أثارت نتائج الانتخابات العراقية المبكرة التي أجريت في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، جدلاً سياسياً واسعاً وصل إلى حدّ الطعن بنتائجها النهائية ومحاولة إلغائها من قبل القوى الخاسرة في السباق الانتخابي.
وقررت المحكمة الاتحادية تأجيل النظر بالدعوى المقدَمة من رئيس “تحالف الفتح” هادي العامري بهدف إلغاء نتائج الانتخابات، إلى 13 من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي. لكن هل تمتلك المحكمة الاتحادية العليا صلاحية رفض المصادقة أو المصادقة جزئياً على نتائج تلك الانتخابات؟
يقول الباحث القانوني علي التميمي، إنه “بعد أن بتت الهيئة القضائية الثلاثية بكل الطعون الانتخابية وإعلان مجلس المفوضية أسماء الفائزين ثم رفعها إلى المحكمة الاتحادية العليا للمصادقة عليها وفق المادة 93 من الفقرة السابعة من الدستور العراقي. وتُعد هذه المصادقة المحطة الأخيرة في ضمانات الانتخابات حيث تدقق المحكمة الاتحادية بكافة الإجراءات المتخذة في خطوات الانتخابات منذ بدايتها وحتى نهايتها، وهل كانت موافقة للدستور والقانون أم لا، حيث أن هذه المصادقة تعني التأييد وإضفاء الصفة الدستورية على النتائج. وهذا التدقيق الشامل من المحكمة الاتحادية العليا يجري حتى لو لم تكن هناك طعون أو اعتراضات، حيث أن ذلك من ضمن النظام العام. والمحكمة الاتحادية هي الرقيب الدستوري لحقوق المواطنين”.
تجربة 2018
ويتابع التميمي، “المحكمة الاتحادية وفق ما تقدم، إما تصادق على النتائج بشكل عام أو تصادق بشكل جزئي، كما حصل عام 2018 عندما استبعدت بعض المرشحين لوجود قيود جنائية عليهم. ويمكن للمحكمة الاتحادية أن لا تصادق أو ترفض التصديق بناءً على خروق دستورية أو قانونية أو طعون تحمل أدلة، فلها أن تؤخّر المصادقة إلى حين إتمام المطلوب من المفوضية. ويبقى القضاء الدستوري الملاذ الأخير لحماية المواطنين وضمان حقوقهم الدستورية والقانونية”.
روح القانون بدل صيغته الحرفية
من جهة أخرى، عبّر الباحث السياسي، نبيل جبار العلي، عن اعتقاده بأن “المحكمة الاتحادية العليا بصفتها بحسب الدستور، السلطة القضائية العليا في البلد التي يتم العودة إليها في تفسير المواد الدستورية وحل النزاعات والبت في تداخل الصلاحيات، قد ترى أنه من الضروري أن تتعامل مع أزمة الانتخابات الأخيرة ونتائجها بتأنٍ كبير، وأن تعمل على استخدام روح القانون بدل صيغته الحرفية، فهي بلا شك قد تضع على طاولتها كل الدعاوى والشكاوى حول سير الانتخابات وإجراءاتها وحتى القضايا المتعلقة بقانون الانتخابات”. وأضاف “قد تحاول من خلال دراسة تلك الملفات أن ترد بعضها مما لا تتوافر فيه أدلة أو حجج كافية، وقد تلجأ إلى فرض مجموعة إجراءات وقرارات لتطبقها مفوضية الانتخابات لرفع اللبس والشبهات عن مسارات عملها. وعلى الرغم من أن المحكمة الاتحادية غير مقيّدة بفترات دستورية أو قانونية لحسم تلك الملفات والقضايا، إلا أن مستقبل البلد وأمنه قد يكون مرهوناً بالاستجابة السريعة والمرضية بالنسبة لأطراف النزاع لحسم أزمة نتائج الانتخابات، إلا أنني أعتقد أن مصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات قد تبقى معلقة إلى حين إجراء اتفاق مسبق بين القوى السياسية المتصارعة، قد يسهل عملية تصديقها على النتائج من دون أن تسهم بإشعال فتيل أزمة أكبر”.
مبدأ الاحتكام إلى الدستور والقوانين النافذة
في سياق متصل، أكد السياسي الكردي عماد باجلان أن “الأساس في كل الحوارات ينبغي أن ينطلق من مبدأ الاحتكام إلى الدستور والقوانين النافذة. وقال باجلان في تصريح صحافي، إن “القوى الكردستانية أعلنت موقفها الواضح بالوقوف على مسافة واحدة بين الجميع، وليس لدينا أي خطوط حمراء أو مشكلات في التحالف مع أي طرف بشرط الالتزام بتطبيق الدستور بشكل متسلسل وليس انتقائي في معالجة أي مشكلات لضمان عدم التجاوز على حقوق أي مكوّن”. وأضاف أن “أي تحالفات تنبثق من الحوارات المقبلة ينبغي أن تُبنى على أسس وثوابت من بينها تأمين العيش الكريم لجميع المواطنين، من زاخو إلى الفاو، وإنهاء المشكلات العالقة وعدم استخدام رواتب الموظفين كورقة ضغط سياسية بين الحين والآخر، وأن تكون الحكومة المقبلة حكومة بناء وإعمار”.