التجار يخرجون عن صمتهم ويطالبون أردوغان بتعديل سياساته النقدية

التجار يخرجون عن صمتهم ويطالبون أردوغان بتعديل سياساته النقدية

إسطنبول – دقت جمعية رجال الأعمال الأتراك جرس الإنذار محذّرة في بيان لها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من مخاطر مواصلة السياسة النقدية ومن أن الضرر لم يعد محصورا في قطاع الأعمال بل صار يهدد معيشة المواطنين.

وبذلك خرج التجار الأتراك -الذين عادة ما يَحْذرون من الخوض في الشأن السياسي- عن صمتهم، في تحد قد يكون الأول من نوعه للرئيس أردوغان الذي عجز عن الرد بمفردات اقتصادية معاصرة فاستعان بالتفسيرات الدينية المتعلقة بالربا وتحريمه في الإسلام.

وقال البيان “إن الخيارات السياسية التي تم تنفيذها لم تخلق صعوبات جديدة لعالم الأعمال فحسب بل لمواطنينا كذلك،” مشيرا إلى “تحذيراتها (الجمعية) من مخاطر حدوث انخفاض كبير في قيمة الليرة والتضخم المتسارع والضغط على الاستثمارات والنمو والتوظيف وإفقار بلادنا”.

وحثت الجمعية على إعادة النظر في السياسة النقدية وعلى وجوب “تقييم الأضرار التي لحقت بالاقتصاد والعودة إلى المبادئ الاقتصادية التي تم وضعها في إطار اقتصاد السوق”.

ويأتي البيان شديد اللهجة ردا على تمسك أردوغان بمواصلة الدعوة إلى خفض أسعار الفائدة، ويمثّل إشارة ذات دلالات خطيرة -من قبل الجمعية التي تمثل حوالي 85 في المئة من شركات التصدير- إلى ضرورة تصحيح السياسة النقدية التي تدفع الاقتصاد والبلد نحو الهاوية.

وتراجعت الليرة التركية مجددا صباح الاثنين؛ إذ فقدت أكثر من 8.5 في المئة من قيمتها مقابل الدولار، مما دفع السلطات إلى تعليق التداول في البورصة عصرا بشكل مؤقت، وذلك للمرة الثانية منذ يوم الجمعة.

الأتراك يسعون لاستبدال عملتهم المحلية بالدولار والذهب حفاظًا على قدرتهم الشرائية

وتواصل الليرة التركية تراجعها إلى مستويات قياسية، وبلغ سعر الصرف 18 ليرة للدولار، لتخسر أكثر من 45 في المئة من قيمتها مقابل الدولار منذ بداية نوفمبر الماضي.

ويأتي التراجع الجديد للعملة المحلية غداة تصريحات أدلى بها الرئيس التركي -نشرت مساء الأحد، لكنها سُجلت السبت- وأكد فيها أنه لن يرفع أسعار الفائدة من أجل تثبيت سعر الصرف.

وعزا أردوغان قراره إلى تعاليم الإسلام الذي يحرم الربا، وقال “كمسلم، سأفعل ما يأمرني به ديننا” و”إن شاء الله سينخفض التضخم في أسرع وقت ممكن”.

وبذلك يكون أردوغان قد رد على جمعية رجال الأعمال الأتراك التي ناشدته في نهاية الأسبوع الماضي التحرك لمواجهة الأزمة، وتابع قائلا “إنهم يشتكون من خفض سعر الفائدة. لكن لا تنتظروا مني شيئًا آخر”.

وفيما يضغط الرئيس على البنك المركزي -الذي أقال ثلاثة من حكامه منذ -2019 لخفض معدل فائدته البالغ حاليا 14 في المئة وصل معدل التضخم السنوي إلى 21 في المئة، وقد يبلغ 30 في المئة خلال الأشهر المقبلة، وفقًا لخبراء الاقتصاد.

لكن المعارضة تتهم مكتب الإحصاء الوطني بتعمد التقليل إلى حد كبير من زيادة الأسعار، إذ شهدت أسعار السلع الأساسية -مثل زيت عباد الشمس- ارتفاعا بنسبة 50 في المئة خلال عام.

ويسعى الأتراك لاستبدال عملتهم المحلية بالدولار والذهب حفاظا على قدرتهم الشرائية.

وأشارت منظمة رجال الأعمال إلى ذلك مستنكرة “فقدان الثقة والبيئة غير المستقرة”، وأكدت أن “الطلب الهائل على العملات الأجنبية يعرقل سائر التوازنات الاقتصادية”.

وتم تداول صور على نطاق واسع والتعليق عليها مؤخرا في تركيا، وتظهر هذه الصور طوابير طويلة أمام مستودعات الخبز المدعومة من قبل بلديات المعارضة، في أنقرة وإسطنبول بشكل خاص، حيث يباع الخبز بنصف سعر السوق.

وتملك بلدية إسطنبول محل “هالك إكمك” أي “خبز الشعب” الذي يقدم خبزه الخاص بسعر مخفّض منذ عام 1978. ويبلغ سعر الخبز الذي يزن 250 غراما 1.25 ليرة تركية (حوالي 6 سنتات من اليورو) مقارنة بالأسعار التي تفوق 2.5 ليرة في بقية المحال حيث يزن الرغيف أحيانا 210 غرامات فقط.

ويؤكد الرجل الخمسيني بيرم دومان أن “الأسعار ارتفعت بشكل كبير عند الخبازين. والناس يتدفقون باستمرار”. ويكافح العمال لتلبية الطلب على الخبز الذي يبيعه كشك “هالك إكمك” في حي كارتال الشعبي في الضواحي الشرقية للمدينة.

ورفع الرئيس الخميس الحد الأدنى للأجور بنسبة 50 في المئة إلى 4250 ليرة (240 يورو) اعتبارا من العام المقبل.

وقد خسرت الليرة التركية أكثر من 57 في المئة من قيمتها مقابل الدولار منذ بداية يناير، وأدى هذا الانهيار إلى ارتفاع غير محتمل في الأسعار، في ظل اعتماد الدولة بشكل كبير على الواردات، وخصوصا ما تعلق منها بالمواد الأولية والطاقة.

العرب