طبرق – كشفت مطالبة 49 نائبا في مجلس النواب الليبي بمراجعة قوانين الانتخابات التي أقرها البرلمان، وإعادة النظر فيها إلى حين التوصل إلى صيغة توافقية بين كل الأطراف السياسية تسمح بتوفير الحد الأدنى من مقومات نجاح هذا الاستحقاق الانتخابي، انشقاقا داخل مجلس النواب، ما يهدد بنسف طريق الاستحقاق الانتخابي.
وكانت ليبيا أغلقت باب الجدل حول القوانين والتشريعات الانتخابية، ودخلت رسميا أهم منعطف في تاريخها السياسي المعاصر بإعلان المفوضية العليا للانتخابات الاثنين البدء في قبول طلبات الترشح للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي تبدأ بالأولى في الذكرى السبعين لاستقلال البلاد في الرابع والعشرين من ديسمبر وتختتم بالثانية في يناير.
ويعد إغلاق ملف القوانين الانتخابية والنزاع المحتدم بشأنها بين الأفرقاء السياسيين في الساحة الليبية خطوة جديدة تدعم فرص إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، المقرر في اتفاق جنيف العام الماضي، لكنه لا ينهي احتمال تقويضها من أطراف لم تُرضها التشريعات التي تشكل القاعدة القانونية التي ستدار بموجبها العملية الانتخابية.
لكن مع ذلك، بدأت الاعتراضات على قانون الانتخابات من داخل المجلس النيابي ذاته، بعد إصدار 49 نائبا بيانا مساء الثلاثاء تحدث فيه الموقعون عن صعوبة إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية دون وجود قاعدة دستورية متوافق عليها.
ودعا النواب إلى ضرورة إعادة النظر في قوانين الانتخابات التي أقرها البرلمان وعرضها على التصويت، معتبرين أن الانتخابات الرئاسية دون دستور أو قاعدة دستورية هي مشروع دكتاتورية مهما كانت النتائج، مؤكدين تمسكهم بإجرائها في موعدها الرابع والعشرين من ديسمبر المقبل.
وترفض مؤسسات وقوى سياسية ليبية مواد في قانوني الانتخاب، وتقول إن مجلس النواب أقر المشروعين دون طرحهما للتصويت، ولم يتشاور بشأنهما مع المجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري)، بالمخالفة للاتفاق السياسي لعام 2015.
وعبر النواب الموقعون عن رفضهم لتدخل رئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السايح في تغيير وتعديل القوانين الانتخابية، لأنها غير حيادية وتقوض جهود الوفاق الذي توصلت إليه الأطراف السياسية في ملتقى الحوار السياسي.
وتعيش ليبيا على وقع خلاف قانوني بين القوى السياسية الرئيسية، يتعلق أساسا بالمادة الـ12 من قانون انتخاب الرئيس التي لا تسمح بمن لم يترك مهامه ومنصبه قبل 3 أشهر من موعد الانتخابات بالترشح، وستقصي شخصيات وازنة من خوض المنافسة على هذا المنصب.
وتستمر المفوضية العليا للانتخابات في استقبال طلبات المرشحين للانتخابات الرئاسية والبرلمانية وفي توزيع البطاقات على الناخبين.
ويبلغ عدد أعضاء مجلس النواب 200، لكن العدد الفعلي حاليا 149، في ظل وجود مقاطعين للمجلس وحالات استقالة ووفيات.
والاثنين فتحت مفوضية الانتخابات باب الترشح للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، بالرغم من خلافات مستمرة حول قانوني الانتخاب بين مجلس النواب من جانب، والمجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري) وحكومة الوحدة الوطنية والمجلس الرئاسي من جانب آخر.
وينظر الليبيون إلى الانتخابات التي طال انتظارها كفرصة لإعادة توحدهم، بعد أن سئموا الحرب والفوضى والانقسام الذي ابتليت به بلادهم منذ عقد من الزمن، وأرهقهم تدخل الدول الأجنبية التي أغرقت البلاد بالأسلحة والمرتزقة، الذين أراقوا الدماء في كل مكان، والذين تقدر الأمم المتحدة أعدادهم بنحو 20 ألف مقاتل.
ورغم الجهود التي تقودها المفوضية التي تتقدمّ بهدوء نحو موعد الانتخابات، إلا أن المتابعين للشأن الليبي غير متفائلين بشأن إجراء الانتخابات، حيث يرون أن المناخ السياسي والوضع الأمني بالبلاد لا يسمحان بتنظيم انتخابات بعد شهر ونصف، خاصة بعد ارتفاع الأصوات المعارضة من غرب ليبيا التي وصلت إلى حدّ التهديد بنسف الاستحقاق الانتخابي.
وكان المجلس الأعلى للدولة الذي بدأ يحشد عمداء بلديات المنطقة والتشكيلات المسلحة وكذلك بعض نواب البرلمان، لمنع إجراء الانتخابات بالقوانين التي أقرّها البرلمان، ويوجه الشارع للخروج ضد الانتخابات وضد المفوضية العليا للانتخابات، هدّد بالحرب في حال وصول قائد الجيش الليبي خليفة حفتر إلى الحكم.
كما هددت مجموعات تقدم نفسها على أنها من “ثوار فبراير”، بمصادرة صناديق الاقتراع في حال تم فرضها من دون التوافق على القوانين، وفي حال ترشح أشخاص بعينهم، وخاصة حفتر.
العرب