الجميع ضد الجميع: صعود الطائفية في شرق أوسط ما بعد أميركا (2-1)

الجميع ضد الجميع: صعود الطائفية في شرق أوسط ما بعد أميركا (2-1)

نجحت إدارة ترامب في ضرب الاقتصاد الإيراني، وزيادة البؤس الاجتماعي والاستياء السياسي في البلد. لكن محاولتها فرض انسحاب إيراني أوسع نطاقاً من العالم العربي فشلت فشلاً ذريعاً.

على العكس من ذلك، ردت إيران بتصعيد التوترات الإقليمية: هاجمت ناقلات النفط في الخليج العربي؛ واستهدفت منشآت نفطية في المملكة العربية السعودية؛ ونفذت ضربة صاروخية جريئة على القواعد الجوية العراقية التي تؤوي قوات أميركية، وهو ما جعل إيران والولايات المتحدة أقرب إلى الحرب من أي وقت مضى.

وخرجت إيران من عهد ترامب أكثر عدوانية وفتكا. منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، زادت إيران مخزونها من اليورانيوم المخصب، ووسعت بنيتها التحتية النووية، واكتسبت الدراية النووية الحاسمة، وهي الآن قريبة بشكل خطير من امتلاك ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع قنبلة نووية.
* * *
اللازمة التي تكررها إدارة بايدن بشأن بالشرق الأوسط بسيطة: “إنهاء الحروب ’الأبدية‘” هناك. الآن، أصبح البيت الأبيض منشغلاً تماماً بإدارة التحدي الذي تشكله الصين، وهو يهدف إلى فك ارتباط الولايات المتحدة بصراعات الشرق الأوسط التي لا نهاية لها والتي لا يمكن الانتصار فيها.

لكن فك ارتباط الولايات المتحدة مع المنطقة يهدد بترك فراغ سياسي ستملؤه الخصومات الطائفية، ما يعبد الطريق إلى منطقة غير مستقرة وأكثر عنفاً.

الآن، يقوم الصراع على الأسبقية الجيوسياسية بين الثيوقراطية الشيعية في إيران والدول التي يقودها العرب السنة -ومؤخرًا تركيا السنية- بتأجيج الصراع في جميع أنحاء المنطقة، وعلى نحو يؤدي إلى تآكل المواثيق الاجتماعية، ومفاقمة الاختلالات الوظيفية للدول، وتحفيز الحركات المتطرفة.

وقد استخدم كلا جانبي الصراع الهوية الدينية كسلاح لخدمة أغراضهما الخاصة، كما استخدماها لحشد المؤيدين وتعزيز نفوذهما في مختلف أنحاء المنطقة. ونتيجة لذلك، أصبح الشرق الأوسط الأوسع علبة ثقاب قابلة للاشتعال.

وعلى الرغم من احتفاظ إيران باليد العليا في هذا الصراع، فإن التحديات التي تواجه موقفها آخذة في الازدياد في جميع أنحاء المنطقة. وبدورهم، سئم السنة من التطرف الخبيث، لكن الغضب الذي غذى صعود تنظيم “الدولة الإسلامية” (المعروف أيضًا باسم “داعش”) لم تخفت حدته وما يزال على حاله.

وسوف تستغل حركات التمرد الجديدة التي نشأت في الأجزاء المحطمة من المنطقة بلا شك هذا الغضب مرة أخرى. ويتصاعد غضب السنة في العراق، ولبنان، وسورية من تحركات طهران وحلفائها لتشديد قبضتهم على السلطة.

كما عاد الإرهاب في أفغانستان إلى الظهور مرة أخرى، وشرع ذلك البلد في الانزلاق مجدداً إلى دوامة الفوضى في أعقاب انتصار “طالبان”.

وفي غياب أي عملية سياسية لنزع فتيل هذه التوترات، فإن من المحتم أن تندلع في موجات جديدة من الاضطرابات وإراقة الدماء.

ولم يفعل تدخل إسرائيل في هذه الصراعات الطائفية إلى جانب القوى السنية سوى صب الزيت على النار.

