يتابع خبراء قطاع العقارات باهتمام كبير التحولات التي بدأت تطرأ على سوق العقارات السعودي وخاصة في ما يتعلق بصعود أسعار إيجارات الوحدات الإدارية مع تنامي الطلب جراء خطط نقل الشركات العالمية مقراتها إلى الرياض، مما سيمهد لطفرة أكبر في المعروض خلال أشهر وينعش أعمال البناء والتطوير في السنوات المقبلة.
الرياض- تحولت أنظار المحللين إلى الزخم الذي اكتسبه نشاط سوق العقارات الإدارية في العاصمة السعودية خلال الآونة الأخيرة، والذي ينبئ بحصول طفرة كمية أكبر في المعروض مع تنامي الطلب ستترافق مع تسارع وتيرة ارتفاع قيمة إيجارات المكاتب ذات الفئة الراقية.
ودفع تحديد الحكومة مهلة نقل مقرات الشركات الأجنبية ضمن خطط تحويل العاصمة إلى مركز إقليمي للأعمال الطلب على هذا النوع من الوحدات إلى الارتفاع بشكل غير مسبوق، مما أدى إلى دخول الأسعار في منحنى صعودي قد لا يتراجع على المدى القريب.
وهذا التطور سيعطي زخما أكبر لسوق العقارات بشكل عام ويجعل قدراته التنافسية أكبر، الأمر الذي ينسجم مع ما رسمته الحكومة في خططها المستقبلية لتنمية القطاع.
ويقول خبراء إن الأبنية الإدارية في الرياض ظلت فارغة لسنوات وقد طُرحت أفكار لتحويلها إلى شقق سكنية، لكن السعوديين يفضلون السكن في المنازل والفيلات.
وأشاروا إلى أن مستوى التطوير للشقق بحكم المستوى الراقي للأبنية نفسها، كان سيجعلها شققا بعيدة عن متناول أصحاب الدخل المحدود من الوافدين.
وذكرت شركة نايت فرانك للاستشارات العقارية في تقرير حديث نشرته الثلاثاء أن الطلب على المكاتب عالية المستوى في الرياض زاد بعد أن قالت السعودية إنه يتعين على الشركات الأجنبية أن تنقل مقراتها الإقليمية إليها حتى تتمكن من العمل معها.
وبنظرة مستقبلية تتوقع نايت فرانك أن يزداد الطلب على العقارات المكتبية من الفئة الأولى في العاصمة. وقد أرجع خبراؤها هذا الأمر إلى كون الشركات العالمية لن ترضى بما هو أقل من ذلك.
وترجح الشركة زيادة المعروض من المساحات الإدارية في الرياض بواقع 8.1 في المئة بحلول نهاية العام الجاري، لكن ذلك قد لا يبطئ من تسارع وتيرة ارتفاع الإيجارات على المدى القريب، بل ربما تشهد صعودا أكبر مع قدوم المزيد من الشركات إلى السعودية.
وفي تقرير آخر صدر هذا الأسبوع، قالت شركة “سي.بي.آر.إي” للاستشارات العقارية إن الزيارات التفقدية للأماكن الإدارية بالسعودية تجاوزت في الربع الثالث مستوياتها قبل الجائحة وفقا لبيانات غوغل للحركة والتنقل.
وكانت السعودية قد قالت في فبراير الماضي إنها ستمهل الشركات الأجنبية حتى نهاية 2023 لإقامة مقرات بها وإلا تفقد عقودها مع الحكومة، في خطوة تهدف إلى اجتذاب الاستثمار وإتاحة فرص عمل للسعوديين.
والمهلة التي وضعتها السعودية لنقل المقرات تأتي في إطار جهود ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لتنويع مصادر الاقتصاد بعيدا عن النفط من خلال التحول إلى قطاعات جديدة. وقد وضعت هذه الخطوة المملكة في منافسة مع الإمارات، مركز الأعمال بالمنطقة.
وفي الشهر الماضي قالت السلطات السعودية خلال مؤتمر “مبادرة مستقبل الاستثمار” في نسخته الخامسة إنها أصدرت تراخيص لأربع وأربعين شركة دولية لإقامة مقرات إقليمية بالعاصمة.
وتستهدف السعودية نقل 480 مقرا إقليميا إلى العاصمة خلال 10 سنوات. وقال وزير الاستثمار خالد الفالح حينها “لدينا هدف قصير المدى بأن نصل إلى 400 أو 500 شركة، لكن ليس هناك سقف”.
وقالت نايت فرانك إن “الطلب المتنامي على المساحات الإدارية من الفئة الأولى في الرياض وضع كما هو متوقع ضغوطا تصاعدية على أسعار إيجارات المكاتب من الفئة الأولى والتي زادت بنسبة 2.9 في المئة خلال 12 شهرا حتى نهاية الربع الثالث من 2021”.
وكان رئيس أبحاث الشرق الأوسط في نايت فرانك فيصل دوراني قد رجح في مذكرة نشرتها الشركة في شهر أغسطس الماضي أن يصل المخزون المكتبي في الرياض إلى قرابة 5.3 مليون متر مربع بحلول نهاية عام 2023. وأشار حينها إلى أن أسعار إيجارات سوق المكاتب الإدارية، باستثناء الرياض، استمرت في الانخفاض مع استمرار ضعف الطلب.
ووفقا لمذكرة دوراني فقد ارتفعت قيمة الشقق في الرياض بنسبة 7.6 في المئة على أساس سنوي في الربع الثاني من العام الجاري، كما ارتفع عدد المعاملات السكنية بنسبة 77 في المئة.
التطور سيعطي زخما أكبر لسوق العقارات بشكل عام ويجعل قدراته التنافسية أكبر، الأمر الذي ينسجم مع ما رسمته الحكومة في خططها المستقبلية لتنمية القطاع
وقالت نايت فرانك “من الواضح أن قرار وضع الرياض في موضع المنافس الإقليمي لدبي له اعتباراته الخاصة”، مشيرة إلى مسائل مثل جودة المساحات الإدارية والفوارق
الضريبية. وأضافت “رغم هذا فالسعودية هي أكبر اقتصاد بالمنطقة ويبلغ عدد سكانها حوالي 35 مليون نسمة، وهو ما يشير بقوة إلى أن هناك متسعا في المنطقة لوجود أكثر من مركز أعمال واحد”.
وترجمت السعودية خطتها لدعم قطاع العقارات بإصدارها في أكتوبر الماضي تحفيزات وإعفاءات ضريبية جديدة في مبادرة تعكس حرص البلد الخليجي الثري على إسهامه في دفع الاقتصاد ضمن “رؤية 2030”.
وأصدر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز في ذلك الوقت أمرا ملكيا يعفي الصفقات العقارية من ضريبة القيمة المضافة البالغة 15 في المئة ويفرض ضريبة جديدة بنسبة 5 في المئة على التصرفات العقارية.
العرب