أرامكو تخطط لزيادة الاستثمارات مدفوعة بفورة الأرباح

أرامكو تخطط لزيادة الاستثمارات مدفوعة بفورة الأرباح

دخل عملاق النفط السعودي مرحلة جديدة في سياساته الاستثمارية التوسعية بالإعلان عن استراتيجية مرحلية تمتد حتى 2025 من أجل تعظيم الإيرادات بعدما استطاعت الشركة أن تجني أرباحا خلال العام الماضي تضاهي مستويات ما قبل الجائحة عندما بدأت في الإعلان عن نتائج أعمالها.

الرياض – كشفت شركة أرامكو السعودية الأحد عن تفاصيل استراتيجيتها لتنمية أعمالها بقطاع التنقيب والإنتاج والطاقة المستدامة خلال المرحلة المقبلة، مدفوعة بفورة أرباح بأكثر من الضعف حققتها في العام الماضي على أساس سنوي.

وأعلنت أرامكو أنها تعتزم زيادة الإنفاق الرأسمالي إلى ما بين نحو 40 و50 مليار دولار خلال العام الجاري مع استمرار الزيادة حتى منتصف العقد الحالي.

وتظهر الإحصائيات الرسمية للشركة أن الإنفاق الرأسمالي في العام الماضي بلغ 31.9 مليار دولار بارتفاع بنسبة 18 في المئة مقارنة بالعام السابق.

وقال أمين الناصر الرئيس التنفيذي للشركة في بيان إن “الأوضاع الاقتصادية تحسنت بدرجة كبيرة”، لكنه أشار إلى أن التوقعات ما تزال غير مؤكدة بسبب عدة عوامل اقتصادية وجيوسياسية.

وأكد أن خطة استثمار عملاق النفط السعودي، الذي بات في المرتبة الثانية الشهر الماضي من حيث القيمة بعد شركة أبل بنحو 2.2 تريليون دولار، متخطيا بذلك مايكروسوفت، تهدف إلى الاستفادة من زيادة الطلب في الأجل الطويل على طاقة يعتد بها في متناول المستهلكين وأكثر أمانا واستدامة.

أمين الناصر: نريد الاستفادة من تنامي الطلب في الأجل الطويل

وبموجب الخطط المستقبلية المرحلية تعتزم الشركة زيادة طاقتها الإنتاجية المستدامة القصوى إلى 13 مليون برميل يوميا بحلول عام 2027 كما تريد زيادة إنتاجها من الغاز بأكثر من 50 في المئة بحلول 2030.

وتتسلح أرامكو باستراتيجية تعتمد على التحول إلى الطاقة البديلة حيث أكدت أنها تريد تطوير طاقتها معتمدة على تصدير الهيدروجين بدرجة كبيرة وأن تصبح رائدة على مستوى العالم في جمع وتخزين الكربون.

وأعلنت أرامكو أنها ستقوم بتوزيعات أرباح بلغت 75 مليار دولار في 2021 تماشيا مع تعهدها السابق بعدما زاد صافي أرباحها بنسبة 124 في المئة مقارنة بالعام 2020، بارتفاع يتجاوز الأرباح التي حققتها قبل تفشي الجائحة مع انتعاش أسعار النفط وتعافي الاقتصاد.

ويأتي ذلك ضمن أهداف الشركة لزيادة إجمالي العوائد للمساهمين عن طريق توزيع أرباح مستدامة بما يتماشى مع التطلعات المستقبلية والنمو في التدفق النقدي الحر، وخلق قيمة أعلى على المدى البعيد عن طريق الاستثمار في العديد من الفرص المتاحة.

وأظهرت البيانات أن حجم الأرباح وصل إلى 412.4 مليار ريال (110 مليارات دولار) في العام الماضي، مقابل 49 مليار دولار في 2020، علما أن الشركة حققت أرباحا بقيمة 88.2 مليار دولار في 2019.

وكشفت أرامكو عن انخفاض متتال في الأرباح منذ أن بدأت إعلان نتائج أعمالها في 2018، إذ تراجعت من 111.1 مليار دولار في ذلك العام قبل أن تحقق هذا الارتفاع الكبير.

