عدن – وصف محللون سياسيون قيام المتمردين الحوثيين باختطاف سفينة شحن تحمل العلم الإماراتي في البحر الأحمر قبالة سواحل مدينة الحديدة، بالتحول الخطير في الحرب الدائرة منذ نحو سبع سنوات في اليمن.
واعتبر محللون أن الخطوة الحوثية هي محاولة للرد على الانتكاسات التي تواجهها الجماعة المتمردة في أكثر من جبهة ولاسيما في محافظة شبوة الغنية بالنفط، مشيرين إلى أن الأمر لا يخلو كذلك من رسائل إيرانية حيث تسعى طهران للضغط على المجتمع الدولي مع بلوغ المفاوضات النووية مرحلة متقدمة.
وقال الكاتب الصحافي عمر حسن إن “تحول الصراع باتجاه الموانئ والمياه الإقليمية والممرات الدولية ستكون له عواقب وتبعات خطيرة”.
وأوضح أن “هذه العواقب لن تكون على مستوى اليمن والدول المجاورة، ولكن ستشمل حركة الملاحة البحرية والتجارة الدولية، خاصة وأنها قريبة جدا من مضيق باب المندب (جنوب البحر الأحمر) وهو من أهم المضايق العالمية، وتمر منه قرابة 5 ملايين برميل نفط يوميا إلى الولايات المتحدة ودول أوروبا”.
وأعلن التحالف العربي بقيادة السعودية الاثنين عن قيام الميليشيات الحوثية باختطاف سفينة شحن ترفع العلم الإماراتي قبالة الحديدة.
تركي المالكي: يجب على الميليشيا الحوثية إخلاء سبيل السفينة روابي
وأوضح المتحدث باسم قوات التحالف العميد الركن تركي المالكي أن “ميليشيا الحوثي اختطفت سفينة الشحن ‘روابي’ قبالة ميناء الحديدة”، مشيرا إلى أن “عملية القرصنة الحوثية على سفينة الشحن ‘روابي’ المختطفة قبالة الحديدة تمثل تهديدا حقيقيا لخطر ميليشيا الحوثي على الملاحة البحرية في باب المندب”.
وأضاف المالكي أن سفينة الشحن “كانت تقوم بمهمة بحرية من جزيرة سقطرى” اليمنية إلى ميناء جازان (في جنوب السعودية) وتحمل على متنها “معدات ميدانية خاصة بتشغيل المستشفى السعودي الميداني بالجزيرة بعد انتهاء مهمته وإنشاء مستشفى بالجزيرة”.
ولفت إلى أن حمولة السفينة تشمل “عربات إسعاف، ومعدات طبية، وأجهزة اتصالات، وخياما، ومطبخا ميدانيا، ومغسلة ميدان، وملحقات مساندة فنية وأمنية”، لافتا إلى أن التحالف سيتخذ “كافة الإجراءات والتدابير اللازمة للتعامل مع الانتهاك الحوثي لسفينة الشحن ‘روابي’ بما في ذلك استخدام القوة عند الاقتضاء”.
وأكد المتمردون في وقت لاحق احتجاز السفينة التي قالوا إنها تحمل معدات عسكرية سعودية متوجهة إلى ميناء جازان متوعدين بالرد على أي محاولة للتصعيد، مشيرين إلى أن طاقم السفينة الذي يضم “جنسيات دولية مختلفة” مازال موجودا على متنها.
وأشار متابعون إلى أن هذا التصعيد رسالة ابتزاز حوثية تؤكد اعتزام الميليشيات المدعومة من إيران تكثيف عمليات القرصنة في الممر الملاحي الدولي، بالتوازي مع الإصرار على استخدام ناقلة النفط “صافر” قبالة ميناء الحديدة كقنبلة موقوتة لابتزاز العالم والتلويح بإغلاق الممر الملاحي الدولي في البحر الأحمر.
ويواجه الحوثيون انتكاسات ميدانية في جبهات عدة بينها محافظة شبوة الواقعة في جنوب شرق اليمن، حيث فقدوا مؤخرا السيطرة على مديرية عسيلان بعد أن استعادته ألوية العمالقة الجنوبية، ويتخوف المتمردون من أن تؤدي هذه الخسائر إلى اختلال موازين القوى لصالح الشرعية وأن يفقدوا الإنجازات التي حققوها عسكريا لاسيما في محافظة مأرب (آخر معاقل الحكومة في الشمال).