وبسبب تدخل إسرائيل، أصبح الاستقرار الإقليمي يخضع بدرجة أكبر لمصير البرنامج النووي الإيراني. وتناقش واشنطن والقدس بالفعل “خطة ب” للجوء إليها في حال ظلت التسوية الدبلوماسية بعيدة المنال.

وسيكون من شأن هذا المسار أن يضع إيران والولايات المتحدة على مسار تصادمي -إضافة إلى مفاقمة التوترات الطائفية، وتعميق الانقسامات المجتمعية، وإثارة صراعات جديدة تمتد على كامل المساحة من بلاد الشام إلى أفغانستان.

تأتي رغبة واشنطن في بذل جهود أقل في الشرق الأوسط في وقت تميل فيه الصين وروسيا إلى دخول المنطقة، ووجود حكومة متشددة في إيران تتسم بالعناد وتتشبث بمواقفها، ودول عربية سنية أقل ثقة من أي وقت مضى عندما يتعلق الأمر بالضمانات الأمنية الأميركية.

وما لم تمهد الولايات المتحدة الطريق أمام نظام إقليمي أكثر استقرارًا -بدءًا من إبرام اتفاق بشأن برنامج إيران النووي- فإنها قد تجد نفسها وقد انجرفت مرة أخرى إلى صراعات الشرق الأوسط العديدة، على الرغم من بذل قصارى جهدها للانسحاب.

تسليح الإسلام
تعود أصول التنافس بين الشيعة والسنة وراء إلى البدايات الأولى للإسلام، وقد طورت الطائفتان على مر القرون تفسيرات متمايزة للشريعة الإسلامية والممارسات الدينية.

ومع ذلك، فإن الخلاف القائم بين المجموعتين اليوم ليس متجذرًا في اللاهوت بقدر ما هو متجذر في الصراع على السلطة والنفوذ.

وقد أصبحت الشيعية والسنية اليوم من العلامات البارزة للهوية التي تشكل الولاءات السياسية في المجتمعات المنقسمة.

وراوحت حدة الاقتتال الطائفي بين المد والجزر على مدى العقدين الماضيين، لكن بروز الطائفية في سياسات المنطقة لم يتضاءل -وكذلك حال الصراع بين إيران وخصومها الذين يقودهم السنة أيضاً، والذي يتغذى على هذا الانقسام ويؤججه على حد سواء.

وتشكل هاتان القوتان وجهين مختلفين لعملة واحدة.
كان الغزو الأميركي للعراق في العام 2003 هو الذي سمح لإيران بتوسيع نفوذها بشكل كبير في العالم العربي. ومنذ اللحظة التي أسقطت فيها الولايات المتحدة النظام الاستبدادي الذي ضمن حكم الأقلية السنية في بغداد، لعبت طهران بخبرة على الولاءات الطائفية لتمكين شبكة من الوكلاء المسلحين تمتد الآن من لبنان وسورية إلى العراق واليمن، والتي شكلت ما أطلق عليه العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، ذات مرة اسم “الهلال الشيعي”.

وبفعلها ذلك، تكون إيران قد مكنت الشيعة على حساب السنة في جميع أنحاء المنطقة، وعززت نفوذها الخاص على حساب منافسيها مثل المملكة العربية السعودية، وتركيا، والإمارات العربية المتحدة.

وفي المقابل، أفضى الاندفاع الأخير في العالم العربي نحو تحقيق الديمقراطية والحكم الرشيد، في ما يسمى بـ”الربيع العربي”، إلى قيام القادة المستبدين المهددين باحتمالات التغيير بتسليح الطائفية بشكل أكبر.

في سورية، عمل الرئيس بشار الأسد على تعبئة الخوف من السنة لتخويف المجتمع العلوي السوري الذي ينتمي إليه، والذي تعود جذوره إلى التشيع، وتحويله إلى دعم لا يتزعزع لنظامه.