وجرى الإعلان عن النتائج في وقت تشهد أسعار النفط مستويات مرتفعة جدا تخطت المئة دولار على وقع الغزو الروسي لأوكرانيا والمخاوف من نقص في الإمدادات في ظل العقوبات الغربية على موسكو.

ومن المتوقع أن يساعد ارتفاع سعر برميل النفط الذي بلغ في المتوسط نحو 130 دولارا منذ اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا نهاية الشهر الماضي، الشركة السعودية على جني المزيد من الإيرادات وبالتالي تحقيق أرباح أكثر خلال هذا العام.

وقالت أرامكو في إفصاح للبورصة المحلية عن نتائج أعمالها إن “صافي الدخل المتحقق يعكس تأثير ارتفاع أسعار النفط الخام، وتوحيد نتائج أعمال الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) لسنة كاملة، والزيادة الكبيرة في هوامش الربح من أعمال التكرير والكيميائيات”.

وتم الإعلان عن هذه النتائج بعد ساعات من تعرّض منشآت تابعة لها في جنوب السعودية لهجوم نفذه المتمردون الحوثيون في اليمن، وفي وقت تمر أسواق النفط العالمية بحالة من التخبط على وقع الغزو الروسي لأوكرانيا.

وقال الناصر “كان العام 2021 متميزًا للغاية بالنسبة إلى أرامكو من حيث النتائج المالية والتشغيلية والمبادرات والإنجازات والاستثمار في المستقبل رغم التحديات والظروف الصعبة التي عاشها العالم بسبب الجائحة”.

وأضاف “تبرهن نتائجنا القوية على تركيزنا الثابت على استراتيجية النمو طويلة الأجل، والتي تستهدف تعزيز القيمة لمساهمينا، وفي الوقت نفسه تؤكد على انضباطنا المالي ومرونتنا في التعامل مع ظروف السوق المتغيرة”.

وتابع الناصر أن “النظرة الحالية لسوق النفط تبدو متقلبة، لكن خططنا الاستثمارية تهدف إلى الاستفادة من الطلب المتزايد على المدى الطويل للحصول على طاقة موثوقة ومستدامة وبأسعار معقولة. ويشمل ذلك زيادة الطاقة الإنتاجية القصوى المستدامة من النفط الخام لدينا”.

وأُدرجت أرامكو في البورصة السعودية في ديسمبر 2019 بعد أكبر عملية طرح عام أولي في العالم وصلت قيمته إلى 29.4 مليار دولار مقابل بيع 1.7 في المئة من أسهمها.

ومنذ تسلم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لمنصبه في العام 2017، تنكب الرياض على محاولة تنويع الاقتصاد بدعم قطاعات الترفيه والرياضة والسياحة وغيرها بهدف وقف الارتهان التاريخي للنفط.

ويقود هذه الجهود صندوق الاستثمارات العامة (الصندوق السيادي) برئاسة الأمير محمد بن سلمان والذي يبلغ إجمالي أصوله 480 مليار دولار.

وحصل الصندوق في فبراير الماضي على 4 في المئة من أسهم أرامكو تقدّر قيمتها بنحو 80 مليار دولار، وذلك بهدف دعم عمله من أجل تنويع الاقتصاد.

وجاءت عملية نقل الأسهم بعد تقارير حول نية الحكومة بيع نسبة ضئيلة من أسهمها لجهة أجنبية، حيث لم تكشف السعودية حتى الآن بشكل رسمي عن خططها في هذا الجانب.

وكانت مصادر مطلعة قالت لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، لم تسمّها، إن أرامكو تخطط “لما يمكن أن يكون أكبر بيع للأسهم على الإطلاق” مع “إمكانية إدراج أسهم في لندن أو سنغافورة أو أماكن أخرى”.

وكان ولي العهد السعودي قد أعلن في مقابلة مع قناة حكومية في أبريل الماضي عن نقاش يجري مع شركة طاقة أجنبية لبيعها واحدا في المئة من الأسهم، من دون أن يسمي الشركة.

والسعودية أحد أكبر منتجي ومصدري النفط في العالم، وتقود مع روسيا تحالف أوبك+ الذي يضم مجموعة الدول المصدرة وخارجها ويتحكم بكميات الإنتاج في السوق. وقد رفضت ضغوطات أميركية لزيادة الإنتاج بهدف خفض الأسعار.

العرب