بعد 7 سنوات من الإغلاق.. ماذا تستفيد الجزائر وليبيا من فتح معبر الدبداب؟

بعد 7 سنوات من الإغلاق.. ماذا تستفيد الجزائر وليبيا من فتح معبر الدبداب؟

أعلنت الحكومة الجزائرية مؤخرا عن إعادة فتح معبر الدبداب البري أمام الحركة التجارية مع ليبيا خلال الأيام القليلة المقبلة، وهو معبر لا يبعد إلا 20 كلم من مدينة غدامس بالغرب الليبي.

ويعد المعبر أهم 3 منافذ برية تم غلقها في مايو/أيار 2014 بفعل تصاعد المعارك في ليبيا.

وحث وزير التجارة الجزائري كمال رزيق متعاملي بلاده على ولوج “السوق الليبية الواعدة، لاسيما المختصين في المنتجات الغذائية ومواد البناء المطلوبة بقوة”.

وفي نهاية مايو/أيار الماضي، عبّرت الحكومة الليبية على لسان وزيرها للاقتصاد والتجارة محمد الحويج عن رغبتها في إنشاء منطقة تجارية حرة مع الجزائر.

وتوقع أن تصل المبادلات التجارية بفتح المعبر 3 مليارات دولار، مقابل 65 مليون دولار حاليا، منها 59 مليون دولار صادرات جزائرية نحو ليبيا.

كما اتفق البلدان خلال زيارة الحويج للجزائر على “ضرورة تحيين اتفاقية منع الازدواج الضريبي بينهما”، التي يعود تاريخ توقيعها إلى 1988.

اختصار الطريق
عن أهمية عودة المعبر المذكور إلى نشاطه التجاري، أكد الخبير الجزائري يوسف ميلي، رئيس منتدى الاستثمار وتطوير المؤسسات، أنه سيختصر الطريق أمام البضاعة الجزائرية المنقولة عبر التراب التونسي ثم ليبيا.

وأوضح في تصريح للجزيرة نت، أن وجوده قريبا من المناطق البترولية الجزائرية، حيث توجد رؤوس أموال كبيرة مرتبطة بنشاط المحروقات، سيفتح آفاق الاستثمار ويحوّل المنطقة إلى قطب صناعي حر.

وقال إن منطقة غدامس الليبية هي الوحيدة التي شهدت الاستقرار الأمني لقربها من الحدود الجزائرية، حيث أصبحت تحت مظلة القوات الجزائرية، وهذا ما جعلها تستقطب الكثير من رؤوس الأموال الليبية الباحثة عن الآمان.

كما أن معبر الدبداب يشكل منفذا دوليا مهما للفلاحة بمحافظة وادي سوف الجزائرية، وهي رائدة الإنتاج الزراعي وطنيا، مما يتيح لها تصدير الفائض نحو ليبيا، على حد تقديره.

من جهته، يرى رئيس الاتحاد العام لأرباب العمل الجزائريين علي الشايب في إعادة فتح المعبر فرصة مهمة لتوفير فرص العمل، وتنويع الاقتصاد الجزائري، وخلق ثروة بديلة، وتشجيع المبادلات التجارية وتدفق الاستثمارات بين البلدين.

وأكد في تصريح للجزيرة نت أنه سيدفع التعاون خاصة في مجالات الطاقة والمنتجات الفلاحية والغذائية والآلات الصناعية والصحة والمواد الصيدلانية والإلكترونيات والتجهيزات الكهرومنزلية والأشغال العمومية ومواد البناء والورق والسياحة.

وتوقع أن يمنح الفرصة للبضائع الجزائرية للرواج الكبير في سوق ليبية بحجم طلب داخلي بأكثر من 20 مليار دولار، علاوة على الحدّ من غلاء أسعار السلع في جنوبي ليبيا، والقضاء على ظاهرة تصدير المنتجات الجزائرية باسم دول أخرى.

