مبادرة عمار الحكيم تهدف إلى إنقاذ الخاسرين

مبادرة عمار الحكيم تهدف إلى إنقاذ الخاسرين

تصطدم محاولات رئيس تحالف قوى الدولة الوطنية عمار الحكيم التسويق لمبادرة سياسية لحل الأزمة التي أعقبت الإعلان عن النتائج الأولية للانتخابات التشريعية، بتحفظ هو أقرب إلى الرفض من قبل التيار الصدري الذي يرى أن هذه المبادرة محاولة لإنقاذ الخاسرين في الاستحقاق.

بغداد – بدأ رئيس تحالف قوى الدولة الوطنية عمار الحكيم الترويج لمبادرة سياسية كان تقدم بها لحل الأزمة التي أفرزتها نتائج الانتخابات التشريعية في العراق، وذلك انطلاقا من إقليم كردستان حيث اجتمع الحكيم الأربعاء بكل من رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني ورئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني.

يأتي ذلك في خضم أجواء مشحونة مع اقتراب موعد إعلان الهيئة القضائية في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق عن قرارها النهائي بشأن نتائج الاستحقاق، والمتوقع أن يتم الأسبوع المقبل.

وتبدو مهمة الحكيم صعبة في الإقناع بمبادرته في ضوء ردود الأفعال الأولية، لاسيما من التيار الصدري الذي أبدى تحفظات عليها، حيث يرى أنها تتناقض ومسعاه لتشكيل حكومة أغلبية يكون المسؤول عنها، وأن هذه المبادرة ستعيد إنتاج نفس المنظومة السابقة القائمة على المحاصصة، التي يرفضها الشارع العراقي.

وكان الحكيم عرض خلال مشاركته الثلاثاء في “منتدى السلام والأمن في الشرق الأوسط”، الذي أقيم في محافظة دهوك في إقليم كردستان، “مبادرة وطنية سياسية موسعة تجمع القوى الفائزة على مستوى المقاعد أو الأصوات والقوى المتقبلة للنتائج أو المعترضة عليها”.

وقال إن هذه المبادرة “ينبغي أن تؤدي إلى إعادة التوازن للعملية السياسية، من خلال اتفاق وطني جامع يقوم على أساس نقاط وتوقيتات واضحة وعملية”.

ويسعى رئيس تحالف قوى الدولة الوطنية إلى تدارك وطأة الهزيمة الانتخابية القاسية التي مني بها، والعودة إلى المشهد السياسي عبر لعب دور “الحكيم” في ساحة مشحونة بالخطابات التصعيدية، وبتمسك كل طرف لاسيما داخل البيت الشيعي بمواقفه.

وبحسب بيان لمكتب الحكيم فإن اللقاء الذي جمع رئيس تحالف قوى الدولة الوطنية برئيس إقليم كردستان تمحور حول بحث الأزمة السياسية التي نشبت بعد الانتخابات، ومجمل الأوضاع السياسية في البلاد.

ودعا الحكيم خلال الاجتماع إلى “أهمية النظر في الطعون والشكاوى من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، خاصة وأن ملف الطعون والشكاوى بات بيد الهيئة القضائية في المفوضية”. وأضاف أن النظر بجدية في هذه الطعون يصب في خانة شفافية الانتخابات واستعادة الثقة بالنظام السياسي والديمقراطي في البلاد.

وأكد الجانبان “أهمية الحفاظ على الأمن والاستقرار السياسي في البلد والتمسك بالخيار الديمقراطي وتطوير العملية السياسية، وتوصل القوى والأطراف العراقية إلى تفاهم مُرضٍ للجميع، يخدم حاضر ومستقبل العراق ويحل مشاكله”.

وكان الحكيم دعا خلال لقائه رئيس الحزب الديمقراطي مسعود بارزاني في وقت سابق إلى أهمية تطمين الجهات المعترضة على نتائج الانتخابات، وإلى التهدئة والحوار.

في المقابل فإن البيانين الصادرين عن رئاسة الإقليم والحزب الديمقراطي الكردستاني حول اللقاء مع الحكيم، وإن أشارا إلى أهمية التعامل مع أي مآخذ أو ملاحظات على نتائج الانتخابات وفقا للإجراءات الدستورية والقانونية، إلا أنهما أغفلا الإشارة إلى موقف كلا الطرفين من المبادرة المطروحة.