وفي اليمن والدول التي فيها أغلبية شيعية، برر الحكام حملات القمع العنيفة التي شنوها على مواطنيهم باتهام المحتجين الشيعة بأنهم وكلاء لإيران. وعززت إيران وخصومها العرب هذه الدينامية من خلال حشد أنفسهم خلف وكلائهم الشيعة والسنة، والنظر إلى إخوانهم في الطائفة كأدوات لحماية نفوذهم الإقليمي.

وقد توسعت بصمة إيران الإقليمية بالتوازي مع برنامجها النووي. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة كبحت بشكل فعال طموحات إيران النووية في العام 2015 من خلال الاتفاق الذي أُبرم بوساطة دولية، ثبت أن احتواء طموحات طهران الإقليمية أبعد منالاً.

وأثار إصرار واشنطن على عدم إدراج المسائل الإقليمية في المحادثات النووية حفيظة حلفائها العرب، الذين كانوا في ذلك الحين على وشك الوصول إلى نهاية خاسرة للحروب الطائفية بالوكالة في العراق وسورية واليمن.

وعزز الرئيس الأميركي باراك أوباما مخاوفهم بشأن التزام واشنطن بمساعدتهم في هذه الصراعات عندما صرح بأن الإيرانيين والسعوديين في حاجة إلى “إيجاد طريقة فعالة لتقاسم الجوار”.

من جهتها، نظرت الدول العربية السنية إلى الاتفاق النووي على أنه نهاية الكتاب التي تستكمل رفض إدارة أوباما السابق للإطاحة بنظام الأسد. ومن وجهة نظر القادة العرب، أدى هذان القراران إلى قلب ميزان القوى الإقليمي بشكل قاطع لصالح طهران:

فقد عزز الفشل في الإطاحة بالأسد حلفاء طهران الشيعة في دول أخرى؛ وفشل الاتفاق النووي في كبح تدخل إيران الإقليمي. وبدا الأمر، بالنسبة للزعماء العرب، وكأن الولايات المتحدة تبارك الهيمنة الإيرانية في الشرق الأوسط.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب متعاطفًا مع هذا الرأي. وقد انسحب من الاتفاق النووي في العام 2018، وقال إن اتفاقاً جديداً يجب أن يعالج مسألة دور إيران الإقليمي. وفرضت حملته “الضغط الأقصى” عقوبات قاسية على إيران وأرادت أن تجعل من المستحيل على طهران أن تديم مالياً موقفها في العالم العربي.

وفي عهد ترامب، اتخذت واشنطن خطوات عدة لكبح جماح إيران، بما في ذلك شن غارة جوية بطائرة من دون طيار في العام 2020، والتي أسفرت عن مقتل قاسم سليماني، قائد “فيلق القدس”، فرع الاستطلاع في الحرس الثوري الإيراني، وأبو مهدي المهندس، القائد البارز لإحدى الميليشيات الشيعية العراقية.

وفي الحقيقة، نجحت إدارة ترامب في ضرب الاقتصاد الإيراني، وزيادة البؤس الاجتماعي والاستياء السياسي. لكن محاولتها لفرض انسحاب إيراني أوسع نطاقاً من العالم العربي فشلت فشلاً ذريعاً.

وعلى العكس من ذلك، ردت إيران بتصعيد التوترات الإقليمية: هاجمت ناقلات النفط في الخليج العربي؛ واستهدفت منشآت نفطية في المملكة العربية السعودية؛ ونفذت ضربة صاروخية جريئة على القواعد الجوية العراقية التي تؤوي قوات أميركية، وهو ما جعل إيران والولايات المتحدة أقرب إلى الحرب من أي وقت مضى.

وخرجت إيران من عهد ترامب أكثر عدوانية وفتكا. منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، زادت إيران مخزونها من اليورانيوم المخصب، ووسعت بنيتها التحتية النووية، واكتسبت الدراية النووية الحاسمة، وهي الآن قريبة بشكل خطير من امتلاك ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع قنبلة نووية.

كان قرار إلغاء الاتفاق النووي، وليس قرار التوقيع عليه في المقام الأول، هو ما جعل إيران قوة أكبر في المنطقة.

