بعد تفاهم الاستخباراتي بين السعودية وإيران قاده جهاز المخابرات الوطني العراقي، أعلن المتحدث باسم جماعة {أنصار الله} الحوثيين، محمد عبد السلام، أن تفاهما سعوديا إيرانيا تم عبر بغداد، نقل بموجبه السفير الإيراني في صنعاء عبر طائرة C130 التابعة للقوة الجوية العراقية إلى بلاده بسبب ظروفه الصحية.
وكتب عبد السلام في تغريدة على تويتر :”تفاهم إيراني سعودي عبر بغداد تم بموجبه نقل السفير الإيراني بصنعاء على متن طائرة عراقية وذلك لظروفه الصحية”.
وكالة فرانس برس نقلت عن مسؤول سعودي رفيع المستوى أن السفير الإيراني لدى اليمن غادر صنعاء السبت في طائرة عراقية، سمح لها السعوديون بالهبوط والإقلاع بعد وساطة عراقية. وأشارت إلى أن مغادرته صنعاء كانت بطلب من الحوثيين وفي ظل ظروف غامضة إذ لم تتضح الأسباب وراء رغبة الحوثيين في رحيل السفير.
وقد كانت عملية سحب السفير الإيراني في صنعاء بطلب إيراني من العراق، وهذا الطلب فقد تعتبر خطوة لإحداث انفراجة في مسار مشاورات السعودية وإيران المتوقفة، كما تعتبر بادرة قد يبنى عليها تطور إيحابي.
هذا الانجاز الاستخباراتي العراقي، يعود في الأساس إلى رؤية مصطفى الكاظمي رئيس وزراء العراق، الذي يتبنى منذ رئاسة حكومة العراق، دبلوماسية الانفتاح مع دول الجوار الإقليمي، وأن يكون العراق وسيطًا نزيهًا في الحل الخلافات والصراعات بين دول الإقليم.
فدبلوماسية الكاظمي الإقليمية قائمة في الحفاظ على علاقات متوازنة مع جميع الدول، فالكاظمي يدرك أن إمكانات العراق وموارده الطبيعية وموقعه الجغرافي المتميز قد تعطي للعراق دوراً يكون بموجب هذا الدور حلقة الوصل بين المتخاصمين، وما حصل في بغداد من مؤتمرات ولقاءات هو بداية عودة العراق إلى أن يلعب هذا الدور.
ويدرك الكاظمي أيضًا من أجل دبلوماسية إقليمية فاعلة لابد من استقرار داخلي ورؤيا مشتركة بين السياسيين لإدارة البلاد في المرحلة المقبلة، وهذا يعطي توجهاً ودافعاً أقوى باتجاه أن يجعل العراق لاعباً أساسياً في المنطقة العربية والشرق الأوسط، لكن إذا ما كان هناك اختلاف في التوجهات ووجهات النظر داخلياً فهذا يعيق أو يجعل هنالك عراقيل أمام عودة العراق للعب دور مهم.
مع الوساطة العراقية الحالية، يمكن القول أن العراق في عهد مصطفى الكاظمي انتقل من مرحلة الفعل ورد الفعل أو من امتصاص الصدمات إلى المبادرة وتقديم طروحات تتعلق بواقع المنطقة بشكل عام، كونها تؤثر بشكل مباشر في الواقع العراقي.
فالمشاركات التي يمتلكها العراق مع الجميع ممكن أن يتعكز عليها ويخلق مساحة يوجد فيها الجميع وفق المصالح المشتركة والاحترام المتبادل. فقد أثبتت قمة بغداد الأخيرة أن مفاهيم جديدة كانت غائبة عن العراق، أو أن البلاد كانت منشغلة في معالجة قضاياها داخلياً من دون الانتباه للخارج، وهي اليوم ترى جذوراً لتلك الأزمات والمشاكل مع الخارج.
أن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي اعتمد على توسيع الأطراف المهتمة بالعراق، وهذا ما ولَّد حالة من التعاطف مع العراق في كل القضايا، كما أن سياسة الكاظمي في الاعتماد على القوى الناعمة من شأنها أن تضعف الأدوار السلبية لقوى إقليمية في البلاد، وهذا يحسب له ويجب أن يساعده الجميع على ذلك.
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية