قالت صحيفة “نيويورك تايمز” (The New York Times) إن أحد أعنف النقاشات السياسية في الولايات المتحدة خلال العامين الماضيين دارت بشأن الكمامات، حيث تأخر المسؤولون الأميركيون في تبني “قطعة القماش” هذه كإستراتيجية لإبطاء انتشار فيروس كورونا، وعندما فعلوا ذلك أخيرا تحول هذا الإجراء الصحي الطبيعي إلى سبب للتوتر السياسي؛ مذكرا بأن حياة الأميركيين لم تكن طبيعية على الإطلاق.
وذكرت الصحيفة -في تقرير لها- أنه الآن وقد ولت صفحة ارتفاع الإصابات بالمتحور دلتا التي شهدها الصيف الماضي وبدأ تطعيم الأطفال في سن المدرسة، بدأ أميركيون كثر يتساءلون عن موعد انتهاء إلزامية ارتداء الكمامات.
وقد قام مسؤولون حكوميون بالفعل -تضيف الصحيفة- بالبدء برسم خطة لـ”نهاية اللعبة”، حيث أعلن موريل باوزر عمدة واشنطن -الثلاثاء الماضي- أنه سيتم تخفيف متطلبات ارتداء الكمامات في الأماكن المغلقة، وفي اليوم التالي أقر مشرعون بولاية فلوريدا مشروع قانون يمنع تفويض ارتدائها في المدارس، وهو قرار سبقتهم إليه مقاطعات أميركية عدة.
وقد أعلن المتحدث باسم إريك آدامز -رئيس بلدية مدينة نيويورك المنتخب- أن هذا الأخير “يريد إلغاء تفويض ارتداء الكمامات في المدارس عندما يقرر مسؤولو الصحة أن هذا القرار بات الخيار الآمن”، لكن خبراء يؤكدون أن هذا الوقت لم يحن بعد.
وقالت آن ريموين -خبيرة علم الأوبئة بجامعة كاليفورنيا- إن “حالات الإصابة بدأت في الارتفاع مجددا ولم نتغلب على هذا الفيروس بعد.. ربما سئمنا من قيود كوفيد-19 وتدابير الصحة العامة لكن مغامرة هذا الفيروس معنا بالتأكيد لم تنته بعد”.
كما أن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها “سي دي سي” (CDC) توصي بأن يلتزم حتى الأشخاص الملقحون بالكامل بارتداء الكمامات في الأماكن العامة المغلقة، حيث تكون قابلية انتقال الفيروس “كبيرة أو مرتفعة”، وهو أمر تلتزم به حاليا 85% من المقاطعات الأميركية وفق مقياس 50 حالة إصابة جديدة أسبوعيا لكل 100 ألف ساكن.
ويؤكد خبراء الصحة العامة الأميركيون أن تخفيف إلزامية ارتداء الأقنعة سيكون قرارا أكثر أمانا مع مطلع العام المقبل، بعد أن يتم تطعيم المزيد من الأطفال بشكل كامل وبعد انقضاء موسم العطلات، وسيبقى ارتداؤها الطوعي أمرا مفيدا في بعض الظروف وفي مواسم البرد والإنفلونزا مستقبلا.
كما يشدد الخبراء -تضيف الصحيفة- على أن تخفيف إجبارية ارتداء الكمامات يجب أن يكون قرارا محليا بناء على مجموعة معقدة من العوامل بما في ذلك معدلات الانتقال والتطعيم المحلية، وقابلية الإصابة لدى السكان.
ويقول ريتشارد شتوت -خبير الأمراض المعدية بجامعة كامبردج- “إذا كانت هناك بؤرة تفشي في منطقة أو تجمع سكاني معين، فأعتقد أنه سيكون من المنطقي جدا للأشخاص داخل هذا المجتمع ارتداء الكمامات حتى لو كانت الأمور تحت السيطرة نوعا ما على المستوى الوطني”.
كما يذهب الخبراء أيضا إلى أن مسألة ارتداء الكمامة ليست أمرا يؤخذ أو يترك كله، حيث إنه حتى بعد إلغاء التفويضات سيكون من المنطقي بالنسبة لبعض الأشخاص -مثل كبار السن أو أولئك الذين يعانون من ضعف المناعة- الاستمرار في ارتدائها في بعض الأماكن والسياقات كما يتوجب على عموم الناس الاستعداد دائما لاحتمال العودة لارتدائها في حال ظهور بؤر تفشي جديدة للوباء.
المصدر : نيويورك تايمز