سرعت التطورات الميدانية على الساحة اليمنية ولاسيما في محافظة مأرب شمال البلاد من وتيرة التقارب بين المقاومة الوطنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، وسط مؤشرات عن توجه كلا الطرفين لتشكيل جبهة موحدة للتصدي للتمدد الحوثي المدفوع بتواطؤ إخواني.
عدن- عقد ممثلون عن المكتب السياسي للمقاومة الوطنية التي يقودها العميد طارق محمد عبدالله صالح، وقيادات بالمجلس الانتقالي الجنوبي، أول اجتماع تنسيقي لهم في العاصمة المؤقتة عدن، لمواجهة الاستحقاقات الراهنة ولاسيما تداعيات ما بعد سقوط مأرب الذي “بات مسألة وقت”.
وجاء اللقاء، تلبية لدعوة أطلقها قبل أيام ابن شقيق الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، للمجلس الانتقالي الجنوبي، بغرض تعزيز التنسيق وتشكيل جبهة صلبة، في مواجهة تطلعات المتمردين الحوثيين وداعمتهم إيران، والتي لا تنحصر فقط في إحكام القبضة على الشمال بل والتمدد جنوبا.
وقالت أوساط سياسية مطلعة إن اللقاء الذي ترأسه الشيخ ناصر باجيل عن “المقاومة الوطنية”، واللواء أحمد سعيد بن بريك عن الانتقالي الجنوبي يستهدف بالأساس رص الصفوف، والتأسيس لحامل سياسي جديد لمواجهة أعباء التصدي للمشروع الإيراني.
وأثبتت الانهيارات الدراماتيكية للسلطة الشرعية التي يهيمن عليها حزب الإصلاح الإخواني، في كل من محافظتي مأرب شمال اليمن وشبوة جنوب شرقي البلاد وجود حاجة ملحة لتمش جديد يعيد تصويب الوضع الميداني الذي بات يميل لصالح المتمردين الحوثيين.
وذكرت الأوساط السياسية أن التنسيق بين الانتقالي وقوات المقاومة الوطنية على صلة بالمعلومات التي تشير إلى تواطؤ إخواني بتسليم بعض المناطق للحوثيين دون مقاومة وهو الأمر الذي بات يعجل ببلورة رؤية جديدة للتحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية.
المقاومة الوطنية نجحت في فرض نفسها رقما صعبا ضمن المعادلة اليمنية
وكانت بعض المديريات في شبوة التي يسيطر عليها الإخوان المسلمون سقطت مؤخرا بأيدي الحوثيين دون أي مقاومة تذكر على غرار بيحان وعسيلان وعين، وكذلك الشأن بالنسبة إلى محافظة مأرب التي نجح الحوثيون في الاقتراب من مركزها بعد انهيارات في صفوف القوات الحكومية.
وأشارت الأوساط إلى أن هناك مسارا يتشكل لإعادة النظر في خارطة الاصطفافات والتحالفات الداخلية لمواجهة التغول الحوثي الذي قد ينتقل إلى جنوب اليمن بعد سقوط مأرب، في ظل مؤشرات وتصريحات حوثية تؤكد على اعتزام الجماعة نقل الصراع للجنوب عبر بوابة شبوة.
وقالت الأوساط إن الفترة الحالية تشهد نوعا من عمليات الفرز على الساحة، مع بروز قوى تبدو الأوفر حظا والأكثر قدرة سياسيا وعسكريا وشعبيا على ملء الفراغ لاسيما بعد سقوط رهانات البعض في الداخل والخارج على جماعة الإخوان المسلمين.
وكان العميد طارق صالح أكد في أول اجتماع للمكتب السياسي للمقاومة الوطنية في مدينة المخا بمحافظة تعز قبل أيام على أهمية بناء شراكة حقيقية مع القوى السياسية الفاعلة الموجودة في الساحة اليمنية من أحزاب ومقاومات شعبية، وتوجيه كل الطاقات لهزيمة المتمردين الحوثيين وإنهاء الانقلاب.
