بعد مرور أكثر من شهر على إجراء الانتخابات العراقية المبكرة التي أقيمت في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، يستمر الجدل السياسي حول نتائجها التي أفرزت تكتلات جديدة في البرلمان الجديد، وانقسامات كبيرة تؤخر تسمية الرئاسات الثلاث وتشكيل الحكومة. وفي كل دورة انتخابية، يعيش العراق حالة من الفراغ الدستوري بعد أن تحوّلت الحكومة الحالية برئاسة مصطفى الكاظمي إلى حكومة تصريف أعمال، التي تفتقر إلى الصلاحيات المطلقة ومن دون وجود برلمان يدعم مواقفها أو يراقب عملها.
ضرورة التزام التوقيتات والمواعيد
ويرى المتخصص في الشأن السياسي صالح لفته أنه “لا يوجد فراغ دستوري إذا تم التزام التوقيتات والمواعيد التي نص عليها الدستور العراقي بشكل واضح، بعد إجراء الانتخابات البرلمانية وإعلان النتائج وانتخاب رئيس البرلمان واختيار رئيس الجمهورية، الذي بدوره يكلف مرشح الكتلة الأكبر لرئاسة الوزراء. لكن بحسب التجارب السابقة، جرت ممارسات خاطئة كثيرة وخرق الدستور وتجاوز المدة القانونية، ولم يُحاسب من عطّل القوانين من السياسيين ولم يحسب حساب لرأي المواطن، لأنه ببساطة غالبية الكتل السياسية والأحزاب لا تحترم القانون ولا يوجد من يحاسبها، وتشعر أنها فوق الدستور وأقوى من الدولة، ولا تهتم بمصالح الناس ولا تشعر بهمومهم والأهم هي مصالحهم الخاصة”.
ويضيف “لذلك يتكرر الفراغ الدستوري والتأخير في كل دورة انتخابية حتى تعوّد الناس على ذلك، وتأخير انعقاد البرلمان وتعطيل تشكيل الحكومة وعدم سن القوانين التي ينتظرها ملايين الناس، الذين صوّتوا عسى ولعلّ أن تتحسن أحوالهم بعد تنظيم الانتخابات”.
تفتقر إلى الصلاحيات المطلقة
أما الباحث السياسي علي البيدر، فأكد أن “تأخر إعلان نتائج الانتخابات النهائية على الرغم من مضي أكثر من شهر على إجرائها والكشف عن الأولية منها، يدفع البلاد إلى مزيد من الأزمات”.
وتابع “الأطراف المعترضة على نتائج الانتخابات ترتكب حماقة سياسية ومجتمعية عبر منعها تحقيق إرادة العراقيين، التي منحت الشرعية للبرلمان الجديد، الذي لم يرَ النور بعد بسبب مواقف تلك الجهات الساعية إلى إفشال أفضل تجربة انتخابية مرت على الدولة العراقية، على الرغم من أنها تفتقر إلى صفة المثالية، إلا أنها أفضل من جميع المناسبات الانتخابية السابقة”.
وأضاف أن “الحكومة الحالية تواجه كثيراً من العقبات في تسيير شؤون البلاد، كونها تفتقر إلى الصلاحيات المطلقة ومن دون وجود برلمان يدعم مواقفها أو يراقب عملها. كما أن الموازنة العامة للدولة أبرز القضايا التي تحتاج إلى وجود مجلس النواب يقرّ قانونها ويدفع نحو تنفيذه”.
ويعتقد البيدر “نحن نعيش فراغاً سياسياً أو أزمة إدارة الموقف إن صح التعبير، وهذا ما يؤكد أن المنظومة السياسية في البلاد لا تفكر بمصالح العراق كدولة أو شعب بقدر التفكير بمصالحها الفئوية الضيقة”.
اقرأ المزيد
ما الضمانات التي تطلبها “التيارات الولائية” في العراق بعد خسارتها الانتخابات؟
ديالى العراقية على حافة الفتنة مجددا
ماذا لو أعيدت الانتخابات في العراق؟
حل البرلمان ومهمات حكومة تصريف الأعمال
بدوره، يكشف الخبير القانوني علي التميمي أن “مجلس النواب أقرّ بجلسته الـ46 بتاريخ 31 مارس (آذار) 2021، حل نفسه استناداً لأحكام المادة 64 من الدستور واعتباراً من 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2021. لذلك يُعدّ مجلس الوزراء في هذه الحالة مستقيلاً ويواصل تصريف الأمور اليومية، بمعنى آخر تتحوّل الحكومة اعتباراً من 7 أكتوبر 2021 إلى حكومة تصريف أعمال”.
وأوضح أن “المفهوم الدستوري والقانوني لحكومة تصريف الأعمال اتخاذ الإجراءات والقرارات غير القابلة للتأجيل، كي يستمر عمل مؤسسات الدولة. ولا يجوز اقتراح القوانين الواردة في المادة 60 من الدستور والمادة 80، كما لا يجوز عقد القروض أو التوصية إلى مجلس النواب بالموافقة على تعيين وكلاء الوزارات والسفراء وأصحاب الدرجات الخاصة، وفقاً لما ورد في المادة 80 \خامساً”.
وأشار إلى أنه “لا يجوز التفاوض بشأن المعاهدات والاتفاقيات الدولية والتوقيع عليها أو لمن تخوّله المادة 80\سادساً، وعدم الدخول في التزامات قانونية أو تعاقدية أو اتفاقيات دولية، وعدم إجراء مناقلة في الموازنة وعدم الإلغاء أو التعديل في المراكز القانونية للدولة، وعدم تفويض أو منح الصلاحيات أو استحداث تشكيلات إدارية أو غيرها”.
صلاحيات الرئيس
ويضيف التميمي، “التكليف الدستوري يسمح لرئيس الجمهورية بممارسة مهماته إلى ما بعد انتهاء الانتخابات، ويدعو مجلس النواب إلى الانعقاد بمرسوم جمهوري خلال 15 يوماً من تاريخ المصادقة على نتائج الانتخابات الجديدة المادة 54 والمادة 93\سابعاً، ويتم انتخاب رئيس للجمهورية خلال 30 يوماً من تاريخ أول انعقاد للمجلس وفق الآلية الدستورية الواردة في المادة 70 من الدستور، والتفسير الدستوري للمادة 76 من الدستور، كما يكلف رئيس البلاد مرشح الكتلة الأكبر عدداً تشكيل الحكومة خلال 15 يوماً من تاريخ انتخابه وفقاً للمادة 76\أولاً، أما الترشيح، فليس من اختصاص رئيس الجمهورية وإنما منح للكتلة النيابية الأكثر عدداً”.
ويردف “كما وردت في المادة 81 من الدستور الإشارة إلى صلاحية رئيس الجمهورية بتكليف مرشح عند خلو منصب رئيس الوزراء، لمرشح آخر خلال 15 يوماً، وفقاً لأحكام المادة 76 من الدستور. إذاً صلاحيات رئيس الجمهورية هي التكليف وليس الترشيح، وفق النصوص الدستورية”.
اندبندت عربي