لـ”العرب” إن “الميليشيات الولائية وعدد من قادة الأحزاب أمام مفترق طرق؛ فإما أن يكون لهم موقع في الحكومة الجديدة يحافظ على وجودهم أو يفعّلون سيناريوهات معدة مسبقا لإرباك الوضع”.

ورجح أن يكون السيناريو الحوثي إحدى الخطط التي تفكر الميليشيات الشيعية في أن تقتحم بها المنطقة الخضراء وتفرض الأمر الواقع، عندما تفقد الخيارات الأخرى للبقاء كقوى مسيطرة داخل الدولة.

وأكد المصدر على أن قوات جهاز مكافحة الإرهاب برئاسة الفريق أول الركن عبدالوهاب الساعدي مستعدة لمواجهة أي مخاطر محتملة تهدد العملية السياسية.

واستبعد المسؤول الأمني أي مواجهة محتملة بين القوات الأمنية الحكومية والميليشيات، إلا أنه أكد جاهزيتها لأي طارئ.

PreviousNext
ويخشى كبار قادة الميليشيات في الحشد الشعبي أن يكون تشكيل الحكومة الجديدة نهاية لوجودهم كقوة مسيطرة على ما يسمى الدولة العميقة. كما يتخوّف كبار المسؤولين في الميليشيات من أن يتم فتح ملفات أعمال الاختطاف والقتل والفساد التي ستقودهم في النهاية إلى الإدانة القضائية والحكم عليهم.

وتدفع قائمة “الفتح” التي تضم كبرى الميليشيات الشيعية برئاسة هادي العامري، مدعوما من زعيم دولة القانون نوري المالكي، باتجاه الضغط على التيار الصدري لتشكيل حكومة مشتركة.

ويرى المالكي والعامري وكبار قادة الميليشيات أن مجرد تهميشهم في الحكومة الجديدة يعني نهايتهم السياسية، مؤكدين أنهم على استعداد لمواجهة أي وضع آخر لا يحافظ على نفوذهم في الحكومة المقبلة.

ووصف برلماني عراقي فائز في الانتخابات الأخيرة -فضّل عدم ذكر اسمه- استهداف منزل الكاظمي بأنه يحمل دلالة واضحة على أن الفصائل المسلحة مستعدة للوصول إلى أقصى تصعيد ممكن في سبيل الحصول على الكراسي التي حرمهم منها قانون الانتخابات الجديد وقوة تنظيم القوى المنافسة.

وعبر البرلماني في تصريح لـ”العرب” عن اعتقاده أن العراق مقبل على صدامات مسلحة طرفها الأول الحكومة و”سرايا السلام” التابعة للتيار الصدري، وطرفها الثاني الفصائل المسلحة المدعومة من إيران.

وقال إن “خوف الفصائل المسلحة من تحالف الصدر والكاظمي والفريق أحمد أبورغيف -رئيس اللجنة العليا للتحقيق في قضايا الفساد الكبرى- قد يؤدي في النهاية إلى تعليق المشانق لبعض قيادات الميليشيات في ساحة التحرير، الأمر الذي سيدفعها إلى التمادي من أجل قبولها كشريك في أي حكومة مقبلة ومنحها مناصب سياسية مقابل المقاعد البرلمانية التي خسرتها”.

صحيفة العرب