الحكيم يبحث عن وساطة سعودية مع الصدر لحل الأزمة العراقية

الحكيم يبحث عن وساطة سعودية مع الصدر لحل الأزمة العراقية

الرياض – وصل زعيم تيار الحكمة بالعراق عمار الحكيم إلى السعودية صباح الخميس، في محاولة لإقناع المسؤولين في المملكة بالتوسط بين الإطار التنسيقي الشيعي وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، لفتح قنوات حوار من أجل حلحلة الأزمة السياسية في البلاد.

ويعيش العراق منذ أكتوبر الماضي على وقع أزمة مستفحلة بين التيار الصدري والإطار التنسيقي في علاقة بإدارة العملية السياسية على إثر الانتخابات التشريعية، واتخذت هذه الأزمة منعطفا خطيرا منذ يوليو الماضي، بعد لجوء التيار إلى الشارع لفرض رؤيته للعملية، في خطوة قابلها الطرف المتشدد داخل الإطار، والذي يقوده زعيم ائتلاف دولة القانون، بتحرك مماثل.

وتشهد بغداد منذ أيام اعتصامين مضادين، الأول مستمر منذ ثلاثة أسابيع لمناصري التيار الصدري بجوار البرلمان العراقي، والآخر دعت إليه “اللجنة التنظيمية لدعم الشرعية والحفاظ على مؤسسات الدولة”، المنبثقة عن “قوى الإطار التنسيقي” عند أسوار المنطقة الخضراء من جانب الجسر المعلق.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية “واس” أن نائب وزير الخارجية السعودي وليد بن عبدالكريم الخريجي استقبل الحكيم في مطار الملك عبدالعزيز الدولي في جدة.

وتأتي زيارة الحكيم للسعودية بعد حضوره مؤتمرا للقوى السياسية العراقية للنقاش بشأن الأزمة التي يشهدها العراق حاليا، لكن لم يعلن بعد ما إذا كانت هذه الزيارة مرتبطة بالنقاشات السياسية حول أزمة تشكيل الحكومة في العراق.

ونقلت وكالة “شفق نيوز” عن مصدر دبلوماسي في السفارة السعودية لدى العراق قوله إن سبب الزيارة هو رغبة من الإطار التنسيقي بدخول المملكة كوسيط بينه وبين مقتدى الصدر.

ورجح الدبلوماسي السعودي الذي طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مخوّل بالتصريح، أن القيادة السياسية في المملكة لن تقحم نفسها بالشأن العراقي الداخلي، ولن تقوم بدعم جهة ضد جهة أخرى، إلا أنها لن تمانع في زيارة أي وفد عراقي للمملكة.

وعن بداية تواصل الحكيم مع السعودية وإبداء رغبته في الزيارة، أشار الدبلوماسي السعودي إلى أن الحكيم تواصل قبل 10 أيام مع دبلوماسي سعودي في أربيل، وأبلغه بأنه يعتزم زيارة الرياض بخصوص الأزمة السياسية وتحركات الصدر مؤخرا.

وانتقد التيار الصدري زيارة الحكيم للسعودية في بيان الخميس، أعلن فيه رفضه اجتماع القوى السياسية العراقية الذي دعا إليه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بمقر الحكومة في بغداد، واعتبره “لم يسفر إلا عن نقاط لا تغني ولا تسمن من جوع”، داعيا إلى علانية جلسات الحوار، كشرط لمشاركة التيار الذي غاب عن أولى جلساته الأربعاء.

وقال صالح محمد العراقي، الذي يعرف محليا وإعلاميا بـ”وزير الصدر”، على تويتر إنه “من الملفت للنظر أن أحدهم توجه إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة بعد انتهاء جلسة الحوار ببضع ساعات”.

وأضاف “لو كنا نحن الفاعلين لقالوا إن جلسة الحوار كانت بضغـط مـن الخارج وإشعار مـن التطبيعيين والأميركيين وما شاكل ذلك”.

ووجه العراقي انتقادا لاذعا لتلك الجلسة قائلا إن أغلب الحضور في “اجتماع الكاظمي”، “لا يهمه سـوى بقائه على الكرسي.. ولذا حاولوا تصغير الثورة والابتعاد عن مطالبها”.