وتوجه إلى المجلس الانتقالي الجنوبي بالقول “لا بد أن نفتح ونعيد ونرسم شيئا جديدا للمستقبل يخدم كل يمني سواء في الجنوب أو في الشمال، وعبر التاريخ كان الجنوب هو عمق للشمال، وكانت حركات التحرر في الشمال تنطلق من الجنوب”.
ويرى مراقبون أن التقارب المسجل بين “المقاومة الوطنية” و”الانتقالي الجنوبي” كان متوقعا، خصوصا مع التغيرات الطارئة على المشهد اليمني في علاقة بالتعاون الذي بات واضحا للجميع بين جماعة الإخوان المسلمين الممثلة في حزب الإصلاح، والمتمردين الحوثيين.
ويضيف المراقبون أن هناك حالة من السيولة في اليمن فرضتها التطورات الميدانية والتشابكات الإقليمية، وهو ما من شأنه أن ينعكس لزاما على طبيعة التحالفات في هذا البلد.
وقال عضو المكتب السياسي لـ”المقاومة الوطنية” عمار فضل الحنشي في تصريحات صحافية الأحد إن اللقاء الذي عقد بين قيادات من “المقاومة الوطنية” وقيادات في “المجلس الانتقالي” كان مثمرا. ولفت الحنشي إلى أن المكتب السياسي “للمقاومة الوطنية وجد ليبقى كمشروع سياسي وطني من الطراز الفريد في أهدافه ومبادئه”، مشددا على أن المكتب السياسي سيواصل نشاطه في عموم المحافظات.
وعلق الكاتب الصحافي حسين الدياني على اللقاء قائلا “أول اجتماع رسمي للطرفين من أجل السير معا لتحقيق أهداف واحدة تخدم الوطن والمواطن شمال وجنوبا، ولا غرابة في أن يجتمعا اليوم وقد جمعهما صدق النوايا والتضحيات الميدانية والانتصارات على عدو مشترك”.
وأضاف الدياني “ما يحسب للمكتب السياسي ومقاومته الوطنية أنه الطرف الوحيد الفاعل على الأرض والذي لا يرتبط بتنظيم دولي مؤدلج بل يحمل على عاتقه هم تحرير صنعاء ويرفض افتعال المعارك الجانبية التي تستهدف المناطق المحررة ويحدد مسار فوهة بندقيته نحو العدو الحقيقي.. خطوة موفقة وشجاعة من الطرفين وإلى الأمام”.
ونجحت المقاومة الوطنية في فرض نفسها رقما صعبا في المعادلة اليمنية، وأصبحت منذ مارس الماضي تمتلك حاملا سياسيا، لضمان ترسيخ أقدامها في المشهد اليمني، وسط اعتراف دولي بها كطرف أساسي في المشهد.
الفترة الحالية تشهد نوعا من عمليات الفرز على الساحة، مع بروز قوى تبدو الأوفر حظا والأكثر قدرة سياسيا وعسكريا وشعبيا على ملء الفراغ
وبرزت “المقاومة الوطنية” التي يقودها طارق صالح في أواخر العام 2017 حيث سجلت إنجازات عسكرية مهمة في الساحل الغربي لليمن، بفضل مخزونها البشري القائم على عناصر عسكرية عالية التدريب والانضباط تم تسريحها من الحرس الجمهوري والقوات الخاصة وقوات مكافحة الإرهاب عقب الانقلاب الحوثي في سبتمبر 2014.
وقد أثار صعود نجم قوات “المقاومة الوطنية” قلق الحوثيين، وكذلك جماعة الإخوان المسلمين التي سعت لتحييدها ورفض مشاركتها في أكثر من جبهة وبينها في محافظة مأرب، التي بات اليوم سقوطها بيد المتمردين الحوثيين مسألة وقت.
ويقول متابعون إن تحالف “المقاومة الوطنية” مع “المجلس الانتقالي” من شأنه أن يضاعف من هواجس الإخوان، لما قد يشكلانه من قوة تحيدها، كما أنه يشكل نقطة انطلاق لوقف تمدد الحوثيين.
العرب