وهذه ليست المرة الأولى التي يعمد فيها الحوثيون إلى قرصنة سفن في المياه الدولية حيث سبق وأن قاموا في العام 2019 باحتجاز قاطرة بحرية سعودية، وسفينة تابعة لكوريا الجنوبية شمالي مدينة الحديدة على متنها 16 بحارا، قبل أن يجري الإفراج عنهما بعد ثلاثة أيام.
وجاء حادث اختطاف القاطرة السعودية والسفينة الكورية حينها بعد إعلان تحالف عسكري بحري بقيادة الولايات المتحدة عن تحرك لحماية الملاحة في منطقة الخليج والبحر الأحمر من اعتداءات تعرضت لها سفن، واتُّهمت إيران بالوقوف خلفها.
ويرى المراقبون أنه كلما اشتد الضغط على المتمردين يعمدون إلى القيام بعمليات نوعية على أمل ترجيح الكفة لصالحهم، معتبرين أن اختطاف سفينة “الروابي” ينطوي على حرفية كبيرة الأمر الذي يشير إلى أنهم حصلوا على مساعدة مباشرة من إيران.
وقال الكاتب والناشط السياسي اليمني عماد هادي إن “احتجاز هذه السفينة عمل فوق قدرة الحوثيين”. ورجح هادي “أن تكون إيران هي التي قامت بهذا العمل، وطلبت من وكلائها الحوثيين تبني الحادثة”.
وتدعم إيران الحوثيين في مواجهة القوات الموالية للحكومة الشرعية، والمسنودة بتحالف عربي تقوده السعودية منذ مارس 2015.
وحذر من “خطورة انتقال الصراع إلى مشاركة إيران وتحول مسرح الحرب إلى البحر والموانئ اليمنية”. وأردف “سبق وأن قصفت إيران منشآت سعودية وأعلن الحوثيون أنهم هم الذين قصفوها دون أن يكون لهم أي دور سوى الإعلان”.
ونقلت مصادر إعلامية مقربة من التحالف العربي في وقت لاحق نقلا عن شهود عيان في مدينة الحديدة قيام الحوثيين بنقل أسلحة للسفينة التي تمت قرصنتها، في محاولة لتبرير الهجوم الحوثي عليها.
وأكد مسؤول أميركي في الخليج أن “عملية الاستيلاء غير عادية. يبدو أنها أول حالة معروفة لاستيلاء الحوثيين على سفينة تابعة للتحالف بقيادة السعودية منذ أكثر من عامين”.
وجاء التصعيد الحوثي بعد ساعات من قصف التحالف العربي الذي تقوده السعودية معسكر السوادية في محافظة البيضاء الذي يقول التحالف إن عمليات إطلاق الصواريخ الباليستية التي استهدفت قوات العمالقة الجنوبية في شبوة انطلقت منه.
ويتوقع المراقبون أن يرفع اختطاف الحوثيين لسفينة الشحن الإماراتية التوتر إلى مستوى جديد، في الوقت الذي سيرسخ فيه الهجوم الحوثي على السفينة في المياه الدولية مخاوف المجتمع الدولي إزاء الدور الذي يقوم به المتمردون في تهديد خطوط الملاحة الدولية.
ويرى البعض أن اختطاف الحوثيين لسفينة الشحن في المياه الدولية في البحر الأحمر قد يدق مسمارا في نعش اتفاق السويد، حيث يمنح هذا الاعتداء الحق للتحالف العربي في تنفيذ عملية عسكرية في الحديدة التي انطلق منها الهجوم ومينائها الذي قاد الحوثيون السفينة إليه بعد اختطافها.
وأدان عدد من الدول العربية بينها مصر والأردن والبحرين اختطاف السفينة، ودعت إلى إطلاقها فورا.
واتُهم الحوثيون مرارا باستخدام زوارق مفخخة لمهاجمة سفن ومرافئ ومنشآت نفطية سعودية على البحر الأحمر. والأسبوع الماضي قال المالكي إنّ الحوثيين شنوا 247 هجوما بواسطة ألغام بحرية و100 هجوم بزوارق مفخخة منذ يناير 2017.
العرب