خيارات حزب الله إما بقاء ميشال عون أو التوريث لجبران باسيل

خيارات حزب الله إما بقاء ميشال عون أو التوريث لجبران باسيل

عززت تصريحات نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم بأن حزبه ليس لديه حتى الآن أي اسم لتولي منصب رئاسة الجمهورية وأن تفاهمه مع التيار الوطني الحر صامد ومستمر وسينعكس انتخابيا، ما ذهبت إليه أوساط سياسية لبنانية بأن رئيس الجمهورية ميشال عون حليف حزب الله بصدد العمل على توريث صهره رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل منصب رئاسة الجمهورية بعد نهاية عهدته.

ولفتت تلك الأوساط إلى أن حديث قاسم عن منصب رئاسة الجمهورية يأتي كرد مباشر على تصريحات عون قبل أيام والتي قال فيها إنه “سيقبل البقاء في منصبه إذا ما مدد البرلمان ذلك”، لكنه ألمح إلى أنه ” لن يسلم الرئاسة للفراغ”.

ويقول هؤلاء إن تلميحات قاسم بأن ليس لحزبه مرشحا حتى الأن تهدف إلى كبح انتقادات التيار الحر لحزب الله في العديد من الملفات العالقة، لاسيما الموقف من المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار ومسألة تعطيل انعقاد مجلس الوزراء منذ أكثر من شهر.

وتطرق قاسم لتلك الخلافات بالقول “هناك أصوات من بعض عناصر التيار يُشتمّ منها بأنها تشكل مع حزب الله، ونحن نعتبرها جزئية، وهناك مساحة دائمة للاختلاف بين أي حليفين، إلا أننا لا نعبر إعلاميا عن هذا الاختلاف، فيما غيرنا يقوم بذلك، وأنا أقول بأن التفاهم بين التيار والحزب صامد ومستمر وسينعكس في الانتخابات النيابية”.

فادي كرم: عون أطلق بشكل لا لبس فيه معركة توريث صهره باسيل

ويرى أمين سر تكتل الجمهورية القوية النائب السابق فادي كرم أن ميشال عون “أطلق بشكل لا لبس فيه معركة توريث صهره باسيل منصب الرئاسة”، لكنه اعتبر أنها ليست معركة توريث سياسي بقدر ما هي معركة تدمير لبنان من الداخل، وإلغاء هويته، وإحراق رسالة التعايش والديمقراطية والحريات.

واعتبر كرم أن “ما يصبو إليه الرئيس عون وحليفه حزب الله هو نتاج تفاهم مار مخايل الذي ضرب الصيغة اللبنانية، وكرس الاستقواء بالسلاح، وشل الحكومات وعطل الدستور والاستحقاقات والتعيينات، وذلك تحت عنوانين عريضين، الأول وهمي وتضليلي قيل إنه مقاومة، والثاني شعبوي وتجاري مغلف بحقوق المسيحيين”.

وفي وقت يعاني لبنان من أزمة اقتصادية طاحنة وانسداد حكومي وسط تعطل انعقاد جلسات مجلس الوزراء بسبب شروط حزب الله، بدأ الفرقاء السياسيون في حملات انتخابية مبكرة تستكشف الخيارات ومدى تماسك التحالفات التقليدية.

ويأتي ذلك بعد أن حدد إجراء الانتخابات النيابية في مارس 2022 والتي تقول أوساط سياسية لبنانية إنه يمكن تأجيلها خدمة لحسابات حزب الله وحليفه التيار الوطني الحر الذي يشهد تراجعا في شعبيته بسب مواقف باسيل وخياراته السياسية. وتقول أوساط لبنانية إن حزب الله يخاف بالدرجة الأولى على حظوظ شريكه الذي تراجعت نسبة الثقة فيه داخل بيئته المسيحية التقليدية، بينما نجحت كتل وشخصيات أخرى في ملء الفراغ الذي تركه، خاصة في ظل ارتهان مستقبل التيار بفرض باسيل على رأسه كونه صهر عون.

وأضافت هذه الأوساط السياسية أن حزب الله أجرى تقييما داخليا للوضع السياسي الراهن ولحظوظ الحزب وحلفائه في الحصول على نتائج شبيهة بالتي حصلوا عليها في الانتخابات الماضية، وأن التقييم أفضى إلى تسجيل مخاوف جدية على حظوظ الحزب في مناطق سيطرته خاصة لدى الفئات الشبابية.

ولا يريد حزب الله أن تجرى الانتخابات في ظروف يطغى عليها تعكّر المزاج العام ويتنامى فيها الغضب على الطبقة السياسية التي تم تحميلها مسؤولية الأوضاع الاقتصادية الصعبة في البلاد، وأنه يعتقد أن تأجيل الانتخابات بالرغم من مساوئه سيكون أفضل من إجرائها دون التأكد من تحقيق نتائج جيدة.

وسط الأزمة الحادة التي يعيشها لبنان بدأ الفرقاء السياسيون في حملات انتخابية مبكرة تستكشف الخيارات ومدى تماسك التحالفات التقليدية

ويأتي السجال الانتخابي المبكر في وقت دفعت فيه الأزمة الاقتصادية أكثر من ثلاثة أرباع اللبنانيين تحت خط الفقر وانخفضت قيمة العملة المحلية بأكثر من 90 في المئة. ولم يطرأ أي تقدم يذكر منذ تعيين حكومة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي في سبتمبر الماضي بعد ما يربو على عام من الجمود السياسي الذي أدى إلى تفاقم الأزمة.

وتشهد حكومة ميقاتي حالة من الجمود منذ أن اندلع خلاف بشأن المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت العام الماضي خلال اجتماع لمجلس الوزراء يوم الثاني عشر من أكتوبر. ولم يجتمع مجلس الوزراء منذ ذلك الحين.

ويتحمل عون وحليفه حزب الله مسؤولية الأزمة السياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد، وبدل الانشغال بمعالجة الأوضاع يفكر الحليفان في الانتخابات القادمة وتعزيز مواقعهما.

وفقد اللبنانيون الأمل في إمكانية إحداث تغيير في الانتخابات التشريعية القادمة، في وقت يحافظ فيه تحالف عون – حزب الله على تماسكه وصموده، رغم التداعيات الكارثية للأزمات المتلاحقة والضغوط الدولية لإجراء إصلاحات من شأنها إنعاش الاقتصاد مقابل دعم البلاد مالياً.

وقالت الباحثة والأستاذة الجامعية ريما ماجد “واهم من يعتقد أن الدورة الانتخابية ستغير النظام” في بلد يتحكم بالسلطة فيه “من يملك السلاح والمال والميليشيات” في إشارة إلى حزب الله حليف عون.