الاتفاق المؤقت…مشروع أمريكي أم تغيير في سياسة إيران النووية؟

الاتفاق المؤقت…مشروع أمريكي أم تغيير في سياسة إيران النووية؟

تواصل الأطراف المعنية بالبرنامج النووي الإيراني مشاوراتها ولقاءاتها حول الاتفاق على طبيعة المحاور وجدول المباحثات التي ستجري في ٢٩ تشرين ثاني ٢٠٢١ بالعاصمة النمساوية فيينا بعد أن أعلنت أيران موافقتها على الحضور للجلسة السابعة ولكنها استبعدت حصول أي تقدم في المباحثات اذا لم يتم الاتفاق على رفع العقوبات عنها بصورة كاملة وليست عبر مراحل عديدة وإعطاء ضمانات بعدم انسحاب أمريكي جديد من أي اتفاق يعقد لاحقا ورفضها مناقشة بر نامجها التسليحي الخاص بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة وسياستها الإقليمية وتوجهاتها السياسية ، وهذا ما جعل الجانب الأمريكي وعبر التصريح الذي أدلى به روبرت مالي المبعوث الأمريكي لطهران أن يبدي قلقه من الموقف الإيراني موضحا أن(إيران تحاول إبطاء المحادثات لتسريع التقدم في برنامجها النووي ) وهي إشارة واضحة لما أعلنته السلطات الايرانية عن تمكنها من الوصول إلى تخزين اليورانيوم المخصب بنسبة ٢٠% وبوزن ٢١٠ كغم واحتفاظها ب(٢٥) كغم من اليورانيوم المخصب بنسبة ٦٠% وهي تدرك خطورة هذه التصريحات التي تحرج حلفائها الأوربيين ولكنها ترغب أن تدخل الجولة السابعة ولديها من الإمكانيات الميدانية ما تفاوض عليه وصولا لرفع العقوبات الاقتصادية التي أثقلت المنظومة السياسية والاقتصادية في البلاد واحدثت نتائج سلبية وقاسية على الشعوب الإيرانية واضعفت دور النظام الإيراني في مواجهة الأزمات والمشاكل التي يعيشها المجتمع الإيراني.
يأتي الاجتماع الذي عقدته مجموعة الترويكا الأوربية التي تضم( فرنسا وألمانيا وبريطانيا) وبحضور ممثل الإدارة الأمريكية روبرت مالي ومسؤولين في مجلس التعاون الخليجي العربي ومصر والأردن في العاصمة السعودية الرياض بتاريخ ١٨ تشرين ثاني ٢٠٢١ في سياق الإعداد المنهجي لكيفية مواجهة النظام الإيراني في الجولة السابعة والذي حذر فيه المجتمعون طهران بأنها بموقفها المتشدد تتسبب في أزمة نووية تساهم في زعزعة الأمن والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط لرفضها مناقشة برنامجها التسليحي الخاص بالصواريخ الباليستية والتمدد والنفوذ في المنطقة العربية ، وطلب المجتمعون من النظام الإيراني الالتزام بمبادئ اتفاقية العمل المشترك الموقعة يوم ١٤ تموز ٢٠١٥ والابتعاد عن عمليات التخزين والتخصيب لليورانيوم وزيادة فعالية الطرد المركزي وان يكون استخدام البرنامج النووي للأغراض السلمية والابتعاد عن سياسية التعنت وإظهار القوة والإشارة إلى قول روبرت مالي بانه في حالة عدم استجابة إيران للنداءات الدولية واحترام إرادة المجتمع الدولي فإن واشنطن عازمة على استخدام أدوات أخرى لمنعها من الاستمرار سياستها وادارتها للبرنامج النووي وتهديدها للامن والسلم الدولي والإقليمي.
جاء انعقاد المؤتمر التشاوري بعد لقاء مستشار الأمن القومي ( جيك سوليفان) مع ايال هولانا مستشار الأمن القومي الصهيوني ومناقشة مقترح إمكانية إعداد مضامين الاتفاق المؤقت مع النظام الإيراني وبمبتركة الحلفاء الأوربيين خاصة بعد أن تمكنت طهران من إحراز تقدم واضح في تخصيب اليورانيوم بنسبة ٦٠% ويهدف المقترح إلى إتاحة المزيد من الوقت لإجراء مفاوضات مستمرة مع تعليق إيران لنشاطها النووي وإيقاف تخصيب اليورانيوم عند إجراء المفاوضات مقابل الافراح عن بعض الأموال المجمدة العائدة للنظام الإيراني وإصدار إعفاءات من العقوبات على السلع الإنسانية لتخفيف الأعباء عن أبناء الشعوب الإيرانية واسعاف حاجياتها الضرورية ، ورفض الجانب الصهيوني المقترح فيما وصل المبعوث الأمريكي لطهران روبرت مالي للعاصمة السعودية الرياض لحضور اجتماع التشاوري لطرح فكرة مشروع الاتفاق المؤقت أمام الحلفاء الأوربيين والشركاء العرب في منطقة الخليج العربي وتطمينهم لكيفية إدارة حولة الحوار السابعة القادمة رغم انه من المستحيل العودة ال خطة العمل الشاملة المشتركة واستعادة المكاسب التي تحققت عام ٢٩١٥ بسبب انتهاك النظام الإيراني لشروط الاتفاقية وتمكنه من زيادة نسبة تخصيب اليورانيوم وهذا ما أكدته وكالة الطاقة الذرية من أن( طهران عاودت زيادة مخزونها من اليورانيوم العالي المخصب) .
ان طبيعة السياسية الأمريكية الحالية لا تجعل في أولوياتها واهدافها الأحداث الجارية في منطقة الشرق الأوسط ولا تبدي اهتماما لعوامل الأمن والاستقرار الإقليمي فيها بسبب سياستها الموجهة نحو مناطق آسيا الوسطى والتجاذبات السياسية في المحيط الهادي والهندي وإمكانية استعادة دورها بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان ومواجهة السياسة الصينية وآفاق تطورها ونفوذها في العالم ، وهذا ما يشكل فشلا سياسيا لإدارة الرئيس بايدن في مواجهة النظام الإيراني إذا ما تمت الموافقة على إدارة المفاوضات القادمة وفق الرؤية التي قدمت في مشروع ( الاتفاق المؤقت) الذي يعني الانتقال من سياسة الضغط الكبير المباشر الذي اتبعته إدارة الرئيس ترامب إلى سياسة التراخي الأدنى الذي تقوم به إدارة الرئيس بايدن وهو ما سيمكن إيران من الاستمرار بسياستها والحفاظ على قدرتها النووية وخزينها من اليورانيوم المخصب وإمكانية فرص شروطها على المجتمع الدولي ورفع العقوبات كاملة والعودة لدورها الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط والوطن العربي ودعم وكلاءها ومليشياتها المسلحة.

وحدة الدراسات الإيرانية 

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية