روسيا.. التضخم يعكر أجواء الاحتفال بأعياد الكريسماس

روسيا.. التضخم يعكر أجواء الاحتفال بأعياد الكريسماس

موسكو- على أبواب العام الجديد، يتصدر ارتفاع أسعار جميع حديث المواطنين الروس. وأصبحت الأزمة الاقتصادية قضية الساعة هذا العام، والمشكلة الرئيسية للمواطنين والاقتصاد الروسي، على ضوء التسارع الملحوظ في التضخم وتراجع سعر العملة المحلية مقارنة مع العملات الصعبة.

ويرجع خبراء الاقتصاد تسارع التضخم في روسيا بشكل حاد إلى ارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية وتعطل سلاسل التوريد المرتبطة بوباء فيروس كورونا وعوامل أخرى.

الذروة
وخلال الشهر الماضي، صرح وزير التنمية الاقتصادية مكسيم ريشيتنيكوف بأن الوزارة زادت من سوء توقعات التضخم في روسيا لعام 2021 من 7.4-7.9% إلى 8.4% أو أكثر. ووفقا له، فإن التضخم في روسيا الآن في ذروته.

وتؤكد وزارة التنمية الاقتصادية أن تسارع التضخم العالمي ومحدودية المعروض من بعض السلع في السوق المحلية تعد من العوامل الرئيسية وراء تسارع ارتفاع الأسعار في الأشهر الأخيرة.

وحسب تقديراتها، فإن ديناميكيات التضخم ستعتمد بشكل أساسي على توقيت استقرار أسعار الطاقة في أوروبا وتكلفة النقل والوضع في أسواق السلع.

حلول
ومن أجل كبح جماح التضخم وإشباع السوق بالمنتجات الضرورية، اقترحت الوزارة على الحكومة تنفيذ مجموعة من الإجراءات، على رأسها الإعانات والقروض التفضيلية وحصص التصدير والرسوم. وقالت الوزارة إن هذه الإجراءات مكملة لأدوات السياسة النقدية للبنك المركزي.

في المقابل، تشير مواقع متخصصة بالدراسات الاقتصادية إلى أنه رغم تأكيد الهيئة الفدرالية لإحصائيات الدولة (روسستات) على حدوث تباطؤ في التضخم، وسريان خطة الدولة بتحقيق هدف يصل إلى 4% في وقت مبكر من العام المقبل، إلا أن ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية يتواصل بسرعة في البلاد.

وعلى عكس “روسستات”، التي تحسب التضخم الشهري وفقًا لسلة افتراضية تشمل عدة مئات من السلع والخدمات من حفاضات الأطفال إلى إنتاج التوابيت، قام موقع “رامبلر فينانس” بتشكيل مؤشر لانكماش السلع الاستهلاكية على أساس 15 مليون عملية شراء قامت بها الأسر الروسية في الفترة 2008-2020.

وحسب النتيجة التي خلص إليها، تبين أن التضخم المحسوب بهذه الطريقة هو ضعف الرقم الرسمي لـ”روسستات” في نوفمبر/تشرين الثاني، مما يعطي روسيا مؤشرا سلبيا من حيث النمو بين الأسواق الناشئة، وفقا للموقع.

وتم تسجيل التضخم فوق معدل 17% في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، في حين أنه في تركيا 21.3%، وفي الأرجنتين 51.2%، بالإضافة إلى عدد من الدول الأفريقية والبلدان التي على وشك الانهيار الاقتصادي (السودان 351%، سوريا 139%، فنزويلا 1198%).

كما أن الروس أنفسهم، الذين يتم استطلاع رأيهم من قبل البنك المركزي على أساس شهري، يقيمون التضخم بطريقة “رامبلر فينانس” نفسها تقريبًا. فاعتبارًا من ديسمبر/كانون الأول الجاري، بلغ مستوى النمو الملحوظ في الأسعار 17.7% مقابل 12.8% بداية العام و8.3% قبل بداية الوباء.