وقد تقدمت طموحات طهران النووية والإقليمية جنبًا إلى جنب: سوف يوفر برنامج نووي موثوق مظلة تحمي وكلاءها في جميع أنحاء المنطقة، وهو ما سيعزز بدوره نفوذ إيران بشكل أكبر.

وهكذا، كلما كانت المظلة النووية أكثر اتساعًا ومرونة، زادت فعالية الوكلاء الذين يعملون تحت حمايتها. ومن خلال تقليص نطاق البرنامج النووي الإيراني، قلل الاتفاق النووي المُبرم في العام 2015 أيضًا من الحماية التي يمكن أن توفرها طهران لقواها الوكيلة.

ومع تعليق الاتفاق النووي وتنمية إيران السريعة لبرنامجها النووي، ستصبح قواتها الإقليمية أكثر جرأة.

كما عزز المتشددون الإيرانيون سلطتهم خلال سنوات ترامب أيضاً.

في ذلك الوقت، رأوا نظرتهم العالمية وهي تجد تبريراً في حملة “الضغط الأقصى” التي شنها عليهم ترامب: بالنسبة لهم، كان ذلك دليلًا على أن الولايات المتحدة تسعى إلى تغيير النظام في طهران وأنها لن تتراجع إلى أن تنهار الجمهورية الإسلامية.

وقد جعل هذا من التعامل مع واشنطن مسعى عديم الجدوى وعنى أن إيران لن تستطيع تأمين مصالحها إلا من خلال المواجهة مع الولايات المتحدة وحلفائها. وهكذا خرجت إيران من عهد ترامب عازمة على مواصلة برنامجها النووي وتعزيز مكانتها في المنطقة.

خلال خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول (سبتمبر)، أوضح إبراهيم رئيسي، الرئيس الإيراني الجديد، أنه يعتقد أن ميزان القوى الإقليمي يميل لصالح طهران.

وبينما يستحضر أحداث الشغب التي جرت في 6 كانون الثاني (يناير) في مبنى الكابيتول الأميركي وصور المدنيين الأفغان وهم يسقطون من الطائرات الأميركية أثناء محاولة الهروب من أفغانستان، قال رئيسي إن هذه المشاهد بعثت برسالة واضحة إلى العالم: “إن نظام هيمنة الولايات المتحدة لا يتمتع بالمصداقية، سواء كان ذلك في داخلها أو خارجها”.

وكما توحي مثل هذه التصريحات، فقد تبنت الحكومة الإيرانية الجديدة منظوراً انتصارياً بشأن الأحداث في الشرق الأوسط.

وحسب رؤيتها، فإن التدخل الإيراني في سورية أنقذ الأسد في مواجهة مسعى أميركي وأوروبي وتركي وعربي سني منسق للإطاحة به.

وفي اليمن، فشلت الحملة العسكرية الشرسة المدعومة من الولايات المتحدة في تغيير حقيقة أن الحوثيين راسخون بقوة في العاصمة صنعاء وفي جميع أنحاء شمال البلاد تقريبًا.

كما حافظت إيران على مكانتها المهيمنة في العراق ولبنان، على الرغم من الضغوط الاقتصادية عليها وما تعتبره تدخلاً من خصومها.

أصبحت ضرورة حفاظ إيران على نفوذها في العالم العربي جزءًا لا يتجزأ من الحسابات الاستراتيجية للدولة العميقة للبلاد، وأصبحت الميليشيات التي بنتها طهران لتنفيذ هذه المهمة حقائق على الأرض في جميع أنحاء المنطقة.

ولكن، على الرغم من كل الانتصارات التي حققتها إيران في الآونة الأخيرة، فإن الصراعات الطائفية التي تعصف بالشرق الأوسط ما تزال بعيدة كل البعد عن الانتهاء.

وضع مهيأ للانفجار
ليست إيران هي الطرف الوحيد الذي يقف وراء تصاعد الصراع الطائفي في جميع أنحاء الشرق الأوسط؛ فقد دعمت قطر والسعودية وتركيا والإمارات الفصائل السنية في العالم العربي.

