قفزت أسعار النفط أمس الثلاثاء بعد ساعات من الإعلان عن سحب منسق بين الولايات المتحدة ودول أخرى من الاحتياطات الإستراتيجية لاحتواء ارتفاع الأسعار عالميا، الذي أثر سلبا على المستهلكين في الولايات المتحدة.
ففي نهاية تداولات أمس الثلاثاء، ارتفع سعر برميل نفط خام برنت بقيمة 2.61 دولار (3.3%) مسجلا 82.31 دولارا، في حين ارتفع سعر برميل خام تكساس 1.75 دولار (2.3%) إلى 78.50 دولارا.
وفي الأيام الماضية، ومع ضغط إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من أجل خفض أسعار النفط لاحتواء الارتفاع الحاد لأسعار الوقود في الولايات المتحدة، ظل سعر برميل برنت يحوم حول 80 دولارا، وكانت هناك توقعات بأنه ربما يفقز إلى مئة دولار العام المقبل.
وبعد إعلان بايدن هبطت أسعار النفط، فانخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الأميركي 1.38 دولار أو بنسبة 1.8% إلى 75.37 دولارا للبرميل، كما انخفضت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت 42 سنتا أو 0.5% إلى 79.28 دولارا للبرميل.
وقد أعلن الرئيس الأميركي أمس الثلاثاء عن استخدام الاحتياطي الإستراتيجي للنفط بشكل منسق مع عدد من الدول.
وقال بايدن “اليوم أعلن الإفراج عن جزء كبير من الاحتياطي النفطي الإستراتيجي لنتعافى من المشكلة ونفي باحتياجاتنا، وهناك دول أخرى ستفرج عن أجزاء من احتياطاتها النفطية الإستراتيجية؛ الهند اليابان وكوريا الجنوبية والمملكة المتحدة والصين، وهذا سيساعدنا على سد الثغرة المرتبطة بانخفاض الإنتاج”.
وقال البيت الأبيض إن بايدن أمر باستخدام 50 مليون برميل من مخزون الولايات المتحدة النفطي الإستراتيجي، الذي يتجاوز 600 مليون برميل، في مسعى منسّق مع دول أخرى -من بينها الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وبريطانيا- للتخفيف من ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية، والضغط على الدول النفطية الأعضاء في تجمع “أوبك بلس” (OPEC PLUS) لزيادة إنتاجها بكميات أكبر.
واعتبر بايدن أن رفض الدول المنتجة للنفط تعزيز الإنتاج في هذه الفترة هو سبب الارتفاع القياسي للأسعار في السوق العالمية.
وقال إنه سيلجأ إلى الهيئات الفدرالية للتأكد من مدى وجود تلاعب وممارسات احتكارية داخل الولايات المتحدة سببت ارتفاع أسعار الوقود بشكل كبير.
وأعربت وزيرة الطاقة جينفير غرانهولم عن أملها بأن يؤدي قرار بايدن بطرح أكبر كمية نفط على الإطلاق من الاحتياطي الفدرالي إلى استقرار أسعار الوقود.
وأشارت إلى أنها لا تتوقع أن يكون الاختلاف في الأسعار هائلا، لكنها أكدت أن الأميركيين سيشهدون انخفاضا في أسعار الوقود على مدى الأسابيع المقبلة.
وأثر ارتفاع أسعار الوقود في السوق الأميركية على شعبية بايدن التي سجلت تراجعا أكبر في الآونة الأخيرة، وهو ما دفع بايدن للتنسيق مع كبار مستهلكي النفط لاستخدام جزء من الاحتياطات الإستراتيجية بالتوازي مع مطالبة منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” (OPEC) وتحالف أوبك بلس -الذي يضم بالإضافة إلى أعضاء أوبك روسيا ومنتجين آخرين- بزيادة الإمدادات.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي إن الإدارة الأميركية لا تستبعد أي إجراءات أخرى لخفض أسعار الوقود.
وأضافت ساكي أن إدارة بايدن على تواصل مع الدول الأعضاء في منظمة أوبك، وتابعت أن ما تفضله واشنطن هو أن تتخذ البلدان المنتجة للنفط إجراءات لزيادة الإمدادات، وأنها تتوقع التزام منظمة أوبك بلس بقرارها السابق زيادة الإنتاج بـ400 ألف برميل يوميا.
وفي وقت مبكر من فجر اليوم الأربعاء، قال البيت الأبيض “أوضحنا أن ما نفضله هو أن تتخذ البلدان المنتجة للنفط إجراءات لزيادة الإمدادات”.
وبعيد إعلان البيت الأبيض عن سحب 50 مليون برميل من الاحتياطي الإستراتيجي النفطي، أعلنت الهند أنها ستفرج عن 5 ملايين برميل من احتياطاتها الإستراتيجية بالتنسيق مع مشترين آخرين من بينهم الولايات المتحدة والصين واليابان وكوريا الجنوبية.
من جهتها، أعلنت بريطانيا أنها تسمح لشركات الوقود بضخ 1.5 مليون برميل من مخزوناتها النفطية في السوق.
وصباح اليوم، قال رئيس الوزراء الياباني “سنفرج عن بعض احتياطياتنا من النفط بالتنسيق مع واشنطن وبما لا يخالف القانون”.
كما وعد رئيس الوزراء الياباني بمواصلة الضغط على الدول المنتجة للنفط للتصدي لارتفاع الأسعار.
ونقلت رويترز عن وسائل إعلام يابانية أن طوكيو قررت الإفراج عن 4.2 مليون برميل نفط من الاحتياطي.
وكانت الصين قد أعلنت في وقت سابق استعدادها لاستخدام احتياطاتها الإستراتيجية بعد دعوة الولايات المتحدة إلى الانضمام لهذه الخطوة.
في المقابل، قال الكرملين إن روسيا لا تزال ملتزمة بالوفاء بتعهداتها في أوبك بلس، وإن الرئيس فلاديمير بوتين ليست لديه خطط للاتصال بشركاء بلاده في هذه المجموعة، على الرغم من الحديث عن لجوء دول مستهلكة رئيسية إلى احتياطاتها النفطية الإستراتيجية.
وقالت مصادر في تجمع الدول المنتجة للنفط أوبك بلس إن دول التجمع قد تعدل خططها الإنتاجية بما يسمح بزيادة الإنتاج بأكثر من 400 ألف برميل يوميا في الشهر المقبل، إذا مضت الدول المستهلكة للنفط في إجراءات استخدام احتياطاتها الإستراتيجية من النفط للحد من أسعار الخام.
وكان تجمع أوبك بلس قد اتفق في أبريل/نيسان الماضي على زيادة إنتاج النفط بمقدار 400 ألف برميل يوميا كل شهر حتى عودة الإنتاج إلى مستوياته قبل الخفض الكبير، الذي تم إقراره في العام الماضي نتيجة انهيار أسعار النفط في ذروة جائحة فيروس كورونا المستجد.
وحسب المصادر، فإن بعض دول أوبك بلس غير راضية عن لجوء الدول المستهلكة إلى الاحتياطات الإستراتيجية المفترض استخدامها في حالات الطوارئ بهدف خفض الأسعار في الأسواق العالمية، ومن المقرر أن تعقد دول أوبك بلس اجتماعا الأسبوع المقبل لمناقشة خطة زيادة الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل يوميا في ديسمبر/كانون الأول المقبل.
المصدر : الجزيرة + وكالات