في الوقت نفسه، يعتقد واحد من كل 5 مواطنين (18% تقريبًا من سكان البلاد) أنها على وشك التضخم المفرط مع زيادة الأسعار بنسبة 30% أو أكثر، وذلك حسب موقع “فينانس رو”. وأحد المؤشرات على ذلك، قيام بنك روسيا برفع سعر الفائدة الرئيسي 7 مرات منذ بداية العام. كما قام أيضًا بمراجعة توقعاته الخاصة بالتضخم بالزيادة 4 مرات من 3.5-4% في بداية العام، إلى 7.4-7.9% في نهايته.

وفي اجتماع تم عقده يوم 17 ديسمبر/كانون الأول الجاري، رفع البنك المركزي سعر الفائدة الرئيسي إلى 8.5%، وهو أعلى مستوى منذ 2017، وحذر من أنه سيفكر في المزيد من التشديد.

وكتب محللون ماليون -من “رايفايزن بنك” في روسيا- أن المستثمرين لا يؤمنون حتى الآن ببداية الاتجاه المعاكس للتضخم، على خلفية الارتفاع المستمر في أسعار المواد الخام والمنتجات الغذائية في العالم.

تفاؤل مفرط
أما رئيس قسم العمليات التجارية في سوق الأسهم الروسية، غيورغي فاشينكو، فيؤكد أن التوقعات بانخفاض التضخم إلى أقل من 5% هو تفاؤل مفرط، وأنه بمرور الوقت، سيتعين على المواطنين ورجال الأعمال التكيف مع ظروف الاقتصاد الكلي الجديدة، والتعايش مع التضخم المتزايد.

أما في سوق العمل، فصُنف نحو 3.3 ملايين شخص في سن 15 عاما فما فوق على أنهم عاطلون عن العمل، وبلغ معدل البطالة للسكان الذين تبلغ أعمارهم 15 عامًا فأكثر في أكتوبر/تشرين الأول الماضي 4.3%، حسب معطيات الشهر، في حين أكدت تاتيانا غوليكوفا نائبة رئيس الوزراء الروسي أن عدد العاطلين عن العمل المسجلين رسميا قد تراجع إلى نحو مليوني شخص منذ بداية عام 2021.

وحسب بيانات وزارة العمل الروسية، تم تسجيل 1.1 مليون مواطن عاطل عن العمل في خدمة التوظيف، منهم 0.8 مليون عاطل عن العمل، و0.6 مليون حصلوا على إعانات البطالة، وذلك بحلول نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2021.

وتستخدم الوزارة عند دراسة العمالة والبطالة منهجية منظمة العمل الدولية، التي بموجبها يكون العاطلون عن العمل هم أولئك الذين كانوا في وقت الدراسة بحاجة إلى وظيفة، وكانوا يبحثون عنها ومستعدون لبدء العمل فيها.

آراء المواطنين
وفقًا لمسح أجرته مؤسسة “الرأي العام” ونشرته وكالة “إنترفاكس”، فإن ما يقرب من نصف مواطني الاتحاد الروسي (45%) يقيمون الوضع الاقتصادي الحالي في البلاد بشكل سلبي، و43% يرونه مُرضيا، و5% فقط منهم يعدونه جيدًا.

وتظهر بيانات المسح أن الشباب الحاصلين على تعليم عالٍ وفي الوقت نفسه يعانون من ضائقة مادية يقدمون تقييما سلبيا أكثر من غيرهم.

وأظهرت الدراسة أنه وفقًا لـ59% من الروس، فإن الوضع الاقتصادي في البلاد مستمر في التغير نحو الأسوأ، وأن 69% من المشاركين باستطلاع الرأي الذين تتراوح أعمارهم بين 31-45 عاما يعتقدون ذلك.

كما أن 14% من الروس على استعداد للاعتقاد بتحسن إضافي للوضع الاقتصادي. ومعظم هؤلاء المتفائلين من بين المستطلعين الذين تزيد أعمارهم على 60 عامًا. أما 17% من الروس، فعلى يقين من أن الوضع الاقتصادي الحالي لن يتحسن أو يسوء.

المصدر : مواقع إلكترونية