وقامت تركيا ورجال الأعمال السنة الأثرياء في الخليج العربي بتمويل بعض الفصائل السنية الأكثر تطرفاً التي سعت إلى الإطاحة بالأسد -بما في ذلك “داعش”.

وكانت معاداة هذه المجموعة الشرسة للشيعة ووعدها بإحياء الخلافة الإسلامية، التي كانت مركزاً للسلطة السنية في العصور السابقة، قد لقيت قبولاً لدى السنة المحرومين في كامل المساحة الممتدة من دمشق إلى بغداد.

وفي نهاية المطاف، تم القضاء على “داعش” على يد تحالف المصالح الذي شكلته روسيا والولايات المتحدة وإيران، حيث قاتلت الأخيرة ضد “داعش” إلى جانب حلفائها الشيعة المحليين في العراق وسورية.

ولكن، على الرغم من أن طهران تمكنت حتى الآن من تحقيق الصدارة في الصراع الإقليمي على النفوذ، فإنها قد تجد نفسها تحت ضغط متزايد في السنوات المقبلة.

هناك مصلحة لدول الخليج العربي السنية، إلى جانب إسرائيل وتركيا، في نتيجة الصراعات الطائفية التي تعصف بالعالم العربي. ومع إشارة الولايات المتحدة إلى أنها لن تحاول طرد إيران من مختلف الأماكن التي رسخت فيها نفسها، أصبح اللاعبون الإقليميون الآخرون يستعدون لالتقاط القفاز ومواجهة التحدي.

في سورية، يحاول نظام الأسد ترسيخ سلطته، لكن البلد ما يزال يشكل برميل بارود طائفيا.

وقد يتم استئناف القتال في البلد للسيطرة على محافظة إدلب الشمالية الغربية والمنطقة التي يسيطر عليها الأكراد في الجزء الشمالي الشرقي من البلاد.

وفي الأثناء، دفعت تركيا ضد محاولات الأسد للسيطرة على إدلب، معززة ادعاءها بأنها المدافع عن حقوق السنة في سورية.

كما انجذبت إسرائيل أيضًا إلى دوامة الصراع السوري، حيث أصبحت غير مرتاحة بشكل متزايد مع توسع الوجود العسكري الإيراني هناك.

وفي الوقت نفسه، ما تزال الأغلبية من السكان السنة في البلد، الذين يعيشون في الأجزاء التي دمرتها الحرب التي دامت عشر سنوات، فقراء ومحرومين من حقوقهم.

يرتبط مصير سورية بمصير العراق.

ولم يؤد انتصار الحكومة العراقية المركزية على الجهاديين سوى إلى تأكيد اعتمادها على الدعم العسكري من إيران والولايات المتحدة، كما جاء بكلفة تعزيز نفوذ الميليشيات الشيعية في البلاد.

وقد تمكن العراقيون من تهدئة الصراع الطائفي الداخلي في الوقت الحالي، لكن جمره ما يزال يتوهج مباشرة تحت السطح. كما أبرزت الانتخابات الوطنية الأخيرة في العراق هشاشة الوضع السياسي الراهن.

قبل التصويت في تشرين الأول (أكتوبر)، شجع آية الله العظمى علي السيستاني والمؤسسة الدينية الشيعية العراقيين على التوجه إلى صناديق الاقتراع -لكن هذه المناشدات لم تلق آذاناً صاغية.

ونتج عن هذه اللامبالاة العامة انخفاض قياسي في الإقبال على الاقتراع، ما أعطى دفعة لأكثر الشخصيات السياسية طائفية في البلاد:

رجل الدين المنشق مقتدى الصدر ورئيس الوزراء السابق نوري المالكي.

وكان الجانب المشرق الوحيد في هذه الانتخابات هو أن أداء الأحزاب التابعة للميليشيات الشيعية المدعومة من إيران كان ضعيفًا أيضًا.

ومع ذلك، منحها ذلك دافعًا لزعزعة استقرار البلاد -كما اتضح من المحاولة الأخيرة لاغتيال رئيس وزراء البلاد.

الغد