ويتبنى الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي حقق نتائج مهمة في الاستحقاق الانتخابي سياسة محايدة في الظاهر في التعاطي مع الأفرقاء داخل البيت الشيعي، ويتروى الحزب في إصدار أي موقف قبل إعلان النتائج النهائية واتضاح مسارات الأمور.

ويتنافس كل من التيار الصدري المتصدر لنتائج الانتخابات التشريعية، والإطار التنسيقي الذي يضم تحالف الفتح الواجهة السياسية للميليشيات الموالية لإيران، على كسب دعم الحزب الديمقراطي، الذي بات مع المستقلين وكتلة تقدم السنية يشكلون بيضة قبان في حسم كفة هذا الطرف أو ذاك.

ويقول مراقبون إن تأني الحزب الديمقراطي في إبداء أي موقف حيال مبادرة الحكيم متوقع، لكن اللافت هو مسارعة التيار الصدري إلى إعلان رفضه لهذه المبادرة، في موقف يعكس إصرار التيار على ترجمة نتائج الاستحقاق على أرض الواقع وعدم الانجرار مجددا إلى لعبة المحاصصة، وما أنتجته من مفاهيم هجينة من قبيل “الكل يحكم، والكل يعارض”.

واعتبر التيار الصدري أن مبادرة الحكيم من قبيل الدعوات التي مضت عليها العديد من السنين، مشددا على أنه لا حاجة إلى إرضاء الآخرين خوفا من حرب أهلية، في إشارة إلى تصعيد الميليشيات الموالية لإيران.

وأوضح القيادي في التيار عصام حسين أن “الانتخابات انتهت، ومن الطبيعي أن يكون هناك فائز وخاسر، لذا لا حاجة إلى إرضاء الآخرين خوفا من حدوث حرب أهلية، فمصطفى الكاظمي ترأس الحكومة ولا تدعمه أي كتلة سياسية، ولكننا لم نشاهد حربا أهلية، فلماذا هذا الإصرار على التوافق والطاولة المستديرة”.

وأضاف “على رئيس تيار الحكمة أن يعلن إعلانا مباشرا أنه هو من يتحمل حكومة التوافق والمسؤول عنها وعن اتفاقات الطاولة المستديرة”.

وأوضح “لا يمكن أن تجرى الاتفاقيات ويحصل على وزارة، وبعد ذلك يقول أنا لست مسؤولا عما حدث على الطاولة المستديرة، فالقضية ليست مجرد اختيار رئيس وزراء، بل يجب أن تكون أعمق من ذلك، وعلى الكتل تحمل المسؤولية والابتعاد عن التراشق الإعلامي”.

ولفت إلى أن “رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم ورئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي والإطار التنسيقي، يرغبون في الذهاب إلى الماضي وفق التوافقية السياسية، والتي فشلت فشلا ذريعا”.

وأكد حسين أن “التيار الصدري متوجه إلى حكومة أغلبية فقط”، مشددا “إذا كان لديهم الاستعداد ليتقبلوا هذه الحكومة، فلا مانع لدينا، وإن لم يكن لديهم الاستعداد فليذهبوا إلى المعارضة”.

وتصب مبادرة الحكيم في صالح الإطار التنسيقي، الذي تضغط أطرافه باتجاه تشكيل حكومة توافقية تبقيها في دائرة السلطة السياسية، ويرى مراقبون أنه من غير المستبعد أن تكون هذه المبادرة تمت بتنسيق مسبق مع قادة الإطار ومع إيران.

وقال النائب السابق محمد اللكاش الأربعاء إنّ قوى “الإطار التنسيقي تؤيد ورقة التسوية التي طرحها الحكيم”، موضحا في تصريح صحافي أنّ المبادرة مهمة للخروج من الأزمة السياسية التي أعقبت الإعلان عن النتائج الأولية للانتخابات.

وشدد اللكاش على أنّ “جميع قوى الإطار التنسيقي مع ورقة التسوية المقدمة من الحكيم، ونحن الآن بانتظار آراء ومواقف القوى السياسية من هذه الورقة”، مضيفا أنّ “التيار الصدري والقوى السنية والكردية لا يوجد لديها رأي وموقف رسمي من هذه الورقة حتى اليوم”.

العرب