وقال في تصريح للجزيرة نت إن فتح معبر الدبداب خيار مهم جدا لزيادة الإنتاج الجزائري وتغطية حاجة المنطقة الليبية المحاذية، خاصة المواد الأساسية الغذائية والطبية والخدمات، مقابل إتاحة فرص عمل كثيرة للجزائريين في غربي ليبيا، ومنحهم كامل الأولوية في كل مجالات الشراكة.

وركز كثيرا على حاجة الجانب الليبي إلى مواد البناء المصنعة في الجزائر كالإسمنت والآجور والجبس، مؤكدا أن بلاده تستقبل البضائع المصرية والتونسية، والآن حانت فرصة المنتوج الجزائري للتموقع في السوق الليبية، لأنه سيكون أكثر جودة وأقل سعرا.

وأبدى المتحدث تفاؤلا كبيرا بالتأثير الإيجابي لإعادة تشغيل المعبر على مناطق الأطراف الجنوبية، والتي تبقى بحاجة ماسة إلى بنى تحتية وخدماتية، متوقعا التوصل قريبا إلى اتفاقيات تجارية تصب في مصلحة الجانبيْن.

وكشف عمر عبد الكريم عن تحضير المتعاملين الليبيين مذكرة رسمية ستُرفع إلى السلطات الجزائرية لإبداء تصورهم ومقترحاتهم العملية حول تفعيل حركيّة المعبر.

بدوره أكد محمد حسين الخير نائب رئيس مجلس رجال الأعمال في أوباري جنوبي البلاد، أن ليبيا تعتمد على معبريْن مع الجزائر، أحدهما معبر الدبداب.

وقال الخير للجزيرة نت إن “حركة التجارة الحالية بين البلدين جيدة، ونطمح أن يبلغ حجم التبادلات التجارية مع الجزائر أكثر من 3 مليارات دولار”.

ويرى أن الصناعات الجزائرية لديها شعبية كبيرة في السوق الليبي الذي يحتاج إلى الصناعات الغذائية والطبية ومواد البناء ومستلزمات الأم والأطفال وقطع غيار السيارات والشاحنات.

واعتبر الناشط الاقتصادي أن التجار الليبيين يواجهون بعضا من العراقيل المصرفية في ليبيا، مشيرا إلى أن الجزائر تتعامل بشكل خاص ومميز مع التاجر الليبي بتقديم جميع التسهيلات إليه.

وأوضح أن موقع ليبيا الإستراتيجي يجعل من الحركة التجارية بين ليبيا والجزائر من جهة، ومع الدول الأفريقية من جهة أخرى، معبرا إستراتيجيا هاما لإيصال الصناعات الجزائرية إلى الدول الأفريقية المجاورة بشكل سهل وميسر ومن دون تكاليف باهظة.

آفاق واعدة
من جانب آخر، شدد يوسف ميلي على أهمية إنشاء منطقة اقتصادية حرة جوار معبر الدبداب، لاستقطاب رؤوس الأموال الليبية والجزائرية، و”خلق حيوية تجاريّة بمنطقة الساحل، بعيدا عن الطريق الأفريقي الغربي الذي لم يعد آمنًا للتجارة”.

وقال إن المناطق التجارية الحرة تحظى باهتمام كبير من طرف المتعاملين في ليبيا وتشاد ومالي وغيرها من الدول الأفريقية، وهم يطالبون بالإسراع في إنشائها.

كما أنها ستوفر لسكان تلك المناطق فرص عمل من خلال مؤسسات صناعية ولو صغيرة لتحويل المواد الفلاحية، وتسمح بتنشيط طرق التجارة التاريخية بين غدامس الليبيّة وتمبكتو في مالي، وصولا إلى الدول الأفريقية الغربية، بحسب الخبير.

أما علي الشايب فدعا إلى فتح وكالة بنكية على مستوى الدبداب لتسهيل الإجراءات المتعلقة بالتوطين، ومتابعة العمليات المصرفية المرتبطة بالتبادلات بين البلدين، وتدارس فكرة إنشاء بنك مشترك جزائري ليبي برأس مال خاص أو عمومي-خاص.

المصدر : الجزيرة