وأضاف العراقي في بيانه أن “الثورة لا تريد من أمثالكم شيئا سوى التنحي عن كرسي فرضتم تواجدكم عليه بغير وجه حق”، معتبرا أن الاجتماع يهدف إلى “تشكيل حكومـة وفـق مآرب البعض لكي يزيدوا مـن بسطتهم وتجذر دولتهم العميقة فيتحكموا بمصير شعب رافض لتواجدهم، فيزوروا الانتخابات ويجعلوها على مقاسهم”.

ودعت القوى السياسية المشاركة في الاجتماع، التيار الصدري إلى الانخراط في الحوار “لوضع آليات للحل الشامل للأزمة السياسية التي تعيشها البلاد، ووقف كافة أشكال التصعيد”.

وأعرب العراقي عن عدم اهتمام التيار الصدري بـ”الجلسة السرية”، لكنه قال “لا تزيدوا مـن حنق الشعب ضدكم ولا تفعلوا فعلا يزيد مـن تخوف الشعب مـن العملية الديمقراطية التي تخيطونهـا علـى مقاسكم”.

ودعا إلى جعل الجلسة علنية من خلال “بثها مباشرة إلى الشعب”، إذا “كنتم تريدون مـلء الكرسي الخالـي”، في إشارة إلى المقعد المخصص لممثل التيار الصدري الذي ظهر خاليا في الاجتماع.

ولفت إلى أن الهدف من بيانه هو أن يطلع الشعب على “مـا يدور خلف الكواليس من مؤامرات ودسائس وتسريبات لم يستنكرها أحد إلى الآن مع شديد الأسف”.

وأبدى ائتلاف “الوطنية” بزعامة إياد علاوي الخميس أسفه لعدم دعوته وقوى سياسية أخرى الى اجتماع الحوار الوطني الذي رعاه الكاظمي الأربعاء، وقال إنه “متفاجئ” من ذلك، فيما أشار إلى عدم خروج الاجتماع بنتائج عملية بمستوى خطورة المرحلة، ما أضاع “فرصة للخروج من الأزمة”.

وكانت القوى السياسية المشاركة في الاجتماع أكدت عقب الجلسة “التزامها بالثوابت الوطنية وإيجاد حل لكل الأزمات من خلال الحوار، وباعتماد روح الأخوّة والتآزر. وكذلك الحفاظ على وحدة العراق وأمن شعبه واستقراره، وديمومة النظام الديمقراطي الدستوري الذي يحتكم إليه الجميع”.

وجدد بيان الاجتماع التأكيد على “تغليب المصالح الوطنية العليا، والتحلي بروح التضامن بين أبناء الوطن الواحد، لمعالجة الأزمة السياسية الحالية”.

وأشارت القوى السياسية العراقية خلال اجتماعها إلى أن الاحتكام مرة جديدة إلى صناديق الاقتراع من خلال انتخابات مبكرة “ليس حدثا استثنائيا في تاريخ التجارب الديمقراطية، عندما تصل الأزمات السياسية إلى طرق مسدودة”، لافتة إلى أن “القوى السياسية الوطنية تحتكم إلى المسارات الدستورية في الانتخابات”.

ويعيش العراق انسدادا سياسيا منذ إجراء الانتخابات البرلمانية في أكتوبر، والتي فاز فيها التيار الصدري بالعدد الأكبر من المقاعد بـ74 مقعدا، قبل أن يستقيل نواب كتلته من البرلمان في يونيو، بتوجيهات من الصدر، بعد الفشل في تشكيل حكومة أو انتخاب رئيس للجمهورية.

وكان زعيم التيار الصدري يصر قبل استقالة نواب كتلته، على تشكيل حكومة أغلبية وطنية، فيما يصر نواب كتلة “الإطار التنسيقي” على تشكيل حكومة ائتلافية يرأسها محمد شياع السوداني، وهو ما أثار احتجاجات كبيرة في بغداد، تم على إثرها اقتحام مقر البرلمان العراقي، فيما لا يزال المئات يعتصمون في محيط البرلمان.

العرب