تحالفا تقدم وعزم يتوافقان مرحليا ويعلنان عن تشكيل وفد تفاوضي موحّد

تحالفا تقدم وعزم يتوافقان مرحليا ويعلنان عن تشكيل وفد تفاوضي موحّد

اتفاق بين تقدم وعزم على تشكيل وفد موحد للتفاوض مع باقي الطيف السياسي في العراق يهيئ لتوافق أشمل بين التكتلين حول توزيع المناصب المخصصة للمكون السني.

بغداد – اتفق زعيم تحالف تقدم محمد الحلبوسي ورئيس تحالف عزم خميس الخنجر الثلاثاء على تشكيل وفد “موحد” للتفاوض مع باقي القوى السياسية العراقية بشأن ترتيبات المرحلة المقبلة، في علاقة بالرئاسات الثلاث وتشكيل حكومة جديدة.

جاء ذلك خلال لقاء موسع جمع بين الحلبوسي والخنجر وعدد من قيادات تحالفي تقدم وعزم في منزل رئيس مجلس النواب السابق بالعاصمة العراقية بغداد، وهو اللقاء الثاني الذي يعقد بين الطرفين السنيين في غضون أيام قليلة.

وشددت مصادر مطلعة على أهمية لقاء الخنجر والحلبوسي، واصفة اللقاء بـ”دبلوماسية الطعام” عندما لبى رئيس تحالف عزم دعوة رئيس تحالف تقدم على الغداء.

وقالت المصادر التي حضرت اللقاء لمراسل “العرب” في بغداد إن الاجتماع لم يسفر على اتفاق محدد، لكنه كسر الحواجز التي كانت قائمة بين الزعيمين السنيين.

وذكرت المصادر أن الخنجر بعث برسالة واضحة إلى ما أسماهم بـ”الصقور” داخل تحالفه الذين يرفضون بشكل نهائي التجديد للحلبوسي في رئاسة مجلس النواب، في إشارة إلى محمود المشهداني وخالد العبيدي وأحمد الجبوري الطامحين إلى مواقع سياسية والرافضين التجديد لزعيم تقدم.

ويرى مراقبون أن الخنجر طوى صفحة الماضي مع خصمه اللدود الحلبوسي، ويشجع حاليا على التجديد له في رئاسة البرلمان بغية استعادة بيئته في المدن السنية التي لطالما حسبته على القوى الشيعية.

وأشار المراقبون إلى أن زيارة رئيس تحالف دولة القانون نوري المالكي الأخيرة إلى الخنجر كانت تهدف إلى منع الخنجر من التقارب مع الحلبوسي.

وجاء لقاء الثلاثاء بين الحلبوسي والخنجر بعد ساعات قليلة من اجتماع عقده رئيس تحالف عزم مع زعيم الإطار التنسيقي رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.

وأعلن تحالفا عزم وتقدّم عقب الاجتماع الموسع عن قرار بتشكيل وفد تفاوضي “موحَّد” للتفاوض مع بقية الشركاء السياسيين.

فهد الراشد: العملية السياسية لا يدوم فيها صديق ولا عدو

وقال الجانبان في بيان مشترك “إن أبرز مقررات الاجتماع هي إعداد ورقة مشتركة تُعرض على الشركاء السياسيين، وتتضمن رؤية موحدة وأفكارا حول الشراكة بإدارة القرار في الدولة، ومعالجة عدة ملفات استراتيجية، منها قضايا المختفين قسرا وإعادة النازحين، ومراعاة حقوق المحافظات المحررة في الموازنة العامة وتخصيص المبالغ اللازمة لإعادة إعمارها، وغيرها من الملفات المصيرية، والتأكيد على تقديم شخصيات كفؤة للمشاركة في الحكومة المقبلة وفق مبدأ الشراكة لا المشاركة”.

وأضاف البيان “لقد تقرَّر تشكيل وفد تفاوضي موحَّد يضم تحالفي تقدم وعزم، للتفاوض مع بقية الشركاء، بالإضافة إلى تحديد توقيتات زمنية لاجتماعات دورية أسبوعية بين التحالفين، بغيةَ مناقشة تطورات الأوضاع السياسية”.

وشدد الجانبان على تطلعهما لتشكيل “الحكومة المقبلة بأسرع وقت ممكن وفقا للاستحقاقات الدستورية، لتلبي حاجة المواطن وتحفظ سيادة العراق وهيبة الدولة”.

ويعكس البيان المشترك توصل الطرفين إلى توافقات حول كيفية إدارة معركة التفاوض مع القوى السياسية المقابلة، خصوصا وأنهما يشكلان معا كتلة نيابية وازنة تتجاوز الثمانين مقعدا، باحتساب المستقلين الذين انضموا إلى كليهما خلال الأيام الماضية.

وقالت أوساط سياسية عراقية في وقت سابق إن الحلبوسي والخنجر يسعيان لتنظيم الخلافات بينهما والتوصل إلى تفاهمات مرحلية تقوم على تقاسم المناصب المخصصة للمكون السني.

ولطالما اتسمت العلاقة بين الحلبوسي والخنجر بالتوتر في ظل صراع محتدم بينهما على زعامة الساحة السنية، وقد بلغ هذا التوتر أوجه خلال الحملة الانتخابية وما أعقبها قبل أن يحاول الحلبوسي امتصاص هذا التوتر والدفع نحو إمكانية عقد صفقة مع الخنجر.

وكان الحلبوسي الطامح لتجديد رئاسته للبرلمان العراقي زار الخنجر السبت في خطوة لا تخلو من براغماتية لاسيما بعد نجاح الأخير في ضم 20 عضوا إلى كتلته النيابية.

ويرى مراقبون أن مبادرة الحلبوسي بالتقارب من الخنجر تعود لإدراكه بأنه بات من المهم محاولة التوصل إلى توافقات معه خصوصا بعد أن نجح الأخير في تعزيز كتلته إلى 34 نائبا، وفي ظل إمكانية واردة أن يتعزز هذا الرقم إلى 40 نائبا، الأمر الذي يجعل من الصعب على القوى السياسية الكبرى تجاهله.

ويشير المراقبون إلى أن الخنجر يبدو أنه قبل مسألة تجديد رئاسة البرلمان للحلبوسي، في مقابل ذلك سيكون على الأخير تقديم تنازلات من قبيل حصول عزم على منصب نائب رئيس الجمهورية.

ويلفت المراقبون إلى أن التسريبات التي تتحدث عن تمسك عزم بعدم التجديد لرئيس تحالف تقدم تندرج في سياق الضغط على الأخير بشأن الحصول على تنازلات.

وكان مصدر مقرب من عزم أكد في وقت سابق لشبكة “روداوو” أن تحالفه متمسك بالحصول على منصب رئيس البرلمان في الدورة المقبلة، خصوصا بعد وصوله إلى عتبة الأربعة وثلاثين مقعدا، ومحتمل أن يصل إلى أربعين مقعدا.

وأوضح المصدر أن “لدى تحالف عزم مرشح لهذا المنصب، من الممكن أن يقدموه ويطالبون برئاسة البرلمان”، من دون تحديد اسمه، مستدركا أن “هذا الموضوع من المبكر الحديث عنه الآن، بل إن تحالف عزم يبني تفاهمات مع تحالف تقدم من أجل أن تكون لديهما كلمة واحدة في البرلمان المقبل بخصوص المكون السني وحقوقه”.
\
وكان تحالف عزم “السنّي”، بزعامة الخنجر، أعلن الأسبوع الماضي عن تشكيل تحالف سياسي “منسجم وقوي” يتألف من 34 نائبا. وذكر عضو تحالف عزم سالم مطر العيساوي في مؤتمر صحافي عقد ببغداد “قررنا تشكيل تحالف سياسي منسجم وقوي من 34 نائبا، قابل للزيادة”.

وأضاف أن من أهداف التحالف الجديد “حق عودة النازحين إلى منازلهم دون قيد أو شرط وتعويضهم، وإيجاد حل جذري لملف المغيبين ومعاقبة مرتكبي هذه الجرائم، فضلا عن إعادة بناء المناطق المحررة من قبل أموال الدولة وليس عبر منح المنظمات وغيرها”، مشيرا إلى أن “الخنجر هو المفوض الوحيد رسميا بالتفاوض في قرارات التحالف”.

ولطالما شكل ملف النازحين والمفقودين إحدى الأوراق التي يحاول من خلالها تحالف عزم دغدغة مشاعر الشارع السني، ولم يحقق حتى الآن أي اختراق بشأنه.

ويشير المراقبون إلى أن التوافق الذي جرى بين الخنجر والحلبوسي بشأن تشكيل وفد تفاوضي موحد، هو مقدمة لتوافقات أشمل بين الطرفين، لكن العبرة بالخواتيم خصوصا في ظل الهوة الواسعة بين الطرفين والتي تغذيها توجهات وارتباطات كل منهما.

وقال النائب عن تحالف تقدم، فهد الراشد في وقت سابق إن “من غير الممكن تشكيل أي تحالف إذا ما كان يصب بمصلحة جميع الأطراف المتحالفة، فضلا عن أن يكون يخدم جماهير المتحالفين، وبالنسبة إلى الفائزين من مرشحي المكون السني العراقي، فيجب أن يتم توحيد وجهات النظر وتوافق الرؤى في ما بينهم، وحتى مع المكونين الكوردي والشيعي“.

وأضاف الراشد، خلال حديثه لوكالة “شفق” نيوز، أن “العملية السياسية لا يدوم فيها صديق ولا عدو، ومسألة التحالف مع عزم ترتبط بمصلحة المكون السني، وإذا كان التحالف مع عزم يصب في مصلحة المكون والبلد بصورة عامة، فبالتأكيد لن تكون هناك خطوط حمراء أو تعارضات بهذا الجانب”.

وشهد العراق في العاشر من أكتوبر الماضي انتخابات تشريعية مبكرة أفرزت تغيرا في موازين القوى حيث تصدر التيار الصدري الاستحقاق بواقع 73 مقعدا، فيما تحصل تحالف تقدم بقيادة الحلبوسي على 37 مقعدا وتحالف دولة القانون بزعامة المالكي على 34 مقعدا.

ومني تحالف الفتح الواجهة السياسية للميليشيات الموالية لإيران بخسارة قاسية حيث لم يتحصل سوى على 17 مقعدا، فيما حصل تحالف عزم على 14 مقعدا.

ورغم هذا التحول في موازين القوى بيد أن هذه النتائج قابلة للتغيير على ضوء السباق الدائر حاليا لاستقطاب القوى الصغرى والمستقلين، وبالتالي فإنه من الوارد أن تضطر القوى السياسية الكبرى لعقد توافقات تنتهي بالإبقاء على منظومة المحاصصات.

العرب